مسلمون، فهل يجب كنتيجة أن نكون بشخصية واحدة؟! هل يجب كنتيجة أن نكون بقراءة واحدة؟! هل يجب كنتيجة أن نكون بموقف واحد؟! مسلمون، فهل نمارس الإسلام في حياتنا اليومية سلوكا ومنهجا ومبدأ؟! ولكم إضافة المزيد من التساؤلات، الهدف التفكير والتأمل، الهدف تحريك التساؤلات والأسئلة، الهدف البحث عن لوحة الحقيقة ومؤشراتها ورموزها، تحمل مقاسات المشهد وألوانه وأبعاده، أوضاعنا محيّرة، مشهدنا يثير الشفقة، المسلمون يملكون الشيء ويفعلون النقيض.. لماذا؟! الحقائق ليست آراء وخواطر واجتهادات، الحقائق تقود ولا تنقاد، الحقائق جواهر العقل وكنوزه، هل غيّب المسلمون العقل عنوة؟! تتضح الحقائق في ساعات الشدائد. كنتيجة يصبح الموت أكبر حقيقة، الشدائد تكشف الغطاء وتزيح الستار، الاعتراف بالحقائق وتوظيفها مطلب حضاري. تقول العرب في تأخر كشفها: «إذا فات الفوت لا ينفع الصوت» قد يكون ثمن التهاون بالحقائق الحياة نفسها، وتلك أقصى النتائج قسوة. لكل تصرف نهايات. ونهايات أعمالنا حقائق، كنتيجة هناك حقائق مختلفة بنتائج وتأثير على سير الحياة، الحقيقة ثابتة لا تتغير أمام القوي والضعيف، لكن تأثيرها يختلف، ويأتي السؤال: لماذا حياة المسلمين اليوم خالية من التأثير الإيجابي والعطاء الإنساني؟! الإسلام ثابت لا يتغير، فهل العيب في الحاملين للإسلام، فتّش عن المسلم، الإسلام مبادئ وقيم، قوانين وأنظمة، منهج ورسالة سلام وتسامح، في مجموعها منظومة متكاملة لبناء حياة مثالية. الإسلام فلسفة حياة سوية، نصوصه جواهر تبحث عن شخص يقتنيها ويستخدمها، يعتني ويحافظ، تبحث عن شخص كريم يعطي من خيراتها، يؤثر إيجابا في الحياة، لا تبحث عن بخيل يكنزها ولا يستخدمها، بخيل لا يسمح حتى بمشاهدتها والاقتراب منها، الإسلام كنصوص لا يؤثر في مسيرة الحضارة الإنسانية، الذي يؤثر تبنّي وتطبيق فلسفة النص الإسلامي كمنهج ومبدأ للحياة، يجب أن تكون هذه الفلسفة دستور الفرد وشعاره في جميع أعماله وتصرفاته وسلوكه، بمعنى أن يمارس الفرد المسلم فلسفتها بكل أبعادها عن قناعة ومبدأ. في غياب فلسفة القيم والمبادئ تصبح نصوصا وهياكل خالية من الروح والحياة، تتحول الى مجسمات جمالية، نحافظ عليها للاقتناء، لا نستعملها، لكنها تظل أشبه بالكنوز المهدرة والخاملة التأثير، تصبح مقتنيات نفتخر بامتلاكها في صناديق العقل دون استعمال، هل نعيش كمسلمين هذا الوضع مع الإسلام؟! حوّل المسلمون الإسلام إلى مقتنيات يفاخرون بامتلاكها دون تفعيل، حوّلوه إلى ما يشبه المقتنيات الثمينة التي لا تستخدم، المسلمون أغنياء بالقيم والمبادئ الإسلامية، بخلاء عطاء وتطبيقا إلى أقصى درجات البخل. حياتنا اليومية نهج مختلف ومغاير. نفتخر بالإسلام كفخرنا بامتلاك الذهب والفضة في الخزائن الموصدة الأبواب، يبدو علينا الفقر والحاجة ونحن أغنياء، أصبح العالم الإسلامي ناديا ومعرضا ضخما لنصوص الإسلام للمشاهدة والاستعراض، أيضا بداخل هذا المعرض نادي أغنياء النصوص الإسلامية، ممنوع على غير الغني دخوله. هناك نخب وبيوت تحتكر الإسلام عبر التاريخ. هناك تابع ومتبوع. نسمع عن اقتناء اللوحات والنفائس والمجوهرات. وهي دليل الغنى والثراء المالي، لكن ما هو مفعول هذه الممتلكات على حياة النّاس، ما تأثيرها على سير الحياة، صحيح أن مالكها يرى نفسه من النخبة البشرية، لكن يظل هذا شعورا شخصيا للفرد للتعالي والفخار والتميز، هكذا أصبح الإسلام بيننا، وضعناه في صناديق مُغلقة ومُغلّفة، حجبنا النور عنه، لم نعد نمارس ونتحلّى في تعاملاتنا بحلي الإسلام ومجوهراته، أصبح العالم الإسلامي يملك الإسلام ولا يستخدمه، مثله مثل الكنوز النفيسة التي يتم حبسها في الصناديق داخل الخزانات دون استعمال، وتجد المسلمين على المنابر يتحدثون عن القيم ولا يمارسونها. نتحدث عن العدل ولا نرى هذا العدل في أعمالنا وسلوكنا وتصرفاتنا، نتحدث عن الحقوق ولا نعطيها، ونتحدث عن الواجبات ولا نؤديها، نتحدث عن جور الظلم ونمارسه، نتحدث عن الفساد ولا نتجنبه، نتحدث عن الأنظمة ونخالفها، وقس على ذلك. نحن نحمل الإسلام كنصوص دون روح، هكذا غيبناه كفلسفة للحياة اليومية، كنتيجة لم يعد لحياتنا قيمة وشأنا في العالم الواسع، انظروا إلى عدد المساجد في العالم الإسلامي، انظروا إلى عدد الخطب والمواعظ، أصبحت مجرد شعارات وحديث تفاخر بالإسلام، وصل المسلمون مرحلة الإساءة للإسلام ولأنفسهم، وضع يذكر ببيت شعر العرب: كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ / والماء فوق ظهورها محمول. أكاديمي - جامعة الملك فيصل