وزير النقل يقف على الاستعدادات لاستقبال الحجاج في المدينة المنورة    تنفيذ 12 مشروعًا مائيًا وبيئيًا بقيمة 1.5 مليار ريال بالمنطقة الشرقية    «سلمان للإغاثة» ينفذ 3 مشاريع طبية تطوعية في محافظة عدن    الفيضانات تغرق مدينة بالبرازيل    سعود بن مشعل يكرم متميزي مبادرة منافس    وكيل محافظة محايل يقف على حريق المفروشات    محمد بن ناصر يكرم 20 متميزا ومتميزة    فيليب موريس إنترناشيونال تعلن نتائج الربع الأول من عام 2024.. وتحدّث الدليل الإرشادي لكامل العام    مركز التحكيم التجاري الخليجي يطلق مبادرة "الأسبوع الخليجي الدولي للتحكيم والقانون"    القبض على شخص لترويجه مادة الحشيش المخدر بالمنطقة الشرقية    محمد بن ناصر يقلّد اللواء الحواس رتبته الجديدة    هواوي تُعيد تأكيد التزامها بالإبداع والموضة في حدث إطلاق المنتجات المبتكرة الذي شمل الأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة والمزيد    انطلاق المؤتمر الوطني السادس لكليات الحاسب بجامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل    إثراء" يسرد رحلة الأفلام السعودية في 16 عام عبر "متحف حكاية المهرجان"    «استرازينيكا» تسحب لقاحها ضد كوفيد-19 بسبب «تراجع الطلب»    صالات مخصصة ل"طريق مكة" في 11 مطاراً ب7 دول    فيصل بن نواف يدشّن حساب جمعية "رحمة" الأسرية على منصة X    سجن مواطن 15 عامًا لترويجه وحيازته الإمفيتامين    «أبشر»: تحديثات مجدولة للأنظمة يوم الجمعة.. لمدة 12 ساعة    أنباء متضاربة عل حول «صفقة الهدنة»    وزير التجارة يزور تايلند لبحث تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين    مختص يحذر من الاحتراق الوظيفي ويشدد على أهمية توفير وحدات لقياسه داخل بيئات العمل    بدر بن عبدالمحسن: أمير الشعراء وصوت البسطاء    ارتفاع المخزونات الأمريكية يهبط بالنفط    أول مصنع لإنتاج القهوة في جازان    توطين وتخطيط.. أدوار الهيئة السعودية للمياه    برعاية وزير الإعلام.. تكريم الفائزين في «ميدياثون الحج والعمرة»    مهما طلّ.. مالكوم «مالو حلّ»    الهلال على أعتاب لقب الدوري (19)    أمير الشرقية ونائبه يتلقيان تهاني الرزيزاء بتأهل القادسية لدوري روشن    محمد عبده اقتربت رحلة تعافيه من السرطان    4 أمور تجبرك على تجنب البطاطا المقلية    وزير الخارجية الأردني ونظيره الأمريكي يبحثان الأوضاع في غزة    بدء أعمال ملتقي تبوك الدولي الأول لتعزيز الصحة    أمير المدينة يرعى حفل تخريج الدفعة ال60 من طلاب الجامعة الإسلامية    أمين الرياض يحضر حفل سفارة هولندا    الشورى يدعو لتحديث كود البناء السعودي    بيئةٌ خصبة وتنوّعٌ نباتي واسع في محمية الملك سلمان    «التواصل الحضاري» يعزز الهوية الوطنية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يُجري جراحة تصحيحية معقدة لعمليات سمنة سابقة لإنقاذ ثلاثيني من تبعات خطيرة    استقبل مواطنين ومسؤولين.. أمير تبوك ينوه بدور المستشفيات العسكرية    الاتحاد يطرح تذاكر مواجهة الاتفاق .. في الجولة 31 من دوري روشن    الأول بارك يحتضن مواجهة الأخضر أمام الأردن    بدر الحروف    بونو: لن نكتفي بنقطة.. سنفوز بالمباريات المتبقية    المدح المذموم    البدر والأثر.. ومحبة الناس !    تغريدتك حصانك !    ديميرال: اكتفينا ب«ساعة» أمام الهلال    اختتام دور المجموعات للدوري السعودي الممتاز لكرة قدم الصالات في "الخبر"    انتهاك الإنسانية    الأمير خالد بن سلمان يرعى تخريج الدفعة «21 دفاع جوي»    ولي العهد يعزي هاتفياً رئيس دولة الإمارات    الاحتلال يتجاهل التحذيرات ويسيطر على معبر رفح    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    ريادة إنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقة بين دولة الإسلام وأي دولة أخرى قائمة على السلم لا الحرب
مفكر إسلامي يشرح إشكالية العالم الإسلامي:
نشر في اليوم يوم 20 - 11 - 2015

أكد المفكر الإسلامي الدكتور سيد نافع سليمان، أن تجديد الفكر الديني مسؤولية ضرورية في الوقت الراهن، لمعالجة أوجه القصور التي يستغلها أصحاب الهوى لتمرير مخططات الفتنة والتكفير، داعياً العلماء لتجديد الخطاب الدعوي بما يتلاءم مع واقع الحياة ويلامس هموم الناس.
وبينما قال إن العالم الإسلامي يعيش حالة تشتت فكري وخلل خلقي، نتيجة فقدان الهوية الإسلامية، والوقوع في بؤرة الصراع بين التقدم الحضاري والقيم الدينية، نافياً أن يكون الضمير الإنساني بديلاً عن الدين. أضاف أن التطرف مأساة حقيقية، متهماً من يتحدث عن فكرة «الخلافة» برفع مجرد شعار دون إيضاح المفهوم الصحيح وآلية الوصول اليه. وقال إن المقصود بالخلافة، هو عودة وسيادة المنهج الإلهي الذي يرسي العدالة والمساواة والحرية وخاصة العقدية، وأكد أن الخلافة ليست نظاما سياسيا محددا.. فأي نظام سياسي يحقق تلك الأسس ويرسى المنهج فهو لب الخلافة.. التي هي في الأساس منهج ولا تعني فتحاً وغزوات كما يعتقد البعض.. كما أكد أن الإسلام جاء بقضيتين أساسيتين: التوحيد، وتحقيق العدالة والمساواة بين الناس.
ورداً على إشكالية «الجهاد» في الإسلام، أوضح د. نافع، أن العلاقة بين دولة الإسلام وأي دولة أخرى، قائمة أصلاً على السلم وليس الحرب، وأشار إلى أن «ابن تيمية» خلص في كتبه عن «رسالة القتال» و «الجهاد» إلى أن الحرب طارئ لدفع الضرر والاعتداء.
(اليوم) التقت الدكتور سيد نافع، وكان هذا الحوار:
إشكالية المسلمين
 هل توضح لنا بإيجاز، إشكالية العالم الإسلامي في الوقت الراهن؟
العالم الإسلامي يعيش بالفعل حالة من التشتت الفكري والاختلال الخلقي هذا هو مجمل الأمر وبالتالي دخلت الفلسفات والأفكار الغربية بكل إيجابياتها وسلبياتها الى قلوب وعقول الشباب المسلم لتحل محل منظومة الأفكار والمعتقدات والثوابت التي كانت تميز المجتمعات الإسلامية والعربية وتصقلها بروح الأصالة وطغت المادية على الحياة فأفسدتها ولم يبق إلا اليسير من ثوابت العالم الإسلامي فذابت الحضارات الشرقية العتيقة في طوفان وبريق الحضارة الغربية التي هي بالأساس حضارة المادة، لا شك أن هذا الجانب مهم جدا لتستمر الحياة لكن الجانب الآخر للحضارة يتمثل في الجانب الخلقي وأهم رافد للأخلاق هو الدين.
ولا يمكن أن يكون الضمير الإنساني بديلاً عن الدين الذي ينمي الجانب الروحاني في حياة الناس والذي بفقده يفقد الإنسان اتزانه النفسي والروحي ويصاب بالتشتت والضياع مهما امتلك المادة والعلم وبالتالي هناك غياب حقيقي لأثر الدين في المجتمعات الغربية والشرقية على السواء نتيجة لأسباب عدة، منها تسطيح وتخلف الخطاب والفكر الديني وهو ما تسبب في تخلف المسلمين وتبعيتهم الكاملة وعدم تأثيرهم في مسيرة الحضارة الإنسانية.
أزمة الهوية
 البعض يرى أن من أسباب أزمة العالم الإسلامي، أنه يعيش أزمة هوية، وأنه يتناقض ما بين التحديث أو التغريب، وما بين ميراثه الذي لم يستطع تجاوز سلبياته.. كيف ترى ذلك؟
أتفق معك تماماً فالعالم الإسلامي يعيش أزمة هوية حقيقية قديماً كان للشرق بريقه وسحره وهدوؤه وطمأنينته، كانت البلاد العربية والإسلامية لها مذاق خاص يختلف عن الغرب الذي كان وما زال تطغى عليه القيم المادية البحتة وتكاد تختفي فيه القيم الروحية.
ولما ظهر الفهم الخاطئ وهو ما يعبرون عنه بالصحوة الدينية كانت للأسف صحوة ظاهرية تتقعر في فهم النصوص وتصبغ المجتمعات بواقع مادي ظاهري وسلوك وفهم عقيم أدى الى اشكاليات كبيرة تهدد الهوية الصحيحة، وما تفعله فرق تبنت الفهم الظاهري للنص واجتزأت فهم القضايا الكلية بنصوص بعينها دون فهم مجمل النصوص أنتج لنا «دواعش» العصر.
وسط كل ذلك، تجذرت اشكالية الهوية، دون وعي بأن الدين مبادئ وأفكار ومتعقدات قبل أن يكون عبادات ومعاملات. وبالتالي فإن فرق الإسلام السياسي ليست هي الحل لمشكلة الهوية بل هي جزء من المشكلة، الهوية تتحقق بالفكر والعلم، ولن تتأصل الهوية في ظل الإسلام السياسي ولن تنعم المجتمعات بحياة ديمقراطية صحيحة طالما استمرت التقسيمات وتعارضت الهويات داخل المجتمع الواحد.
الخطاب الديني
 كثيرون يحمّلون الخطاب الديني المسؤولية عما وصلنا إليه من تناحر وفرقة، فيما آخرون يدعون إلى تنقية «الموروث» الديني.. لماذا؟.
للأسف، الخطاب الديني لم يدع مجالاً لفهم النص بشكل عصري يتفق وعصر العلم فجمّدوا الفكر الديني وأصابوه بالوهن، والأكثر خطورة قضية الولاء والبراء المفهومة بشكل خاطئ، ما قسم الأمة إلى اسلاميين وغير إسلاميين، إلى ملتزمين ومنحلين، إلى مسلمين وكفرة، وبالتالي نحن بحاجة لإعادة قراءة الموروث الديني بشكل مختلف يجمع بين الأصالة والحداثة، ويدخل العلم والعقل في المعادلة.
قضية التجديد
 باعتبارك من المهمومين بقضية التجديد في الفكر الإسلامي، ماذا تقصدون بهذا المصطلح؟ وكيف برأيك تتم هذه العملية؟.
الفكر الإسلامي يجب أن يعتمد على الحداثة والأصالة، يجب فهم النصوص بشكل جديد ومتجدد وفق آليات العصر بما لا يناقض الثوابت، الخطاب الديني بحاجة لتجديد وفق معايير وأسس صحيحة، فالإلحاد والكفر انتشر في ربوع الدول الاسلامية بشكل مريع، والسبب المباشر هو تخلف الفكر الديني وعدم مواكبته العصر وما رآه الناس من تطبيق فكر أناس كانوا يحملون لواء الدعوة ويعتقدون أنهم هم الأفضل، وبالتالي انفصل الخطاب الدعوي عن المجتمع ومشكلاته، ما أصاب الكثيرين بالنفور، فاهتزت العقيدة وخاصة بين الشباب.
برأيي، فإن تجديد الخطاب والفكر يقوم على 3 محاور: الأول يدمج بين الأصالة والحداثة والاهتمام بقضايا الإعجاز العلمي في الكتاب والسنة وإظهار أهمية الدين للحياة ومواكبته لعصر العلم، والثاني يفض القضايا العالقة في الفكر والفقه كقضايا الجهاد والسياسة وكذلك الاقتصاد، أما الثالث فلا بد أن يظهر وسطية الدين وسماحته واعتداله.
ظاهرة التطرف
 التطرف مأساة حقيقية، والانتقال من التفكير كوسيلة للارتقاء بالعقل إلى التكفير كمنهج للإقصاء والعنف وضعنا كمسلمين في أزمة، برأيك لماذا يبدو كظاهرة مؤسفة في العالم الإسلامي؟
التطرف حقيقة واقعة في مجتمعاتنا لا يمكن اغفالها ويعود بنوعيه التشدد والإلحاد لغياب العقل السليم والمنهج العقلي في التفكير، وأيضاً يوجد تطرف فكري في الغرب كما في مجتمعاتنا فهناك التعصب للدين واستغلاله في تحقيق اغراض سياسية دنيوية كما حدث في الماضي من حروب صليبية يمتد أثرها الى اليوم في صور أخرى كالحروب الاقتصادية والفكرية. أما ظاهرة التطرف في مجتمعاتنا الإسلامية فتأخذ شكلا آخر أهمها سوء فهم النصوص وبالتالي خلل المعتقد وسوء السلوك والذي يبدو جلياً في ظاهرة الإقصاء والعنف وهذا ما أدى الى انتشار الشكل الآخر من التطرف وهو الإلحاد وعداء الأديان.
فكرة الخلافة
 كثير من المتطرفين مثل داعش أو الإخوان يدعون لفكرة الخلافة لاستعادة ما يعتبرونه الحكم الرشيد.. السؤال: هل يمكن تأسيس دولة الخلافة فعلاً في العصر الراهن؟.
إذا سألت من يتحدث عن الفكرة فلن تجد لديه مفاهيم وآليات واضحة لقضية الخلافة، انما هو شعار يرفعونه دون إيضاح المفهوم الصحيح وآلية الوصول اليه للناس.
عودة الخلافة لا تعني نمطا سياسيا ثابتا ومحددا كما يتبادر لمخيلة مسوقي الفكرة، حتى الدول الاموية والعباسية والفاطمية والعثمانية لا ينطبق عليها هذا المفهوم، لأن الخلافة الراشدة والتي أخبر رسول الله بعودتها شرطها أن تكون رشيدة وعلى منهاج النبوة.
المقصود بالخلافة، إنما هو عودة وسيادة المنهج الإلهي الذي يرسي العدالة والمساواة والحرية وخاصة العقدية، والخلافة ليست نظاما سياسيا محددا.. فأي نظام سياسي يحقق تلك الأسس ويرسي المنهج فهو لب الخلافة.. هذا ما يجب أن نفهمه. فالخلافة في الأساس هي منهج ولا تعني فتحاً وغزوات كما يعتقد البعض.
الإسلام والسياسة
 ما نقاط تماس الإسلام مع السياسة فيما يُعرف بالسياسة الشرعية؟ وهل تختلف كثيرا عن النظم السياسية الأخرى؟
الإسلام لم ينظم أمور السياسة تنظيماً مجملاً أو مفصلاً، لكنه أرسى قواعد العدل والمساواة والحرية، فلم يتعرض لآلية اختيار الحكام ولا انتقال السلطة ولا لأدوات ومؤسسات الحكم. فقد ترك للمسلمين تدبير أمورهم كما يحبون من خلال الأطر والقواعد العامة التي أرساها لتحكم كافة مناحي الحياة.
الرسول صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحداً بعهد مكتوب ولا حتى شفاهياً وإنما قدم أبا بكر رضي الله عنه ليصلي بالناس في مرض الموت وفهم الناس التلميح.
الإسلام جاء بقضيتين أساسيتين: التوحيد، وتحقيق العدالة والمساواة بين الناس، ولو كانت القضية هي التوحيد فقط لما تعنتت قريش التي أغاظها من الدعوة أنها تعرضت للنظام الاجتماعي وحضت على المساواة وإزالة الفروق بين السيد والمسود والحر والعبد والغني والفقير.
الإسلام لم يحرم الغنى والتملك إلا أنه وضع أسساً للعدالة الاجتماعية اجتهد في تطبيقها الخلفاء وهذا ما تحاول أن تطبقه الديمقراطيات الحديثة في صورة معونة البطالة لتكفل للناس حياتهم وصحتهم وحاجاتهم الضرورية.
أسس الخلافة
 ما الأسس التي قام عليها النظام السياسي في عهد الخلافة؟.
ابتكر الخلفاء سبل الحكم وطوروها وفق المبادئ العامة وأهمها: البيعة (تماثل الاستفتاء العام في عصرنا الحاضر)، والشورى كوسيلة للوصول إلى قرار بين أهل الحل والعقد، الذين هم بمثابة برلمان كما نراه حالياً.
وبالتالي الأنظمة الحديثة من انتخابات حرة لاختيار أفضل العناصر لتولي الأمور العامة من الحاكم وأهل الحل والعقد وهم نواب الشعب لا يختلف عما حدث في فترة الخلافة.
إشكالية الجهاد
 كما إشكالية الخلافة، هناك فكرة الجهاد، الأكثر جدلا، ما حقيقة الجهاد شرعاً؟
قبل الإجابة، علينا أن نعرف الإشكالية الأهم وهي: ما الأصل في علاقة أي دولة مع غيرها من الدول؟ هل هي الحرب أم السلم؟
ذكر الشيخ محمد أبو زهرة رحمه الله، في كتابه القيم «العلاقات الدولية في الإسلام» رأي بن تيمية في هذا الشأن وخلص الى أن العلاقة قائمة أصلاً على السلم وليس الحرب، وعقد ابن تيمية فصلاً في «رسالة القتال» و«الجهاد» بحث فيه الباعث على القتال أهو رد للاعتداء أي «جهاد الدفع»، أم هو قتال الكفار لكفرهم «جهاد الطلب» لنشر الدين.
وثمة اختلاف في هذه المسألة، فجمهور الفقهاء اجتمع على أن الباعث للجهاد هو رد الاعتداء «جهاد الدفع» ونسب لبعض الشافعية أنه قتال الكفار لكفرهم والتمكين للدعوة، التي هي في عنق المسلمين إذ إن عليهم أن يدعوا للإسلام حتى تستمر كلمة الله هي العليا «جهاد الطلب»، وهذا ما يعتنقه أصحاب الفكر الجهادي حالياً، وهذا يدعونا للتساؤل هل نشر الدين وتبليغ رسالة السماء يحتاج الى الجهاد والسيف؟ أم أن الدعوة لها سبل أخرى اختلفت باختلاف العصور والأزمنة وسهولة التواصل بين الناس وحرية الناس الدينية التي لم يعد للملوك والحكام الوصاية عليها كما كان في السابق؟.
أصل العلاقة
 نأتي للسؤال الأهم: لماذا شرع الله القتال؟ وهل هو ضرورة لنشر الدين وإقامة الشرع، كما يروج أصحاب الفكر الداعشي؟.
كما قلت، فإن أصل العلاقة هو السلم وليس الحرب، فالحرب طارئ لدفع الضرر والاعتداء، ووفق ابن تيمية، فإن الدعوة الى السلم في القرآن دعوة مطلقة بينما إباحة القتال في كل النصوص مقيدة برد الاعتداء. يقول تعالى «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ» البقرة 208، ويقول تعالي «وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» الأنفال 61، ويقول تعالي «فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا» النساء 90، كل هذه النصوص تدعو الى السلام دعوة مطلقة غير مقيدة.
أما أصحاب الفكر الجهادي لنشر وإقامة الدين وتكوين الدولة والخلافة الإسلامية بمنظورهم، وصل بهم الشطط الفكري إلى عداء المسلمين المخالفين لهم في الرأي واعتبروهم العدو القريب الذي يجب إخضاعه أولا لفكرهم ليستطيعوا اخضاع العدو البعيد وهم أهل الدول غير الإسلامية.. فكفروا مجتمعاتهم الإسلامية ودخلوا معها في حروب على أمل وصولهم للحكم فيقيموا دولة الإسلام ويتابعوا الفتوحات والمغازي ويرفعوا راية الإسلام على بلاد الكفر بالجهاد والسيف.
موروث فقهي
 بصراحة كل الأفكار والثقافات تتطور من حولنا، إلا نحن نتطور للخلف، وقد وصلنا الى التكفير وقطع الرؤوس والتفجير وسبي الصبايا، كما تمارس داعش.. كيف نواجه ذلك؟
للأسف يوجد في موروثنا الفقهي ما يعتمد عليه أصحاب الفكر المتطرف وبالتالي نحتاج لتحديث منظومة الفقه ونظراً لغياب دور الاجتهاد وإغلاق بابه وصلنا الى ما نحن فيه.
المطلوب فقه عصري يتزامن مع تجديد الفكر، وهذا دور المجامع البحثية الإسلامية.. وهنا نحتاج لإعادة فهم التاريخ الإسلامي ومعالجة القضايا الشائكة العالقة كقضايا الجهاد والخلافة ونقاط تماس الدين مع السياسة وغيرها من القضايا العضال بشكل واضح وصريح وشفاف.
الإسلام السياسي
 البعض يقول إن فشل تيارات الإسلام السياسي سبب صدمة عكسية لكثير من الشباب الحالم ليتجه الى التشدد أو التطرف أو يقع في براثن الإلحاد الذي زاد كثيراً في السنوات الأربع الأخيرة.. ما صحة ذلك؟.
الحقيقة أن تخلف الخطاب الدعوي والجمود الفكري أدى الى انصراف الشباب الى الفلسفات والأفكار الغربية في أخطر أنواع الحروب التي تواجهنا حالياً وهو صراع الأفكار والحضارات أضف الى ذلك الفشل الذريع في مجال السياسة أدى بالكثير من الشباب للتطرف والتشدد.
إدارة الصراع
 كيف ترى عملية إدارة الصراع داخل الفكر الإسلامي والتي تحولت من مواجهة مع دين آخر (الحروب الصليبية) الى مواجهة داخل الدين الواحد (سنة وشيعة) حتى وصلت أقصاها داخل الطائفة الواحدة (داعش السنية تقتل مسلمين سنة)؟
أولا الإسلام ليس في صراع مسلح مع أتباع الديانات الأخرى والحروب الصليبية لم يبدأها المسلمون فكانت غزواً غربياً تحت راية الصليب، أما المواجهات الدموية بين المسلمين بعضهم البعض على اختلاف فرقهم من سنة وشيعة فلغياب العقل والفهم الصحيح للدين ومعالجة الأسباب الحقيقية التي أدت الى تفتت وتشرذم الأمة الإسلامية فملف السنة والشيعة أصله اشكال سياسي يجب أن يكون انتهى لكن للأسف تولد عن هذه الإشكالية اختلالات عقدية عند الشيعة والحقيقة ليس كلهم فبعض مذاهبهم الفقهية يدرس في الأزهر، أما قضية قتل داعش لمسلمين سنة فما يحدث من اعمال ارهابية تحصد أرواح الأبرياء في بلداننا لا يختلف كثيرا عما تفعله داعش وهذا يؤكد سوء الفهم للدين وضرورة تنقية التراث الفقهي مما علق به والحاجة لفقه متجدد يعالج الخلل الفكري.
تصدير الثورة
 كيف ترى محاولات تصدير «الثورة الإسلامية» كمفهوم للتأجيج الطائفي.. إيران نموذجاً؟.
دعني أعكس السؤال: لماذا نخشى انتشار الفكر الشيعي؟ هل هذا دليل على ضعف مناعة أهل السنة وضعف خطابهم وحجتهم؟. بالعكس.. يجب أن نعلم أن الدين الإسلامي يمتلك القوة الذاتية في منهجه ونصوصه فهو الدين الخاتم، لكننا للأسف لا نحسن الفهم والعرض.. الإشكالية عندنا نحن وليس في الدين، المنهج السني هو الصحيح لكن للأسف تجد الخوف من تصدير المذهب ينتاب الكثيرين من أهل السنة وخاصة العلماء والدعاة فتجدهم في مناظراتهم مع اتباع هذا الفكر متشنجين.
أما محاولة ايران استثمار حالة الخواء الفكري والفشل السياسي لأصحاب التيارات السياسية الإسلامية، فيدحضها خطاب ديني قوي يعتمد العلم والعقل.. عندها لن نخشى إيران ولا أصحاب أي منهج للتمدد، بل بالعكس يمكن أن نحقق عليهم انتصاراً مدوياً لأننا اصحاب المنهج السليم الذي يعتمد الكتاب والسنة، التي هي عندهم غائبة وكل تراثهم أقوال أئمتهم ومرجعياتهم.
كيف الإصلاح
 أخيراً كمفكر إسلامي مجتهد وباختصار.. كيف ينصلح عالمنا الإسلامي والعربي؟
بالعلم والعمل، بخطاب ديني جديد ومتجدد يبنى على أفهام الأوائل يدمج بين الأصالة والحداثة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.