رأينا مؤخرا اكتساح المنشدين وشلاتهم الساحة حتى أصبح الغني والفقير والصغير والكبير يعرفون المستجدات منها والجيد والرديء وأصبح المنشد أكثر شهرة من صاحب الكلمات، وربما نسبت للمنشد بحكم إنشاده بها وصارت له ملكاً معنويا وفي كل مناسبة وطنية وغير وطنية أصبح سوق الشلات رائجاً وأسعار المنشدين باهظة ومكلفة حسب العرض والطلب كما صاحب وفاة المغفور له باذن الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز حيث ازدحمت قنوات اليوتيوب بالمراثي كما شهدنا في عاصفة الحزم وما زالت إلى الآن تعج وتضج بكم هائل من وطنية وحمية الشعراء ومن حماس المنشدين وكسبهم الرزق عن طريق الشلات التي أثقلت كواهل الشعراء وأرهقتهم فكلما زادت شهرة المنشد وحسن صوته ارتفع السعر وغلا الثمن واستعصى على قليل الدخل أن يوثق نصوصه ويوصلها للجمهور المهووس بالشلات وقد يتراوح سعر المنشد من خمسين ألفا إلى عشرين ألفا ونزولا الى عشرة آلاف وثمانية حتى ان أقلهم حظا يأخذ ثلاثة آلاف ريال راتب موظف يكدح لشهر كامل. والحقيقة أننا أحببنا الشلات لانها أبعدتنا عن الموسيقى وجعلتنا نستمع من بعضها بجزالة الكلمة وصدق الإحساس ولكنهم عادوا مؤخرا الى إضافة الايقاعات والموسيقى المبطنة حتى أصبح غير المتمرس في هذا المجال لا يعرف إن كانت تحتوي على إيقاعات موسيقية أم لا، ولكن المخيف أن بعض المنشدين أصبح لا يتورع عن إنشاد كلمات في غاية الهزل والسخافة والمصيبة أنها تعجب عددا كبيرا من المستمعين رغم ما فيها من انحدار صارخ في الذوق العام نتيجة لما يفرضه المنشد على الجمهور من سوء اختياره وكثرة جشعه وأنا أحيي كل منشد ينتقي ليرتقي بذائقة الجمهور وندين كل من يأخذ المتردية والنطيحة ليتكسب.. وفي الختام أرثي لحال الشاعر المبدع بعد أن سرق من تحته بساط الابداع ليتربع عليه المنشد بكل فخر وسيظل أهل الأدب يزدادون فقرا وعوزا على مدى التاريخ فقد أغناهم الله بالإبداع وحرموا من المال إلا من رحم ربي.