يعتبر قرار إنشاء المدينة الاقتصادية بجيزان، احد اهم القرارات الإستراتيجية الاقتصادية للمملكة خلال العقد الأخير، لما لهذا القرار من شمولية كافية بتحقيق نجاحات متصاعدة حيث الموقع الجغرافي المميز والهام والاطلالة البحرية على احد اهم ممرات الملاحة في العالم ومجاورة القارة الافريقية وكذلك الكثافة السكانية ووفرة الايدي العاملة وموارد المنطقة الطبيعية، ولعل حسن اختيار النموذج الاقتصادي الذي تم تحديده لهذه المدينة لتكون مدينة صناعية تضم الصناعات الثقيلة والثانوية وإنشاء ميناء لدعم هذه الصناعات، سيساعد بشكل كبير في فتح نافذة اقتصادية كبيرة للمملكة بإذن الله في قادم الأيام. ان الطموح يقودنا إلى ان مدينة جيزان الاقتصادية ستكون اضافة حقيقية للاقتصاد الوطني وستدعم القوة الاقتصادية خاصة في مجال الصناعات الثقيلة والثانوية، الا ان الملاحظ ان الصناعات المعلن عنها للاستثمار في هذه المدينة تمثل جزءا شبه متكرر من مدن صناعية اخرى في المملكة، مما يتطلب اعادة النظر في دراسة جذب الاستثمار وتحديد الفرص الاستثمارية بدقة، والأسواق العالمية المستهدفة للتصدير، حيث من المهم جداً ان تكون هذه المدينة قوة إضافية لتصدير الصناعات السعودية للخارج وباسعار منافسة. وقبل أسبوعين تقريبا، صدر الامر الملكي الكريم بتعيين الهيئة الملكية للجبيل وينبع بمسؤولية ادارة وتشغيل مدينة جيزان الاقتصادية، وحيث انني من المؤيدين بتكرار نموذج الهيئة الملكية في جميع المدن الاقتصادية الكبرى في المملكة، وقد يشاركني الكثير في هذا الامر، لذا نتطلع من الهيئة وهي في بداية عملها بان تقوم بتقديم عمل مشابه لما تم في كل من الجبيل وينبع، سواءا من ناحية تحديد واختيار الصناعات او تدريب الكفاءات الوطنية، او مشاريع البنى التحتية، وقد يظل ما ينقص عمل الهيئة هو التسويق والإعلام الدولي لجذب المستثمرين والتسويق للمنتجات وان لا تتم الاستكانة في هذا الامر الى الشركات العاملة في المدينة. بلا شك فإن دور شركة ارامكو السعودية لتنمية هذه المدينة وكذلك ما تعمل عليه شركة ارامكو حاليا في انشاء واحدة من اكبر اربع مصافي تكرير النفط في العالم في هذه المنطقة، يعد دليلا واضحا على ان مستقبل هذه المنطقة سيكون مبهرا بكل المقاييس، ولعل ما نعلمه جيدا ان شركة ارامكو دائماً وأبدا تضع في نصب عينيها أهمية تدريب العاملين والمواطنين خاصة، لذا من المتوقع ان تكون النتائج والنجاحات مضاعفة متى ماتم التركيز على نموذج عمل او نموذج استثمار محدد وواضح لهذه المدينة ومستقبلها والذي نتطلع جميعا ان يكون للتصدير نصيب الأسد من نتائج أعمالها في المستقبل القريب بإذن الله.
