الرعاية الكريمة التي تمثلت في الاستجابة السريعة من لدن صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز، وصدور أمره الكريم بتشكيل لجنة لبحث حالة الزميل الإعلامي محمد الثبيتي وحقيقة الأسباب التي أدت إلى تدهور صحته وصولاً إلى ما وصلت إليه، رغم أن الحالة التي أدخل بسببها لم تكن تمثل هذه الخطورة. ومع أننا دائماً مع القول إنه ينبغي عدم استباق الأمور وإصدار الأحكام قبل استكمال الجهات الطبية المتخصصة عملها والوصول إلى معرفة حقيقة ما حصل وأسبابه، وكذلك معرفة ما قامت به لجنة المتابعة التي أمر سمو أمير المنطقة بتشكيلها ووصولها إلى النتائج النهائية واقتناعها بأسباب ما حدث، وكذلك اللجنة الاستشارية بالشؤون الصحية التي أوصت بعد التحقيق وبفعل متابعة سموه وحرص المسؤولين بإحالة القضية من قبل الشؤون الصحية إلى المدعي العام وقرار مدير الشؤون الصحية منع الطبيب الذي باشر الحالة من السفر، وكذلك تحويل الزميل الثبيتي إلى مستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام لتلقي العلاج المناسب. وفي جميع الأحوال فإن هذه الحادثة تذكرنا بالعديد من الحوادث التي نتجت عن الأخطاء الطبية التي تكرر حدوثها في أكثر من جهة ومستشفى سواء من المستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو المستشفيات التي يملكها القطاع الخاص، ومن ذلك ارتفاع وفيات نسبة المواليد في أحد مستشفيات المناطق الشمالية وطالبة جيزان الجامعية، ومريضة المدينة وقبل ذلك كله قضية تبديل المواليد المشهورة في نجران وغيرها من الأخطاء الطبية. ومع أن الجهات المختصة في الوزارة أو في القضاء تقوم بواجبها في الحالات التي تثبت فيها الأخطاء وتحرص على تحمل المتسببين فيها مسؤوليات أخطائهم المادية والمعنوية –وإن كنت أرى أن مثل هذه الأخطاء التي تمس الأرواح البشرية هي مسؤولية مشتركة يتحملها كافة المسؤولين في الجهة المختصة-، حيث وصلت الإجراءات التي تم اتخاذها في بعض الحالات إلى إغلاق المستشفى كما حصل في مدينة الرياض قبل أيام أو تحمل الديات والأضرار المادية للمرضى، إضافة إلى القرارات التي اتخذت بشأن قضية الثبيتي -شفاه الله-، إلاّ أن قضية الزميل الثبيتي تطرح سؤالاً كان ينبغي أن يطرح بعد كل واحدة من هذه القضايا، وأن يجد الإجابة قبل انتظار الخطأ التالي، وهو سؤال ينبغي أن يكون له الأولوية لا سيما وأنه لا يعتبر العقوبات التي توجه للمتسببين بهذه الأخطاء الأمر الأهم ولا هي المقصودة بحد ذاتها، بل يهدف لمعرفة كيف نجنب المرضى آثار وتبعات هذه الأخطاء الصحية والنفسية؟ وهو الأهم. وهو كذلك أمر نثق أنه يشغل ولاة الأمر دائماً وما تولي وزارة الصحة أربعة وزراء أحدهم مكلف خلال الفترة القصيرة الماضية إلا أحد المؤشرات على حرص القيادة على البحث عن حلول لمثل هذه المشكلات، هذا طبعاً إلى جانب الأرقام الهائلة التي تصل إليها ميزانيات وزارة الصحة والمشاريع الكبرى التي تشمل المدن الصحية والمستشفيات والمراكز في سائر أنحاء المملكة. أما في المنطقة الشرقية فإننا محظيون -والحمد لله- بأمير شاب جعل أمن المواطن والمقيم وصحتهم وتحقيق الحياة الكريمة لهم شغله الشاغل؛ فإننا كذلك قد تفاءلنا بتولي الدكتور خالد الشيباني مسؤولية الإدارة العامة للشؤون الصحية اعتماداً على السمعة الإدارية الطيبة التي اكتسبها أثناء عمله مديراً عاماً تنفيذياً لمستشفى الملك فهد التخصصي بالدمام والمستوى المشهود الذي وصل إليه المستشفى، وإذا كانت هذه الحالة تأتي مع بداية تحمله مسؤوليات موقعه الجديد مديراً عاماً للشؤون الصحية بالمنطقة الشرقية؛ فسوف يكون ما تم وسيتم اتخاذه من إجراءات في قضية الثبيتي مؤشراً ومبشراً –إن شاء الله- لنجاحه في هذا الموقع أيضاً، ولذلك فنحن نشيد بالجهود التي تبذل من أجل سرعة الوصول إلى الحقيقة في حالة الزميل الثبيتي وكذلك العمل بسرعة على وضع الخطط البعيدة المدى التي تحول دون وقوع الأخطاء الطبية التي قد يتعرض لها المرضى، بالبحث بدايةً عن الأسباب التي تؤدي إلى الوقوع في مثل هذه الأخطاء ووضع الحلول الاستباقية، سواء باستقطاب الكفاءات أو تدريب الموجود منها ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب أو زيادة القوى البشرية المتخصصة؛ لأن أحد الأسباب المعروفة للأخطاء هو ازدحام المرضى وقلة عدد الأخصائيين وضيق الوقت المتاح للطبيب إعطاؤه للمريض الواحد، بدءاً من عمليات التشخيص إلى آخر الإجراءات التي تتخذ في مثل هذه الأحوال. ومع أن الموقف المشرف الذي اتخذه سمو أمير المنطقة الشرقية هو المعهود من سموه الكريم إلا أن العبارات تعجز أن توفيه ما يستحق من الثناء، وكذلك تجاوب الشؤون الصحية بالمنطقة السريع إضافة إلى تعاطف الزملاء الصحفيين والإعلاميين وسائر المواطنين، ويظل السؤال ما العبر التي علينا استخلاصها من مثل هذه الحالات، وكيف يمكن تجنب تكرارها؟. * أكاديمي وباحث تربوي واجتماعي