اختتام أعمال اللجنة السعودية النمساوية المشتركة في دورتها التاسعة    وفد اللجنة الوزارية العربية الإسلامية يعقد جلسة مباحثات مع وزير الخارجية الإسباني    ب5000 مقاتل.. أوروبا تطلق قوة «الرد السريع»    بطلا الملاكمة الروسي ديمتري والليبي مالك يتواجهان في «موسم الرياض»    الشورى يقر إنشاء مطارات تكلفة منخفضة التكلفة حول مدينة الرياض    نائب أمير منطقة مكة يطّلع على برامج صندوق تنمية الموارد البشرية    الرئاسة العامة تقدم مجموعة خدمات توعوية نوعية للحجاج والمعتمرين والزوار    جهود المملكة العربية السعودية في صيانة جناب التوحيد والتحذير من الشرك    إصدار صكوك دولية ب5 مليارات دولار    لا ضريبة بجدة لمدة شهر    أمير الشرقية يتفقد عدداً من إدارات خدمات المستفيدين والمستفيدات بالإمارة    النفط يصعد والذهب في انخفاض    الأمين العام للجامعة العربية يلتقي نائب الرئيس الصيني    الجامعة العربية تدعو إلى إعادة صياغة التشريعات لمواجهة تحديات الذكاء الاصطناعي    الدوسري يناقش عددا من البنود خلال اجتماع الدورة 19 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب    الصحة الفلسطينية تعلن انهيار المنظومة الصحية في غزة    البديوي يشارك في الدورة ال 16 لمهرجان الخليج للإذاعة والتلفزيون    رفع الطاقة الاستيعابية لقطار الحرمين السريع لموسم حج 1445    رابطة العالم الإسلامي تُدين مجازر الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني    أمير المدينة يكرم الطلاب الحاصلين على جوائز محلية وعالمية    أمير حائل يشهد حفل التخرّج الموحد للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني    هل باتت «الهدنة» من الماضي؟    رونالدو يعلق على انجازه في الدوري السعودي    رياح مثيرة للأتربة على الرياض    إضافة خريطة محمية الإمام لخرائط قوقل    الهلال يمًدد تعاقده مع جورجي جيسوس    القادسية يتوج ب"دوري يلو"    وزير الداخلية يدشن مشروعات حدودية أمنية بنجران    طائرات "درون" في ضبط مخالفات المباني    وزير الحرس الوطني يرأس اجتماع مجلس أمراء الأفواج    أمير تبوك يطلع على استعدادات جائزة التفوق العلمي والتميز    «الشورى» يطالب «حقوق الإنسان» بالإسراع في تنفيذ خطتها الإستراتيجية    خيسوس وكاسترو.. من يحصد «أغلى الكؤوس»    5 أعراض يمكن أن تكون مؤشرات لمرض السرطان    تحذير لدون ال18: القهوة ومشروبات الطاقة تؤثر على أدمغتكم    هذه الألوان جاذبة للبعوض.. تجنبها في ملابسك    كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة.. ريادة في التأهيل والتطوير    «مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية»: بلوغ نسبة مبادرات رؤية 2030 المكتملة والتي تسير على المسار الصحيح 87%    أمير المدينة يستقبل السديس ويتفقد الميقات    الهلال الاحمر يكمل استعداداته لخدمة ضيوف الرحمن    هيئة تنظيم الإعلام: جاهزون لخدمة الإعلاميين في موسم الحج    مكتب تواصل المتحدثين الرسميين!    هؤلاء ممثلون حقيقيون    أخضر الصم يشارك في النسخة الثانية من البطولة العالمية لكرة القدم للصالات    الحسيني وحصاد السنين في الصحافة والتربية    اختتام معرض جائزة أهالي جدة للمعلم المتميز    وزارة البيئة والمياه والزراعة.. إلى أين؟    أسرة الحكمي تتلقى التعازي في محمد    أمريكي يعثر على جسم فضائي في منزله    ولاء وتلاحم    مثمنًا مواقفها ومبادراتها لتعزيز التضامن.. «البرلماني العربي» يشيد بدعم المملكة لقضايا الأمة    تواجد كبير ل" روشن" في يورو2024    العروبة.. فخر الجوف لدوري روشن    شاشات عرض تعزز التوعية الصحية للحجاج    دعاهم للتوقف عن استخدام "العدسات".. استشاري للحجاج: احفظوا «قطرات العيون» بعيداً عن حرارة الطقس    عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في نجران    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا مليكي.. رحمه الله!
نشر في اليوم يوم 29 - 01 - 2015

كما يليق بفارس هُمَامٍ، على أَطلالِ نصر يحمحم جواده فيه، غرس رمحه في أرض لم تطأها قدما إنسان ثم ترجل.. أبو متعب!!
كانت رغبته أن يلقى نهايته محاطا بأبنائه، فلم يمت إلا هنا وقلوبنا حوله. جاء الموت منه على استحياءٍ، فوجده أشرفَ خصم يُلاقى، وأنبلَ رجلٍ يُقابل!
مثل نخلة نابتة في لهيب صحراءِ قائظةٍ كانَ!
في الصحراء وُلِد، وبالصحراء عاشَ، وعلى الصحراء بنى لنا وطنا! كأنه هو هذه الصحراء الشاسعة.. صلب وعنيد باطش بعدوه..
نهر من الحنان الدافئ على أبنائه!
كأنه من قلب التاريخ نَبَتْ!
وكنا نقول البارحة:
أعزَّه الله، كما أعز شعبه
ورفع الله قدره كما رفع قدر المملكة
والآن نقول:
رحمه الله كما رحم ضعف الْأُنثَى وجبر كسرها
ومدّ الله له في قبره، كما وسع علينا ما ضاق من الطريق
وأسكنه الله فسيح جناته، كما أسكننا في قلبه ووجدانه وفكره!!
هذا مليكي رحمه الله!
أكان قدري أن أُفجع في أبي مرتين؟!
حنان الإخوة لا يكفيني، ويد تُرَبِّتُ عَلَى كتفي لا تقطع سلسال البكاء.. دمع هتون أسفحه غير عابئة، كلما نظرتُ في عَيْنِ جارٍ أو أخٍ جاوبتني منه دمعة، تقول: مصابُنا واحدٌ!
منذ أن مَهَرَتْ يَدُكَ الكريمة ورقةَ تعييني في منصبي الجديد، وأنا أتحيَّنُ الفرصةَ كي أقبِّلَها، يدَ أبٍ حنونٍ، ومَلِكٍ طَيِّبٍ، وأعظم خادم لأطهر أرض.. الْآنَ ترحلُ يا أبي غير منتظِر مني عرفانًا أو شكرًا صدَّاحا.. كأنني أراك يا أبا متعب تبتسم لي وتلوِّح في رحلتك إلى هناك، غير بعيد، إلى عالم لا يصحبك فيه سوى عملك الطيب، ورضاك بما قسم الله لك مواطنا وأميرا، وَلِيًّا للعهد فخادمًا لحرمين عشت تضعهما في مقلتيك وضع الأم الرؤوم طفلها.. اللهم شفعهما فيه!
أما وقد اختارك الله ضيفا مقيما في دار الحقّ، فإنني هنا ترس في آلة صنعتها يداك، على درب طويل طويل نسير.. صوتك الذي كان بالأمس مؤنسنا، اليوم هو هو في وحشة الطريق أنيسنا، وابتسامتك التي اختزلت سنين من العمل المضني، والجهد المشهود نراها الآن أكثر وضحا، كلما ارتفعت أكفٌّ بالسماء داعية!
هذا مليكي رحمه الله!
يتهجَّم عليه شقيٌّ في مؤتمر، فيعامله بطيب خلق ملك لا يستسيغ الإساءة، لكنه لا يردها! كأنه يقول:
إِذَا نَطَقَ السفيهُ فلا تُجِبْه *** فخيرٌ من إجابَتِك السكوتُ
فَإِنْ كَلَّمْتَه فَرَّجْتَ عَنْهُ *** وَإِنْ أَخْزَيْتَهُ.. كَمَدًا يَمُوتُ
هذا مليكي رحمه الله!
يلين قناته لمن سأله.. مُتَبَسِّما مُبْتَسِمًا، يسألونه وهو يئن في مرضه، ما علتك؟ فيرد: يقولون عرق النسا! والله ما رأينا من النساء إلا كل طيب..!
وَهَشَشْتَ لِي حَتَّى كَأَنَّكَ زَائِرِي *** وَأَنَا الَّذِي هَدَّ السُّقَامُ كِيَانِي
يزور المبتعثين في الخارج، فيزُفُّ إليهم البشارة سعيدًا فرحًا: مَا وَصَلَ لَكُمُ الْخَبَرُ؟! زِدتم 50 في المائة!!
إِذَا مَا نِعْمَةٌ وَافَتْ لِغَيْرِي *** شَكَرْتُ كَأَنَّ لِي فِيهَا نَصِيبا
هذا مليكي رحمه الله!
بسط حوارا وطنيا بين أفراد الأمة، فردَّ الشاذ إلى قاعدته، والضال إلى موئله، والمتطرِّف إلى وسطية الإسلام وسماحته..!
أنشأ مدينة للعلوم والتكنولوجيا.. وفوَّج الأفواج، فعُقِدَت المؤتمراتُ وأُنشئِت الجامعات، وتلاحقَتْ ورش العمل، فغَيَّر وجه المملكة، مرة واحدة، إلى الأبد!
ورفع شعار مبادرة السلام في الشرق الأوسط.. فكان الشرق الأوسط سلامًا كله، إلا دولا أبت أن تنضوي تحت دعوته، وهذا حالها يُبْكِي الرائي.
وأطلق حوارا بين أتباع الأديان.. فكان بإذن الله للدين سفراء يحملونه، يعرضون سلعة الرحمن في كل محافل الدنيا، يجادلون بالتي هي أحسن، ويحسنون الاستماع، مزيلين ما علق من صورة التطرف والإرهاب!
وصد الإرهاب عن المملكة، فجنبنا بإذن الله حربا تزهق فيها الأنفس وتضيع الثمرات..
هذا مليكي رحمه الله!
أبو القضية الفلسطينية، وعرَّاب اتفاقات لبنان.. الأخ الأكبر للشقيقة مصر، أملُ الصومال، وحَلُّ اليمن، وصديق أوروبا، والجار الطيب للممالك والأمم، والخصم الشريف الذي يعرف للخصومة حقها، فلا يخادع!
هكذا أكمل أركانَ حكمِه، ودعائمَ مُلْكٍ منضبط، وأسَّس دولة قويَّة، تختال وحدها في المقدمة، وبعدها بأشواط أعظم دول العالم، تنظر وتتعلم! هذا رئيس فرنسا (بلد النور والجمال) يقول: يجب أن نقتدي بالمملكة العربية في مجالات الحضارة!!
سيدي الفارس الراحل.. شعاع شمس المملكة الغارب..
باسم كل طفل صنعت يداك له حلما..
باسم كل شريد أهديتَه وطنا وأهلا
باسم كل مسافر أَنَخْتَ راحلَتَه ورفَّلْتَه أملا
باسم كل امرأة حَرَصْتَ عليها فَبَسَطْتَ لَها يد الطريق المتعثر..
وباسم كل مظلوم استوثق فيك معنى العدَالَة
وباسم كل ظالم عرف أن الله «يزع بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن»
باسم هذا كله أقول لك:
نفتقدك منذ الآن يا أبي!!!
نعزي فيكَ خادمَ الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز.. خير خلف، لخير سلف، ذاكرة المملكة، ومحب الإعلاميين.. نأمل فيه (وهو أهل للأمل) أن يسير بنا بقيةَ طريقِكَ.. ويعبر بنا إلى بر الأمان في جوٍّ مشحون، وعالم يتلاطم كله في كله.
وأن تَنْظُرَ إلينا من هناك نظرةَ الفخور بأنه ربَّى جيلا يعرف حق الله وحق الوطن وحق الجار، فيصون الحقوق ولا يتَعَدَّى، يدعو لك دبر كل صلاة، بأن يسكنك الله فسيح جنته، ولا يحرمنا يا أبي أجرك.
يا أبا متعب..!!
د. فايزة بنت صالح الحمادي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.