بعد أن كان هناك شعراء يتفننون في إحراج بعضهم البعض في منتديات الانترنت الأدبية، حيث يخرجون أحيانا بآراء فيها من النقد وتصيّد الأخطاء الشيء الكبير، الأمر الذي كان يوقع من يتعرّض للانتقاد في حرج أمام الشعراء والنقاد المشاركين وأيضًا أمام القراء والمتابعين، بل إن كثيرًا من المنتقدين تعرّض للإيقاف من قبل مسئولي المنتديات الشهيرة وربما الطرد بسبب ما كانوا يقومون به من إحراج متعمّد لزملائهم الآخرين. المجاملة التي نراها بين بعض الشعراء المعروفين وأيضا النقاد مشروطة، ولكن هذا الاشتراط يكون بطريقة غير مباشرة أما الآن، فأصبح هذا الإحراج أو هذا الأسلوب غير موجود، أو لنقل شبه معدوم في مواقع التواصل الاجتماعي التي جذبت الشعراء مؤخرًا، رغم الاختلاف الكبير بينها من ناحية ضمان من يريد الانتقاد أنه لن يتعرّض للإيقاف. هذا التغيّر الواضح وبكل بساطة أرجعه البعض إلى رغبة الشعراء في أن يُظهروا الوجه الجميل، وأن يبتعدوا عن كل ما يعكّر صفو علاقتهم مع بعضهم البعض، وربما يكون هناك هدف غير معلن من بعض الشعراء وهو هدف مضحك ولكنه حقيقي، يكمن في محاولة نيل (رتويت) الأمر الذي يساعد في زيادة أعداد متابعيهم، بمعنى أن العدد الكبير للمتابعين يعتبر مصدرًا للفخر والاعتزاز أمام الآخرين، بمعنى آخر أن المجاملة التي نراها بين بعض الشعراء المعروفين وايضا النقاد مشروطة، ولكن هذا الاشتراط يكون بطريقة غير مباشرة، فلا أحد منهم يريد أن يطلب من شاعر آخر "رتويت" حتى لا يشعر بأنه أقل منه شعبية، لكنه مستعد لأن يمتدح ما لا يستحق المديح، وأن يوافقه الرأي في كثير مما يقول؛ لينال مبتغاه دون أن يطلبه. هؤلاء المجاملون الذين يمتدحون بعضهم ويخفون حقيقة غيرتهم الشديدة، ورغبة كل طرف منهم في أن يوقع الطرف الآخر في موقف محرج أمام الآخرين، سينكشفون عند أقرب نقاش ومكانته أمام أصدقائه ومتابعيه (ربع حامٍ) فبكل تأكيد لا أحد منهم يرضى - بأي حال من الأحوال - أن تنتقص من شاعريته.