لا يجهل أحد الدور الكبير الذي يقوم به الشعر الشعبي والتأثير الإيجابي المباشر الذي يُحدثه في العديد من الأمور والقضايا، ومن هذا المنطلق يتضح دور الشاعر الشعبي في مجتمعه من خلال القصائد التي يكتبها وتعالج قضايا معينة، أو تعبّر عن وجهة نظر صحيحة يتفاعل معها المتابعون ويرددونها بعد ذلك. وقلة هم الشعراء الذين يستطيعون القيام بهذا الدور الذي يتطلب شفافية عالية وقوة في الطرح إضافة إلى اختيار الكلمات والمعاني التي تصل بسرعة ودون تعقيد إلى المتلقي.. وما يُميّز الشعراء الذين اشتهروا بهذا النوع من القصائد هو اختيارهم الصحيح للمواضيع التي تستحق أن يُكتب عنها، واختيار الوقت والمكان المناسبَين لطرح قصائدهم. عددٌ هائلٌ من الشعراء الذين كتبوا قصائد اجتماعية ناقشت العديد من الأمور، وأغلبها ذهب أدراج الرياح ولم يقرأها إلا قلة، ومن المؤكد أنهم لم يتفاعلوا معها، ربما بسبب عدم جودة القصيدة أو الفشل في اختيار الوقت والمكان اللذين تظهر فيهما، ولكن لا يُلام هؤلاء الشعراء بأي حال من الأحوال فيُحسب لهم أنهم قدّموا ما عندهم وسعوا للمساهمة بما يملكونه من موهبة، وتظل مسألة نجاح القصيدة في الوصول مرتبطة بعوامل كثيرة كما ذُكر بالأعلى. وما لفت نظري مؤخرًا في هذا الجانب أمر يستحق الإشادة وهو، اتجاه عددٍ كبيرٍ من الشعراء الشباب لكتابة قصائد اجتماعية ، وهو توجّه جميل ومؤشر جيد على أنهم يعون جيدًا الرسالة التي يحملونها، وأن الشعر لا يقتصر على الغزل والعاطفة، ولكن هناك أغراضًا أخرى تستحق أن يتوقف عندها الشاعر، وأن يعطيها مساحة من الاهتمام.