المرة الأولى التي أسمع فيها عن دولة «مالاوي» كانت في العام 2006م حينما عارض التحالف الذي يضم 85 منظمة محلية تبني المغنية الأمريكية الشهيرة «مادونا» لطفلين من «مالاوي»، ورغم أن مؤسستها قدمت ملايين الدولارات لتمويل مؤسسات مختلفة لحماية أيتام البلاد.. إلاّ أن اللجنة اتهمّت المغنية بأنها استغلت شهرتها وثروتها لتسريع إجراءات التبنّي، إذ إن القوانين لا تشجّع على عمليات التبنّي من خارج «مالاوي». في تلك الأثناء كان البعض يتساءل فقط فيما لو استغلّت «مادونا» حقاً شهرتها، أو إن كان هذان الطفلان يعودان إلى عائلة مسلمة أو لا، وذلك دون النظر إلى الظروف الطاحنة التي عاشها هذان الطفلان اللذان وجدا نفسيهما وجهاً لوجه مع حظهما الذي كم كان بائساً حينها وكم كان خطيراً. أثارت حادثة «مادونا» توقعاتٍ كبيرة في «مالاوي» التي تتكبّد خسائر اجتماعية واقتصادية فادحة بسبب مرض الإيدز الناتج عن طقوس وخرافات تمارس في تلك البلاد، منها طقس «التطهير الجنسي» المسمى ب «كولوا كوفا» والذي يقتضي ممارسة أحد أقارب الزوج المتوفى الجنس مع الأرملة من أجل تهدئة الروح الشريرة للمتوفّى حسب زعمهم. بينما يتعرض أغلب النساء في الأساس للاغتصاب باسم «التطهير»، فلا توجد امرأة سليمة العقل ترغب في ممارسة الجنس مع إخوة زوجها عندما تكون في حالة حداد كما تقول إحدى الناشطات التي سعت إلى توعية وتغيير مثل هذه العادات المهينة. من الواضح جدًا صعوبة الظروف التي يعاني منها الأطفال العاديون في «مالاوي».. فما بالك بالأطفال اليتامى الذين أصبحوا كذلك بسبب فقدانهم عائلتهم التي عانت من الإيدز؟، ويبدو أن هذا هو ما دعا مجموعة من السيدات الملهمات اللاتي يعشن في مدينة (جدة) بالسعودية لإنشاء «مركز فاطمة للأيتام بملاوي Fatima Centre children home» في عام 2007م، وذلك من أجل تقديم الملجأ والطعام والحب لليتامى حتى يتمكنوا من الحصول على مكان آمن لينموا ويكبروا ويتعلموا فيه. وإن كان الأغلبية منا لم يسمع بهذا المركز لأنه ليس بينهم شخص مشهور ك(مادونا)، إلا أن تقديم المساعدة لهم من خلال موقعهم الالكتروني سيعتبر تكفيراً عن هذا الجهل بمؤسسة انسانية كهذه. هناك عدد كبير من الأيتام.. ولكن مع الأسف لا يوجد العديد من السيدات اللائي يهبن أنفسهن للمساعدة كما فعل هؤلاء النسوة، لذلك فإن لم تقم أنت كرجل مسلم بكفالة أحد الأيتام المسلمين في «مالاوي».. فلاتحاول التهجم على المغنية «مادونا» لأنها استغلت شهرتها وأقامت 15 مدرسة لهم، وأيضاً لا تتفلسف على الناشطات من «جدة» وتطالبهن بتغطية رؤوسهن.. بينما تجلس أنت تحت التكييف البارد تقلّب قنوات الأخبار وتقرض "تفاحة" بين الوجبات، هي ذاتها "التفاحة" التي يتمنى طفل «مالاوي» أن يتذوقها ولو لمرة واحدة في العمر. ماجستير تربية خاصة - مدرب معتمد