وزير الدفاع يرعى حفل تخريج الدفعة ال82 من طلبة كلية الملك عبدالعزيز الحربية    محمد بن ناصر يرعى تخريج طلبة جامعة جازان    في ذكرى الرؤية.. المملكة تحتفي بتحقيق العديد من المستهدفات قبل وقتها    الذهب ينخفض مع تراجع الطلب واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة    رئيس الشورى يرأس وفد المملكة في مؤتمر البرلمان العربي    حزمة الإنفاق لأوكرانيا تشكل أهمية لمصالح الأمن الأمريكي    الاهلي يسقط امام الرياض بهدفين لهدف    تأكيد غياب هتان باهبري وراكيتيتش عن مواجهة الشباب ضد الاتحاد غداً    لاعب ريال مدريد على رادار دوري روشن    أمير القصيم يثمن دعم القيادة للمشروعات التنموية    بوتين يعلن اعتزامه زيارة الصين الشهر المقبل    إطلاق برنامج تدريبي لطلبة تعليم الطائف في الاختبار التحصيلي    جائزة الامير فهد بن سلطان للتفوق العلمي والتميز تواصل استقبال المشاركات    فيصل بن بندر يرأس اجتماع المجلس المحلي بمحافظة الخرج    استثمر في عسير ببلديات القطاع الشرقي    فيصل بن فرحان يهنئ وزير خارجية اليمن بمناسبة توليه مهمات عمله    بريطانيا تعلن فرض حزمة عقوبات جديدة على إيران    مريض سرطان يؤجل «الكيماوي» لاستلام درع تخرجه من أمير الشرقية    «الثقافة» تُعيد افتتاح مركز الملك فهد الثقافي بعد اكتمال عمليات الترميم    "سلطان الطبية" تنفذ دورة لتدريب الجراحين الناشئين على أساسيات الجراحة    تسيير حافلات لدعم الأخضر أمام أوزبكستان    "ذكاء اصطناعي" يرفع دقة الفيديو 8 أضعاف    تشافي: مشروع برشلونة وراء قرار بقائي في منصبي وليس المال    «الإسلامية»: ضبط اختلاسات كهرباء ومياه مساجد في جدة.. لتشغيل محلات ومصاعد وبسطات    نائب وزير الموارد البشرية للعمل يلتقي سفير أثيوبيا لدى المملكة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يلتقي مديري عموم فروع الرئاسة في مناطق المملكة    "روح السعودية" تختتم مشاركتها في فعاليات منتدى العمرة والزيارة 2024    مستشفى ظهران الجنوب يُنفّذ فعالية "التوعية بالقولون العصبي"    بعد مقتل اثنين من موظفيها .. بلجيكا تستدعي السفيرة الإسرائيلية    الحوثي يقر باستهداف سفن أمريكية وإسرائيلية.. هيئة بريطانية: انفجار قرب سفينة قبالة عدن    نائب أمير الشرقية يستقبل نائب رئيس مجلس أمناء جمعية قبس للقرآن والسنة    مواقع التواصل تحتفي بمغادرة خادم الحرمين الشريفين المستشفى    أمير عسير يعزي الشيخ ابن قحيصان في وفاة والدته    "الجمعة".. ذروة استخدام الإنترنت بالمملكة    استمرار هطول أمطار رعدية مصحوبة برياح نشطة على المملكة    التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن وكالة الأونروا    إنشاء مركز لحماية المبلغين والشهود والخبراء والضحايا    أدوات الفكر في القرآن    «النقد الدولي» يدشن مكتبه الإقليمي في السعودية    فهد بن سلطان يتسلّم شهادة اعتماد تبوك مدينة صحيّة    بيع "لوحة الآنسة ليسر" للرسام كليمت بمبلغ 32 مليون يورو    حجار التعصب تفرح بسقوط الهلال    النفع الصوري    حياكة الذهب    مين السبب في الحب ؟!    اللي فاهمين الشُّهرة غلط !    إجراء أول عملية استبدال ركبة عبر «اليوم الواحد»    تحت رعاية الأمير عبد العزيز بن سعود.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 1370 مجنداً    أسرة البخيتان تحتفل بزواج مهدي    انطلاق "التوجيه المهني" للخريجين والخريجات بالطائف    "أم التنانين" يزور نظامنا الشمسي    تجهيز السعوديين للجنائز «مجاناً» يعجب معتمري دول العالم    «سدايا» تطور مهارات قيادات 8 جهات حكومية    مقصد للرحالة والمؤرخين على مرِّ العصور.. سدوس.. علامة تاريخية في جزيرة العرب    رسالة فنية    بعضها يربك نتائج تحاليل الدم.. مختصون يحذرون من التناول العشوائي للمكملات والفيتامينات    تجاهلت عضة كلب فماتت بعد شهرين    جامعة جازان تحتفي بتخريج 9,597 خريجاً وخريجة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رُوحُ الأسلوب: دليلُ المُفكّر للكتابة في القَرن الحادي والعشرين« 1»
نشر في اليوم يوم 20 - 12 - 2014

ستيفن بينكر، أستاذُ علم النفس في جامعة هارفارد، متخصص في اللغويات وعلم اللغة النفسيِّ وعلوم الإدراك، ألف العديد من الكتب المشهورة في هذا المجال مثل: "غريزة اللغة" (1994)، و"كيف يعمل العقل" (1997)، و"كلمات وقواعد" (1999)، و"القائمة الخالية"(2002)، و"جوهر الفكر؛ اللغة باعتبارها نافذةً للطبيعة الإنسانية" (2007)، و"روح الأسلوب" (2014). صنَّفته مجلة التايم والفورين بوليسي وبروسبكت من أهم مئة مفكر وشخصية مؤثِّرة في العالم.
  
مقتطفات من الفصل الأول من كتاب "رُوحُ الأسلوب".
الكتابة الرفيعة؛ هندسة النثر الجميل العكسية، مفتاحُ الارتقاء بالأذن الكتابية.
كتَب أوسكار وايلد: "إنَّ التعليمَ أمرٌ مثيرٌ للإعجاب حقًّا، ولكن يجب أنْ نتذكر أنه ليس كلُّ ما يستحق معرفته يمكن تعليمه"! أثناء كتابة هذا الكتاب، راودتني لحظاتٌ كئيبة خشيةَ أنْ يكون وايلد محقًّا! عندما انتقيتُ بعضًا من أعمال الكتَّاب المشهورين لمعرفة أيَّ أسلوبٍ اتَّبعوا في مرحلة المران، كان الجوابُ الذي وصلتُ إليه: "لا يوجد!"، فقد كانت الكتابة موهبة فطرية لديهم كما قالوا. قد أكون آخر من يشكُّ في شعور الكتاب الجيديين بالزهوِ حيالَ امتلاكهم موهبة فطرية في بناء الجمل وحفظ المفردات، ولكن ما من أحد يولد بتلك المهاراتِ بحدِّ ذاتها، فهذه المهاراتِ لا تُكتَسب من كُتب تعليم أساليب الكتابة، وإنما تُستقى من مصدر آخر.
هذا المصدرُ هو أعمالُ الكُتاب الآخرين المبدعين، الذين تشرَّبوا عددًا لا يُحصى من المفرداتِ، والتعابير، والاستعاراتِ، والتراكيب والجمل البلاغية، مع إحساسٍ بكيفية تشابُكها وتعارُضها.
هذه هي "الأذن" المرهَفة للكاتب الماهر، والحسُّ بالأسلوب الخفيّ، الذي تعترف كلُّ كتب تعليم الأساليب الكتابية، وأتباع وايلد، بأنه لا يمكن أنْ يُتعلم.
يحاول كتّابُ سير المؤلفين العظماء دائمًا تعقُّب الكتب التي قرأوها عندما كانوا صغارًا؛ لأنهم يعرفون أنَّ هذه المصادر هي مفتاحُ موهبتهم.لم أكن لأكتب هذا الكتابِ لو لم أعتقد - على عكس وايلد - أنَّ العديدَ من مبادئ الأساليب يمكن تدريسها فعلاً، ولكنَّ نقطة البداية لتصبح كاتبًا جيدًا هي أنْ تكون قارئًا جيدًا.
اكتسب الكتابُ هذه الطريقة من خلال اكتشاف النثر الجميل، وتذوقه، وهندسته عكسيًّا. والهدفُ من هذا الفصل هو تقديمُ لمحةٍ عن كيف يمكن هذا؟، لقد اخترتُ أربعة نصوص من القرن الحادي والعشرين، متنوعةَ الأسلوب والمحتوى، وسوف نفكر بصوت عالٍ في محاولةٍ لفهمها. ليس مقصدي الثناءَ على هذه النصوص، ولست أدعو لمحاكاتها؛ إنها فقط للتوضيح، من خلال نظرة خاطفة في تيار الوعي لديَّ؛ فإنَّ التأمل في النصوص الجيدة عادةً ما يكشف أسبابَ تميزها.
إنَّ تذوُّق النثر الجميل ليس مجردَ وسيلة فعالة للارتقاء "بالأذن الكتابية" عبر اتباعِ مجموعة من الوصايا؛ بل إنه أمرٌ أكثر جاذبية، حيث أن أكثر الآراء عن الأسلوب صارمةٌ وميالةٌ إلى النقد.
يمكن أنْ يُغفَر للكاتب الطموح التفكير في أنَّ تعلُّم الكتابة يشبه النقاشَ مع مدرب يصرخ في وجهكَ مع كلِّ خطأ تقع فيه، وأنت تجري بين حواجز التدريب في المعسكر. لماذا لا نفكّر فيها باعتبارها شكلًا من أشكال الإتقان الممتع، مثل الطبخ أو التصوير؟! إنَّ إتقان الحرفة هو هدفُ الحياة، والأخطاء هي جزءٌ من اللعبة.
رغم أنَّ الارتقاء بالأسلوب قد يُتعلم ويُشحَذ بالممارسة، إلاَّ أنَّ جذوته يجب أنْ توقد أولًا من أعمال البارعين، والرغبة في الاقترابِ من مستوى إتقانهم.
كتب ريتشارد دوكينز في مطلع كتابه "تفكيك قوس القزح":
"نحن سنموت، وهذا من حظنا؛ لأنَّ أغلب الناس لن يموتوا لأنهم لم يولدوا! إنَّ الأشخاص المحتملين الذين يمكن أنْ يكونوا هنا في مكاني- ولكنهم في الواقع لن يروا ضوء النهار - يفوق عددُهم حبيباتِ الرمل العربية، إنَّ من بين هؤلاء الأشباح الذين لم يولدوا شعراءٌ أعظم من كيتس، وعلماءٌ أعظم من نيوتن".
"نحن سنموت، وهذا من حظنا!" هكذا تبدأ الكتابةُ قويةً، ليس مع عبارة مألوفة مثل (منذ فجر التاريخ...) أو (في الآونة الأخيرة، تزايد قلق العلماء من ظاهرة ...)، ومع ملاحظة ضمنية عميقة تثير الفضول.
يفتح القارئ كتاب "تفكيك قوس القزح" ويصفع بهذه الحقيقة الأكثر رعبًا التي يعرفها، يليها وضعٌ متناقضٌ، "نحن محظوظون لأننا سنموت!" مَن منّا لا يرغب في معرفة كيف سينتهي هذا اللغز؟ وعززت قسوة المفارقة بالأسلوب، والوزن، والمفردات البسيطة، والتشديد أحادي المقطع، يليه الشعر ذو التفاعيل الستِّ.
"معظم الناس لن يموتوا".... إِسْقاط المفارقة، هذا أمر سيئٌ؛ لأنَّ الموت يدل هنا على حدث جيد، وهو الحياة- تفسير مع تركيب متوازٍ: "أبدًا لن تموت ... أبدًا لن تولد". الجملة التالية أكدت مجددًا على المعنى المناقض.
"حبيبات الرمل العربية" لمسة شاعرية وأكثر ملاءمةً للعظمة التي سعى دوكينز لاستدعائها بدلاً من الوصف الباهت (ضخم أو هائل) وانتزع التعبيرَ من حافة المألوف (حبيبات الرمل، بدلًا من الرمل) والتي تدل على شعور غريب غامض. تعبير (الرمال العربية) رغم أنه كان مألوفًا حتى أوائل القرن التاسع عشر ، إلا أنه قد اندثر الآن، ولم يعد هناك مكانٌ يطلق عليه هذا الوصف؛ نحن نقصد بها الآن المملكةَ العربية السعودية، أو شبه الجزيرة العربية.
"الأشباح الذين لم يولدوا"... صورةٌ حيةٌ لنقْل فكرة مجرَّدة من مزيج الاحتمالاتِ الرياضية، وتطويعها لأغراضٍ أخرى مراوغة وخارقة؛ لتعزيز حُجة طبيعية. "شعراء أعظم من كيتس، وعلماء أعظم من نيوتن"... مجازٌ قويٌّ بصيغة موازية.
لكنهم بعد الموت والميلاد، يكونون هنا في مكاني، ويرون ضوء النهار؛ لمزيد من الإثارة وتجنب الرتابة قلَب دوكينز تركيب إحدى العبارتين، عبارة تلمّح بمهارة إلى تأمُّل آخر عن عبقرية غير مرئية، "فليرقد ها هنا ميلتون المغمور الأبكم!" توماس غراي في "مرثية في باحة كنيسة ريفية".
يمكن للكتابة الجميلة أنْ تقلب الطريقةَ التي يُنظَر إليها للعالم، مثل الصورة الظليلة في كتب علم النفس والتي تتأرجح بين القدح ووجهيْن.
في ستِّ جمل قلَب دوكينز الطريقةَ التي نفكر بها عن الموت، وبدأ بحالة عقلانية لتقدير الحياة بكلماتٍ أثارت شجون كثير من البشر الذين أعرفهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.