علاقتي ب (جريدة اليوم) ليست مجرد علاقة كاتب بصحيفة محددة بزمن وظرف معين؛ فهناك رابط وجداني وقصة عشق قديمة تربطني ب (اليوم) منذ بداياتها وخطواتها الأولى؛ بدأت باللحظة التي حطت بها رحال الغربة بالمنطقة الشرقية قبل ثلاثة عقود ماضية؛ كانت (جريدة اليوم) في بداياتها المتواضعة تشرق على المنطقة كل صباح باسمها المميز الذي يوحي بالجديد والمثير؛ فمنذ ذلك العهد البعيد لا تملك أمام مهنيتها ورونقها وسخونة أخبارها إلا أن تقتني نسختك مبكرا؛ فقد كان هناك فترات (الحق يا ما تلحق)؛ وما ذاك التهافت ونفاد النسخ إلا للجاذبية الصحفية التي كانت ومازالت تتمتع بها (اليوم)؛ بتواصلها الايجابي مع قرائها مشبعة نهم ميولهم بسبقها الصحفي وتواجدها ببؤرة الحدث؛ مع تنوعها وشموليتها وتميز كتّابها؛ وطرحها لقضايا الساعة، ونقل هموم المواطن ومعاناته؛ بعيدا عن الإثارة المفتعلة والضجيج الصحفي الممجوج!! الريادة ل50عاما ومواصلة مسيرة النجاح بخطوات وثابة وقوية؛ والثبات رغم المتغيرات والصعوبات طوال هذه الفترة الزمنية؛ هو إنجاز استثنائي يلفت الأعناق (لداراليوم) ليجعلها محلا لفخر المحبين وتقدير المحايدين؛ ولاشك أن خلف هذا الصمود والنجاح جهدا جماعيا مخلصا يعمل بروح فريق واحد داخل بيئة عمل مشجعة؛ ولا يكون هذا إلا لمؤسسة اعلامية منظمة متكئة على أهداف وخطط إستراتيجية ورؤية واضحة بعيدة المدي؛ لا مكان للارتجال والعشوائية بأسلوب ادارتها. يكفي (جريدة اليوم) صمودها رغم مزاحمة الثورة التكنولوجية الحديثة التي فرضت بديلا عن الصحافة التقليدية؛ إلا أنها استطاعت بمهنية تجاوز هذا الطارئ بتوظيف الإمكانات التكنولوجية لصالح خدمة العمل الصحفي؛ وجعله رافدا ومساعدا لصناعة المحتوى وسرعة نشره!! وبما أنني قارئ شاهد على عصر (جريدة اليوم)، فمن وجهة نظري كان المنعطف الحقيقي لانطلاقتها نحو آفاق المستقبل للصناعة الإعلامية؛ عام 2005م بتدشين سمو أمير المنطقة معلمها الحالي؛ لتعبر من خلاله القرن21 بمواكبة تكنولوجية متطورة ومتوافقة مع ايقاع العصر ومستجداته التقنية؛ فبالتطوير النوعي لخدماتها وتمسكها بمعايير الجودة لمنتجاتها الإعلامية؛ بالإضافة لجلب المعلنين وتوسيع قاعدة العملاء وتنويع مصادرالدخل؛ فبامتلاكها للمنتج المختلف والمتميز وصلت لرضا القراء والعملاء؛ مماجعل من (دار اليوم) صرحا متكاملا ونموذجا لصحافة سعودية عصرية يُحتذى به؛ وتقدم نفسها منافسا حقيقيا يملك معطيات المنافسة. الحقيقة أن (جريدة اليوم) هي في الميدان وحدها ولا تنافس إلا نفسها؛ فرغم أن المنطقة الشرقية بامتدادها الواسع ونشاطها تجاري وصناعي، وبها حراك ثقافي واجتماعي ضخم؛ إلا أن المنافسة مفقودة على الأقل في القريب المنظور؛ وهذا المضمون أكّده (الاستاذ عبدالوهاب الفايز) رئيس التحرير في لقاء الجمعة عندما سُئل: هل تخشى منافسة الجارة جريدة الشرق؟؟ فأكّد بثقة ومسؤولية: (إن المنافسة أمر صحي وطبيعي ومطلوب، والفضاء الصحفي يتسع لأكثر من صحيفة ولا أشعر بقلق، ومرحبا بالمنافسة طالما أنها ستخلق صناعة إعلامية في المنطقة)!! في كثير من الدول غالبا ما تكون العلاقة بين الصحافة والحكومة أو المسؤول علاقة متنافرة ومتأزمة أو علاقة متزلفة ومنحازة كبوق دعائي للسلطة؛ إلا أن (الأمير سعود بن نايف) في حفل (دار اليوم بيوبيلها الذهبي)؛ أراد إلغاء هذا المفهوم وجعل العلاقة تأخذ شكلا تعاونيا وتكامليا حميميا بين مسؤولي الإدارات الحكومية وبين الصحافة بشكل عام؛ فقال ما يجسد ذلك بعبارته الهادفة (شكراً لمن أهدى إلينا عيوبنا)؛ وهو إعلان واطلاق عنان ل(جريدة اليوم) أن تمارس دورها ورسالتها بمسؤولية وحرية تامة؛ فتنطق بمصالح الوطن وتناصر قضايا المواطن بأمانة وإنصاف وموضوعية؛ لتكون مرآة صافية وعينا ناقدة ومعينة وشريكة للحاكم الإداري وصانع القرار في إنجاز مهمته وكشف قصور اداراته؛ بجانب تأديتها لدورها المؤثر في التوعية والتنوير ونشر الثقافة وتشكيل الرأي العام؛ لتبقى جريدتنا الغراء رائدة بمنهجيتها على المستوى الوطني!! * كاتب صحفي متخصص بالعلوم العسكرية ومهتم بالشأن الاجتماعي