بعد واحد من أقل الأسابيع تذبذباً خلال الأشهر الثلاثة الماضية اختتم سوق الأسهم السعودية تداولاته على تراجع طفيف بلغ 37 نقطة فقط، أي بنسبة 0.4% وهذا يدل على اشتداد الصراع بين قوى البيع وقوى الشراء في السوق،؟ وسبب ذلك حالة الترقب التي كانت تسود السوق من أية أخبار سياسية أو اقتصادية مؤثرة قد تطرأ خلال المرحلة المقبلة، لكن ما طرأ من وفاة - المغفور له بإذن الله - الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود «طيّب الله ثراه» سيجعل الأعين تراقب تحركات السوق خلال هذا الأسبوع بشكل عام، وخلال تداولات اليوم الأحد بشكل خاص ليتبين لهم أثر هذا الحدث الجلل على مجريات السوق وهل سيكون هذا الأثر سلبيا على السوق أم لا؟. من وجهة نظري أرى أن التأثير سيكون محدوداً؛ نظراً لأن طريقة انتقال الحكم بعد وفاة الملك عبدالله إلى الملك سلمان، وسرعة تحديد الأسماء التي ستشغل المناصب السيادية في البلد، تدل بلا شك على أن هناك استقرارا كبيرا في حكم البلاد، وبالتالي سينعكس ذلك بشكل إيجابي على الأداء الاقتصادي للمملكة في شتى المجالات، ومنها سوق الأسهم السعودية. وقد عايش السوق السعودي أحداثا مماثلة مات خلالها العديد من أصحاب المناصب الكبيرة في المملكة، ولم يكن لذلك تأثير سلبي كبير على أداء سوق الأسهم ومنهم: الملك فهد بن عبدالعزيز، والأمير سلطان بن عبدالعزيز، والأمير نايف بن عبدالعزيز - رحمهم الله جميعاً -. وبما أن المسار السابق هابط فإنه من الناحية الفنية أي ضغط بيوع سيشهده السوق خلال هذا الأسبوع سينتج عنه خسائر لمعظم الشركات المدرجة؛ بسبب أن المضاربين لن يتمسكوا بأسهمهم بل على العكس سيسعون إلى التخفيف من الكميات الموجودة لديهم، بهدف تخفيف وطأة الهبوط المحتمل على أداء محافظهم، والدليل على صحة هذه الفرضيّة سيكون ارتفاعا في السيولة المتداولة خلال مرحلة الهبوط القادم لو حدث ذلك الأمر بالفعل. أما من حيث سيولة الأسبوع الماضي فقد شهد انخفاضاً حاداً مقارنةً بالأسبوع الذي قبله، نتيجة ضعف التذبذب وعدم وضوح المسار الحالي للسوق، حيث توقفت السيولة عند 33 مليار ريال، أي أقل من سيولة الأسبوع قبل الماضي بحوالي 7.8 مليار ريال. أهم الأحداث العالمية أغلق خام برنت على مستوى 48.76 دولار للبرميل، بعد أن فشل في الثبات فوق مقاومة 50 دولارا، وفي ذلك إشارة إلى عدم استقرار أسعار الخام حتى الآن، وأنه ما زال مرشحا للهبوط أكثر من ذلك لو استمر في التداول دون 50 دولارا خلال الأسبوعين المقبلين، لكن تغير القيادة السياسية لأكبر بلد نفطي في العالم قد يجعل السياسة النفطية في المملكة والتي قادت الأسعار للهبوط خلال الأشهر الخمسة الماضية تتغير، لكن في رأيي أن الأوضاع التي جعلت السعودية تتخذ قرار ضغط الأسعار للأسفل لم تتغير، لذلك قد تستمر المملكة في جعل الأسعار تتداول دون مستوى 70 دولارا للبرميل على الأقل حتى نهاية العام الحالي. أما خام وست تكساس فقد أغلق نهاية الأسبوع المنصرم على مستوى 45.39 دولار للبرميل، وبذلك يكون قد أفشل سيناريو الارتداد المحتمل، وأن المسار الهابط الحالي سيستمر حتى منطقة الدعم المهمة عند 40 دولارا ولا أتوقع أن يكون هناك ارتداد قبل هذه النقطة. واستمرار الخام الأمريكي في الهبوط بهذه الحدة يعني أن شركات النفط الصخري قد تعلن إفلاسها الواحدة تلو الأخرى، بعد أن دخلت فعلياً في دائرة الخسائر منذ أن فقد الخام مستوى 75 دولارا للبرميل نهاية شهر نوفمبر الماضي، وقد بدأت بعض تلك الشركات بإجراءات إعلان الإفلاس، كما حدث مع شركة «WBH Energy» بالإضافة إلى إغلاق العديد من الحقول التي بلغت نحو 61 حقلاً. وبعكس أسعار النفط أجد أن أسعار الذهب بدأت بوادر التحوّل الإيجابي تظهر على رسمها البياني، ولم يبق لها إلا تجاوز مقاومة 1,340 دولار ليتأكد الصعود بعد ذلك حتى مشارف 1,580 دولار للأوقية، وقد يدعم ذلك السيناريو الإيجابي استمرار الأزمة الأوروبية وخطة التيسير الكمي المقررة هناك، بالإضافة إلى استمرار هبوط الين الياباني وعدم تغيير السياسة النقدية لدى البنك المركزي الياباني. أهم الأحداث المحلية كانت إعلانات قطاع الاتصالات ونظم المعلومات مخيبة جداً للآمال وخاصةً شركة الاتصالات السعودية، فقد أعلنت الأخيرة عن ارتفاع الأرباح لعام 2014م بواقع 11.23% مقارنةً بالعام 2013م، ورغم ذلك إلا أن هذا أقل من توقعات المحللين والذين توقعوا أن تتجاوز نسبة الأرباح المعلنة على 18% كأقل تقدير، وهذا ما جعل السهم يفقد خلال تداولات يوم الثلاثاء الماضي أكثر من 5% من قيمته السوقية. أما شركة موبايلي فقد كان متوقعاً لها أن يكون إعلانها سلبياً، لكن ليس لدرجة أن تعلن عن تراجع أرباح العام 2014م بواقع 96.29%، وهذا يعود في تقديري إلى سوء الإدارة المالية والفنية للشركة خلال العامين الماضيين واللذين تسببا في وقوع الشركة في أزمة لن تنهض منها في رأيي خلال العام الحالي بل ستحتاج إلى وقت أكبر من ذلك. أما شركة اتحاد عذيب فقد أوضحت في إعلانها أن الخسائر المتراكمة للشركة بلغت نسبة 57.52 % من رأس المال المدفوع. وأتوقع أن تستمر الشركة في تسجيل الخسائر ما دامت الإدارة الحالية مستمرة في إدارة دفّة الأمور، حيث إن المؤشرات الحالية تشير إلى أن هذه الإدارة ليس لديها المزيد لتقدمه، وأن الشركة في حاجة لإدارة جديدة تدير الأمور بشكل أكثر احترافية. أما شركة زين السعودية فأعتقد أنها تتقدم إلى الأمام في أدائها، لكن بشكل بطيء وربما يكون ذلك بسبب شراسة التنافس مع شركتي الاتصالات السعودية وموبايلي، لكن مع ذلك تمكنت من تقليص خسائرها للعام 2014م بنسبة 23.08% وهذا بلا شك أمر إيجابي لكنه غير كاف فالشركة لا تزال خاسرة. التحليل الفني من الملاحظ على الرسم البياني لسوق الأسهم السعودية أجد أن المؤشر العام للسوق ما زال يسير داخل نطاق أفقي مما يمثّل بشكل واضح حالة الحيرة التي يعيشها المتداولون، ففي حين أن البعض منهم يرى أن سلبية المؤثرات الاقتصادية الخارجية ما زالت مستمرة مثل استمرار انخفاض أسعار النفط والتراجع الكبير في سعر صرف اليورو، بالإضافة إلى الصعود المستمر لمؤشر الدولار يرى البعض الآخر أن النفط وصل لمرحلة الاستقرار كما ترى العديد من بيوت الخبرة العالمية، وأن مكررات الربحية والتوزيعات النقدية والمنح أصبحت مغرية للعديد من الشركات مقارنةً مع أسعارها السوقية الحالية. لكن في رأيي يبقى الحكم الأخير للناحية الفنية والتي تشير إلى أن ثبات المؤشر العام فوق مستوى 8,200 نقطة يعني أن التوجه القادم سيكون للأعلى ويتأكد ذلك باختراق مستوى 8,950 نقطة. أما كسر دعم 8,200 نقطة فيعني أن الهبوط سيكون هو المصير المحتوم، ويتأكد ذلك بكسر دعم 7,800 نقطة وربما بكسر هاتين النقطتين سيسجل السوق مستوى أدنى جديدا لم يشهده خلال العامين الماضيين. أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية سيحاول الدخول في موجة صاعدة، خاصةً بعد النتائج الإيجابية لجميع شركاته ما عدا مصرف الراجحي وبنك الجزيرة، لكن هذه النظرة لن تتأكد إلا بتجاوز القطاع مقاومة 19,270 نقطة وهذا يحتاج إلى صعود جماعي لجميع البنوك. أما كسر دعم 18,400 نقطة فيعني أن موجة الهبوط قد بدأت بالفعل وستضغط على أداء جميع البنوك بل وعلى السوق ككل. من جهة أخرى أجد أن قطاع الصناعات البتروكيماوية لا يزال يسير في نفس الاتجاه الأفقي منذ أكثر من شهر، وهذا يشير إلى انتظار القطاع انتهاء فترة الاعلانات، وبعدها سيأخذ مسارا أكثر وضوحاً من الحالي، فاختراق قمة 6,300 نقطة تعني أن المسار الصاعد سيكون هو المسيطر خلال الأسابيع القليلة القادمة، أما كسر دعم 5,500 نقطة فيوحي بأن القطاع سيكون تحت رحمة المسار الهابط القادم والذي سيضغط على أداء السوق بشكل عام خاصةً إذا ترافق ذلك مع تسجيل أسعار النفط مستويات سعريّة جديدة. أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي قطاعات الاسمنت والطاقة والتطوير العقاري والنقل. في المقابل ستشمل قائمة القطاعات السلبية كما أتوقعها قطاعات التجزئة والزراعة والاتصالات والتأمين والاستثمار المتعدد والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والاعلام وقطاع الفنادق والسياحة. الخزف السعودي تتجه إلى مستوى دعم تاريخي تأسست شركة الخزف السعودي في عام 1977م، وتتمثل النشاطات الرئيسية للشركة في إنتاج وبيع المنتجات الخزفية وسخانات المياه ومكوناتهما واستيراد ما يتطلبه ذلك من معدات وآلات ومواد مكملة، ويبلغ رأسمال الشركة حوالي 375 مليون ريال سعودي. التحليل الفني للشركة بعد الهبوط الكبير الذي أفقد الشركة حوالي 43% من قيمتها السوقية استقر سعر السهم فوق مستويات 91 ريالا، وهذا المستوى يُعتبر دعماً تاريخياً مهماً خلال الفترة القادمة، فكسر ذلك الدعم يعني أن السهم سيواجه ضغوطات بيعية قد تدفع به لمناطق 82 ريالاً. لكن احترام دعم 91 ريالاً لا يكفي وحده للدخول في مجال الإيجابية بل لابد من اختراق مقاومة 114 ريالاً والثبات أعلى منها حتى يتم التأكد بأن المسار الهابط انتهى بالفعل. والشركة هي إحدى أهم الشركات المدرجة في السوق نظراً لقيادتها واحداً من أبرز القطاعات في السوق، وهو قطاع التشييد والبناء، ولا شك بأن مركزها المالي يجعلها مستهدفة من قبل المحافظ والصناديق الاستثمارية، خاصةً وأنها من الشركات ذات التوزيع المستقر نوعاً ما، بالإضافة إلى النمو الجيد للشركة على مدار السنوات القليلة الماضية. الجدير بالذكر أن مجلس إدارة الشركة قد أوصى بزيادة رأس المال من 375 مليون ريال إلى 500 مليون ريال عن طريق توزيع أسهم منحة بنسبة 33 % ( سهم مجاني مقابل كل 3 أسهم ) بالإضافة إلى توزيع أرباح نقدية على المساهمين بواقع 2 ريال عن السهم الواحد كأرباح عن العام المالي 2014م.