اللاعقلانية حسب التعريف المعتمد في هذا المقال: هي الأفكار والممارسات المخالفة للعقل البشري، ومع إدراكي أن العقول مختلفة ولا يمكن أن يكون العقل مصدراً وحيداً للحكم على ما حولنا، إلا أني أعتقد أن «لاعقلانية» هذا الزمان أصبح اكتشافها من الأمور البدهية، خصوصاً وأن آثارها واضحة مع كثرة قنوات التعبير عن الأفكار، بالإضافة إلى أن «اللاعقلانية» سبب رئيس لمجموعة من الأمراض النفسية والقرارات الخاطئة، عندما يعيش اللاعقلاني أسيراً لدوامة من التناقضات التي لو بررها اليوم فلن يستطيع تبريرها غداً، ومن مظاهر اللاعقلانية في مجتمعنا اليوم: * مهاجمة التربويين والادعاء بأن المدرسة أصبحت طاردة لطلابها، لماذا؟ لأن الطلاب ينتظرون قرار تعليق الدراسة كل ليلة ويفرحون بذلك! ولو فكر هذا المهاجم بقليل من المنطق لعلم أنه لا يمكن أن يفضّل الطالب الجلوس بين أسوار المدرسة مع ضرورة الانضباط والتكليف بالأعمال، على ساعات من النوم في أجواء باردة أو القيام بنزهة برفقة من يحب! حتى في الدول المتقدمة تربوياً فالفرح بالإجازة السعيدة والخروج من بوابة المدرسة شاهد على ذلك! * المطالبة بشكر مسؤول يعالج تقصيره -وفريقه- طوال العام في الاستعداد لمخاطر السيول، فإذا ظهرت نتيجة الإهمال وخلل الرقابة، بدأ يجري هنا وهناك لمعالجة ما يمكن معالجته، مطالبة الأحبة في العلاقات العامة الذين ينشرون صور وقفات سعادته بالشكر والتقدير لا عقلانية واضحة، والأمر الطبيعي أن يقال: يداك أوكتا وفوك نفخ يا صاحب السعادة! * من يريدنا أن نهاجم معه الدفاع المدني الذي قصّر في إنقاذه من نتائج مغامرته المجنونة التي دفعته لمخالفة العقل والشرع بالنزول في مجاري السيول من أجل صورة احترافية أو مقطع فيديو لم يسبق إليه، حقك -يا عزيزي- أن تُوبّخ وتحاسب لا أن نقف معك في لاعقلانيتك! * من يريد أن نصفق له ونهنئه على إبداعه، وهو لا يملك من المواهب في هذه الحياة إلا سرقة سيارة والده أو سيارته التي أخذها بالتأجير ليتلاعب بها في أماكن التفحيط وتجمعات الأشخاص غير الطبيعيين بعد كل نزول للغيث، فهذا يذكرني بمبدع الإبر الذي قال له الخليفة هارون الرشيد «أعطوه مائة درهم واجلدوه مائة جلدة». هذه نماذج فقط ولا نقول: إلا كفانا المولى وإياكم شر كل لا عقلاني ولا عقلانية، فالتعامل معهم مرهق وشاق لأن الأساس متباين.