انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، واشنطن، مجددا، وحذرها من "خطر السعي للسيطرة على العالم"، وصرح خلال مراسم الذكرى السبعين لتحرير معسكر الاعتقال النازي في اوشفيتز، التي أقيمت في المتحف اليهودي بموسكو) بأن أي "محاولة لاعادة كتابة التاريخ" أمر "غير مقبول"، وقال: "في أغلب الاحيان هناك وراء هذه المحاولات رغبة في اخفاء عار الجبن ونفاق وخيانة واخفاء التواطؤ الضمني السلبي أو الفعلي مع النازيين". ولن يشارك الرئيس الروسي في المراسم التي تنظم في بولندا كما فعل في 2005 معتبرا انه لم يتلق دعوة رسمية مع ان وارسو قالت : إنها لم ترسل أي دعوة رسمية الى العديد من رؤساء الدول. وحرر المعسكر في 27 يناير 1945 جنودا من "الجبهة الاوكرانية الأولى" في الجيش الاحمر ، وكان هذا الجيش يتألف من جنود من جمهوريات سوفياتية عدة خصوصا روس وأوكرانيين. وقال بوتين : إن "سبعين بالمائة من ضباط الجيش الأحمر كانوا من الروس"، مشيرا الى أن نصف مليون يهودي كانوا يقاتلون في صفوف الجيش الأحمر ، قتل منهم نحو 200 ألف شخص. وطالب بوتين بالعودة إلى التعاون الدولي لأن "خطر السعي للسيطرة على العالم يتضح بكل قوة في شرق أوكرانيا، حيث يجري قتل مدنيين هناك بدم بارد" وأضاف بوتين : "علينا أن ندافع معا عن حق الدول في اختيار طريق تطورها". وكان الرئيس بوتين وصف - أمس الأول - الجيش الأوكراني بأنه عبارة عن "فرقة أجنبية" تعمل لصالح الحلف الاطلسي ضد روسيا، قبيل اجتماع استثنائي للحلف خصص لبحث تصاعد أعمال العنف في أوكرانيا. وأمام الهجمات التي بات يشنها الانفصاليون الموالون لروسيا على طول خط الجبهة التي أوقعت 12 قتيلا بينهم خمسة مدنيين في غضون 24 ساعة، وتحسبا لهجوم أعلنه الانفصاليون، بدأت السلطات الاوكرانية اجلاء الاطفال من عدد من النقاط الساخنة في الشرق الاوكراني. وتحت الضغط المتنامي للغربيين، وجه الرئيس الروسي - الاثنين - اتهامات للقوات الاوكرانية التي تخوض معارك في الشرق التي تتألف - حسب تعبيره - في القسم الاكبر منها مما يسمى كتائب المتطوعين القوميين. وأضاف بوتين من بطرسبورغ حسبما نقل التلفزيون الروسي : "في الواقع، ليس جيشا إنما فرقة أجنبية تعمل لصالح الاطلسي ولا تتضمن أهدافها الدفاع عن المصالح الوطنية لأوكرانيا، كما ان لديها هدفا جيوسياسيا وهو احتواء روسيا"، ووصف الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس ستولتنبرغ التصريحات التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها "لا معنى لها". وقال ستولتنبرغ للصحفيين في ختام اجتماع استثنائي للمفوضية الاوروبية والحلف الاطلسي حول أوكرانيا في بروكسل: إن "القول: هناك فرقة اجنبية في اوكرانيا لا معنى له. لا توجد فرقة للحلف الاطلسي، القوات الاجنبية في أوكرانيا هي روسية". وأعلن الجيش الأوكراني أمس أن تسعة من جنوده قتلوا في القتال مع الانفصاليين المدعومين من روسيا خلال أربع وعشرين ساعة مضت في الوقت الذي يقاتل فيه الانفصاليون من أجل تطويق بلدة واقعة على طرق النقل الرئيسية بين معقليهم. وبلغ القتال في شرق أوكرانيا أعنف مستوياته منذ الاتفاق على وقف لإطلاق النار في سبتمبر الماضي، وتتهم أوكرانيا والغرب روسيا بدعم تقدم الانفصاليين الأخير بشكل علني بالمال والسلاح والقوات على الأرض. وقال المتحدث العسكري الأوكراني فلاديسلاف سيليزنيوف: إضافة للقتلى هناك 29 جنديا أصيبوا، مضيفا أن أشرس قتال اندلع قرب بلدة ديبالتسيف إلى الشمال الشرقي من دونيتسك الواقعة تحت سيطرة الانفصاليين، وتابع في إفادة صحفية بثها التلفزيون : "الوضع مازال متوترا". وأوضح الجيش الاوكراني ان المتمردين أطلقوا النار 115 مرة في الساعات الاربع والعشرين الاخيرة على مواقع الجيش الاوكراني وعلى بلدات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك الانفصاليتين في شرق البلاد، وقضى سبعة جنود أوكرانيين اضافة الى خمسة مدنيين. وأبلغ قائد شرطة منطقة دونيتسك فياتشيسلاف ابروسكين المتمردين بأن الشرطة ستقوم باجلاء الاطفال من بلدتي ماريينكا وكراسنوغوريفكا (20 كم شمال شرق دونيتسك)، حيث تكثفت عمليات القصف براجمات الصواريخ منذ بصعة ايام، الى منطقة دنيبروبيتروفسك المجاورة. وأعلن الحاكم المحلي لمنطقة لوغانسك غينادي موسكال، في كييف - الاثنين - ان حوالى مائة طفل مازالوا في قرية ترويتسكي بمنطقة بوباسنا (60 كم شرق لوغانسك). كذلك مازال الوضع متوترا حول مدينة ديبالتسيف الاستراتيجية في منطقة دونيتسك، حيث يقوم "المتمردون بعملية لصد القوات الأوكرانية"، كما أعلن ادوارد باسورين المسؤول في "جمهورية دونيتسك" المعلنة من جانب واحد. وردا على اسئلة وكالة فرانس برس، أكد المتحدث الاوكراني ليونيد ماتيوخين ان "المعارك جارية" وان المتمردين يهاجمون المواقع الاوكرانية بالدبابات والمدفعية. وروت ستيلفانا (30 عاما) وهي من سكان قرية ديبالتسيف المجاورة، في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان "صواريخ غراد تسقط بأعداد كبيرة منذ بضعة أيام والسلطات تتصرف وكأن شيئا لا يحصل". وقد صوت أغلبية أعضاء البرلمان الأوكراني، على قرار يعتبر روسيا "دولة معتدية"، واتخذ أغلبية النواب الموالين للغرب هذا القرار في خطوة من شأنها دعم الحكومة الأوكرانية في محاربة الانفصاليين الموالين لروسيا شرق أوكرانيا، وجاء في البيان الذي صوت عليه البرلمان أمس أن موسكو تدعم الإرهاب وتعرقل قرارات مجلس الأمن. وذكرت وسائل إعلام أوكرانية ان 271 من إجمالي 289 نائبا بالبرلمان صوتوا لصالح القرار ، كما قبل البرلمان القراءة الأولى لمشروع قانون يعتبر منطقتي دونيتسك ولوجانسك اللتين أعلنتا استقلالهما عن أوكرانيا بمثابة منظمتين إرهابيتين. وقالت سامانثا باور سفيرة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة - أمس الأول - إن الهجمات القاتلة في مدينة ماريوبول الساحلية في مطلع الأسبوع توضح أن هدف موسكو هو زيادة الأراضي الأوكرانية التي تسيطر عليها. وتمثل مدينتا دونيتسك ولوجانسك معا نحو تسعة بالمئة من الأراضي الأوكرانية بخلاف شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا من كييف في مارس آذار الماضي. ويسيطر الانفصاليون على أقل من نصف هذه المنطقة ولكنهم أعلنوا أكبر مدينتين في المنطقة عاصمتين لجمهوريتيهما الشعبيتين اللتين أعلنتا من جانب واحد. وبعد شهور من اتفاق وقف اطلاق النار الذي خرقته مناوشات صغيرة على خط الجبهة قال انفصاليون الأسبوع الماضي: إنه ليس أمامهم خيار سوى التقدم وإن هدفهم الرئيس هو صد القوات الحكومية التي تقصف المدينتين الواقعتين تحت سيطرة الانفصاليين. وترى حكومة كييف أن تقدم الانفصاليين فسخ لاتفاق وقف إطلاق النار وتقول كييف وحلف شمال الأطلسي: إنهما يعتقدان أن الآلاف من القوات الروسية في شرق أوكرانيا تقاتل مع الانفصاليين بأسلحة متقدمة رغم نفي موسكو، وتوعد الانفصاليون بتطويق بلدة ديبالتسيف التي كان يقطنها قبل الصراع حوالي 46 الف شخص وتقع على طرق نقل رئيسية بين معقلي الانفصاليين. وانتقد الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لامبيرتو زانير، عرقلة الانفصاليين المواليين لروسيا في شرق أوكرانيا لمهمة المنظمة. وقال زانير في تصريحات لصحيفة "دي فيلت" الألمانية : إن الانفصاليين لا يسمحون بتوسع المهمة على الحدود الروسية، مضيفا أنهم لا يسمحون بتواجد مراقبي المنظمة إلا في الأماكن التي يريدونها (الانفصاليون)، وقال: "إننا بذلك نخاطر بإساءة استخدام مهمتنا كأداة للدعاية". وطلب قادة الاتحادالأوروبي من وزراء خارجيتهم أن ينظروا - خلال اجتماعهم في بروكسل، غدا الخميس - في إبداء رد مناسب على تجدد القتال في أوكرانيا بما في ذلك فرض عقوبات جديدة على روسيا. وقال قادة الاتحاد في بيان مشترك نادرا ما يصدر بهذه الصيغة : "نعبر عن قلقنا من الوضعين الإنساني والأمني المتدهورين في شرق أوكرانيا، نحن نشجب قتل مدنيين خلال القصف العشوائي لمدينة ماريوبول الأوكرانية في 24 يناير 2015". وأضافوا : "لاحظنا وجود دليل على الدعم المستمر والمتنامي للانفصاليين من قبل روسيا الأمر الذي يؤكد مسؤوليتها، ونحن نحث روسيا على إدانة أعمال الانفصاليين وتطبيق اتفاقات مينسك". وتابع البيان : "نظرا للوضع المتردي فإننا نطلب من مجلس الشؤون الخارجية في اجتماعه القادم تقييم الوضع والنظر في أي رد مناسب خصوصا من زاوية فرض المزيد من الإجراءات التقييدية بهدف التنفيذ الشامل والسريع لاتفاقات مينسك" وأضاف القادة الأوروبيون: إنهم سيقيمون الوضع في اجتماعهم المقبل في فبراير . وأعرب الرؤساء عن "قلقهم حول تدهور الوضع الامني والانساني في شرق اوكرانيا" ونددوا ب "مقتل مدنيين في عمليات القصف العشوائية لمدينة ماريوبول". وأسفر قصف صاروخي نفذه الانفصاليون الموالون لروسيا على هذه المدينة عن سقوط ثلاثين قتيلا يوم السبت، وعلى ضوء الوضع قررت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيديريكا موغيريني الدعوة الى اجتماع طارئ لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي غدا. يذكر أن الاتحاد الأوروبي فرض بالفعل عدة حزمات من العقوبات ضد موسكو لدورها في الأزمة الأوكرانية، أبرزها وضع قيود على الواردات الروسية من السلع الأوروبية وحرية وصول المصارف لأسواق الائتمان الأوروبية، ومن المقرر أن يناقش الزعماء الأوروبيون الأزمة الأوكرانية خلال القمة المقررة في بروكسل في 12 فبراير المقبل. من جانب آخر، بحث وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي خلال اجتماعهم - أمس الثلاثاء - في بروكسل سبل دعم أوكرانيا المهددة بالإفلاس بمساعدات مالية جديدة تقدر بالمليارات، وقال وزير المالية الهولندي يروين ديسلبلوم في الاجتماع: "أعتقد أنه يتعين علينا دعم أوكرانيا في كل الأحوال، لكن الوضع والتصعيد الحالي يزيدان الأمر إلحاحا". يذكر أن المفوضية الأوروبية اقترحت من قبل تقديم مساعدات جديدة لكييف تقدر ب «8ر1» مليار يورو.