الحريق الذي وقع في مجمع سكني تابع لشركة ارامكو، والذي تسبب فيه التماس كهربائي، طبقا للدفاع المدني، نرجو ان يدفعنا للاستفادة والعبرة حتى نطور اوضاع السلامة ومتطلباتها واشتراطاتها، وسواء اتضحت أسباب اخرى لاحقا بعد فحص جميع الأدلة، المهم هو الاستفادة من الأخطاء لمعالجة القصور الذي قد يؤدي الى مثل هذه الحوادث المؤسفة. الإخوة في أرامكو، أجزم أن وقوع الحريق في مرفق تابع لهم يؤلمهم إنسانيا واجتماعيا، ويؤلمهم كمهنيين محترفين، خصوصا في هذا العام حيث وضعت قيادة أرامكو والعاملون فيها مسألة السلامة في أولوياتهم وتحدياتهم، ويستهدفون الوصول بحوادث السلامة الى.. الصفر. وضع هدف للسلامة خطوة مهمة وضرورية ونبيلة لأية منشأة، وهي في مجتمعنا تحدٍ كبير مضنٍ لأن السلامة (ثقافة وأسلوب حياة)، وليست مجرد أنظمة وتعليمات. إنها عملية مستمرة تُزرع وتعزز في الوعي حتى تكون حاكمة وموجهة للسلوك، وأرامكو في مرافقها التي تسيطر عليها وداخل أسوار منشآتها المتفرقة تأتي السلامة في رأس الاولويات ولا يتم التهاون فيها. تطبيق اشتراطات السلامة والعمل بها يبقى تحديا مكلفا ومتعبا لاننا في مجتمع لا يضع السلامة في اعتباراته وفي أولويات السلوك، وفي أولويات مشاريعه ومنشآته. نحن نعرف ان هناك أمورا تخص السلامة، لكن لا نعترف بها كضرورة قصوى كل يقف عندها ولا يساوم عليها، ولا نراها في الأولويات، سواء في العمل، في البيت، في الطريق. مؤشرات الإحساس بالسلامة منخفضة ولا تستشعر الخطر. من حادث المجمع السكني في الخبر، التفكير العلمي الموضوعي يفرض علينا تفقد الأوضاع في المجمعات السكنية المماثلة التي يجري إنشاؤها وبيعها بدون قيام إدارة للمجمعات السكنية تراقب وتتابع وتتعامل مع احتياجات السكان. المجمعات السكنية فيها عشرات الوحدات، وفيها مساحات مشتركة غير خاضعة لمسؤولية شخص أو جهة محددة. في حالات الكوارث كيف سيتم التعامل مع أوضاع الإخلاء والإنقاذ في هذه البيئة غير المحكومة. هل توجد لهذه المجمعات وثائق وخرائط وسجل بالسكان، عددهم، أوضاعهم، هل توجد (كاميرات) المراقبة الأمنية التي تسجل بالصوت والصورة جميع التحركات مما يسهل ضبط الحالة الأمنية والتعامل مع الأزمات. مع الأسف لدينا في مختلف مناطق المملكة مجمعات سكنية كبرى يتم بيعها بدون قيام (اتحادات الملاك)، فتبقى بدون إدارة! إنها عبء على مؤسسات الأمن والإنقاذ والسلامة، ومصدر قادم للتوتر الاجتماعي بسبب المنازعات والخصومات المتوقعة بهذه التجمعات. بما أن المنطقة الشرقية تتوسع فيها المجمعات السكنية بأشكالها المختلفة، ربما نحتاج فريق عمل متخصصا ينبثق من (مجلس المنطقة الشرقية) يتولى مراجعة أوضاع المجمعات السكنية القائمة، أو التي يجري إنشاؤها بالمئات في حاضرة الدمام، وفي غيرها. المفترض أن هذه المجمعات خاضعة وملبية لكل متطلبات الأمن والسلامة، ويتوفر فيها الإدارة التي تتأكد من استعداد المكان والتزام السكان بمتطلبات الحالات الطارئة، وأيضا يتم التأكد من سلامتها الإنشائية. إن من واجب المسؤولين في المؤسسات الأمنية، الدفاع المدني، الأمن العام، المباحث، وحتى الهلال الأحمر ضرورة تنبيه ولي الأمر بكل المحاذير والمخاطر التي قد تترتب على قيام هذه التجمعات السكانية بدون إدارة ومراقبة. نحن نواجه مخاطر وتحديات تهدد أمننا الوطني، فالتساهل مع الأوضاع القائمة ربما ندفع ثمنه غاليا. هل يبادرون وهم من يدهم بالنار وقلوبهم حاضرة وعيونهم ساهرة. نرجو ذلك.
الدفاع المدني .. المضحي الأكبر الواجب الوطني يستدعي ضرورة الإشارة الى أن الأجهزة الامنية والخدمية كانت حاضرة ومستجيبة سريعا للحادث المؤسف في المجمع السكني بالخبر صباح أمس الاول، فقد تواجد في الموقع اكثر من ستة اجهزة وكان لهذه الاستجابة السريعة للإخلاء الأثر البارز في تقليل حجم الكارثة. هذه الاستجابة مؤشر على كفاءة وعمق التنسيق بين الأجهزة الحكومية في المنطقة الشرقية. أيضا الحضور المتميز للقيادات في الميدان، ومتابعة المسؤولين يستحق التقدير والثناء. وبدون شك، نتفق جميعا على ان من تلقى الحمل الأكبر هو الدفاع المدني، فخلال وقت وجيز كانت آلياته تتجه الى المكان، والدفاع المدني ارتفعت جاهزيته واحترافيته، وتزداد تضحيات قياداته وأفراده، وهم اول من يدفع ثمن تساهلنا في السلامة، يدفعون ثمنها غاليا، بعرقهم وبدمائهم.. وبأرواحهم. تحية تقدير لهم ولزملائهم في شركة ارامكو على جهودهم في الانقاذ والإخلاء، التي كان لها الأثر الإيجابي بحمد الله، على تقليل الخسائر.