«أحلى شي في الابتدائية يوم يحط لي الأستاذ "ثلاثة نجوم" على الدفتر كنت أتشنج من الوناسة وما أترك أحداً ما أوريه ... أسبوع وأنا أتمشى بالدفتر". هذه الطرفة تحكي واقعنا عندما كنا طلاباً صغاراً، وتحكي واقع صغارنا اليوم، فحاجة الإنسان إلى التقدير لا تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص، فهي جزء من فطرة الإنسان، ولذلك فمهمة معلم الابتدائي –كما أنها نبيلة- خطيرة، فهو من يضع اللبنات الأساسية في شخصية الطفل بل ويؤثر في اللبنات التي يبنيها غيره! خطورة هذه المهمة، تحتم علينا العناية بمعلم الابتدائي تقديراً وتطويراً واختياراً لئلا نقع جميعاً فيما لا تحمد عقباه، ولذلك فدور وزارة التعليم ومدير المدرسة مهم ومحوري، بل حتى دور ولي الأمر -الذي هو المستثمر الأكبر- في هذا الموضوع لا يجب أن يغيب أو ينتهي بمجرد نهاية الأسبوع التمهيدي أو حتى تجاوز الابن للصف الأول الابتدائي! فعناية ولي الأمر باختيار من يدرس ابنه أهم من قضايا يُصرف فيها الوقت والجهد والمال، مع أنها ضارة، وحتى في حال صلاحيتها لن تعود لنا بمثل ما يعود به تميز أبنائنا في مستقبل حياتهم! وطبعاً المهمة الكبرى تقع على مربي الأجيال وذلك بأن يعي هذا الدور الخطير الذي يقوم به، وأن يكون على مستوى الثقة التي يوليها له طلابه قبل أي أحد آخر، فكم سمعنا من أبنائنا عندما نعطيهم معلومة الرد المباشر: ولكن الأستاذ قال كذا؟! فكلام المعلم وتوجيهاته غالباً هي المقدمة على كلام الوالدين، وغيرهما من باب أولى، ولذلك إذا نجح المعلم في مهمته قدم خدمة كبيرة ليس لهذا الصغير فحسب بل للمجتمع بأكمله! يجب أن يتسامى معلم الابتدائي على أخطائه الصغيرة، فلا يقع في الخطأ أمام هؤلاء الصغار ولا يشغلهم بالتوافه ولا يحطم طموحهم بكلمات لا يحسب لها حساباً وهي تقع من قلوبهم موقعاً عظيماً، وليعلم أن شهادة تقديره الحقيقية ومستوى تقييمه الصادق ليس بالشهادة الورقية أو تقدير الأداء الوظيفي المرتفع لأغلب المعلمين بل بما يزرعه في قلوب صغاره، وسيراها في كبرهم إن كان ناجحاً والعكس إن لم يكن كذلك! شكراً لكل من شكلوا شخصياتنا بتميزهم ورقيهم وعشقهم للمعالي، أطال الله عمر الأحياء، ورحم السابقين. متخصص بالشأن الاجتماعي