لم يتفق الناس وحتى اليوم وربما إلى ما شاء الله على تعريف بعينه للحب، وربما يتفق الكثيرون أن تعريفه يختلف من شخص لآخر وفقا لإحساسه بما يحب إن كان حيا أو جمادا. وقبل أن ألج إلى الحب الذي يشغل وقتي وفكري وما أنا بصدده قبل أن أنثر كلمات مقالتي أود أن أعرض لبعض التعريفات التي تأملتها مرارا وأحسست أنها توصل إلى معنى واحد لذات الاحساس وإن كانت بمشاعر مختلفة، فقد قيل إنه فن كسائر الفنون الأخرى حيث هو إبداع في التعامل مع الآخر انسانا أو جمادا برقة وإبداع لرسمه، أو بمعنى أدق انشاء قواعد التعايش معه بلا حدود زمنية، وصف بأنه استثمار عاطفي عند الآخر سواء قل عائده أو كثر لا يؤثر سلبا. وعلماء الأعصاب يشكل عندهم ظاهرة غير مفهومة ربما كهربائية تؤدي إلى افراز هرمون سموه (هرمون المحبين) وتتوقف تلك الدوائر الخاصة المرتبطة تحديدا بالتقييم الاجتماعي للآخرين ويؤكد ذلك تغاضي بعض الأشخاص عن أخطاء من يحبون. ويقول القاضي عياض: إن أصل المحبة هو الميل لما يوافق المحب، أما ابن القيم فيقول: إن الحب هو الميل لأركان ثلاثة هي (المحبة، الخوف، الرجاء) وسماها حبه أي بمعنى آخر حب الله الذي لا إله إلا هو، أما الفلاسفة فيقولون إن الحب الذي ليس فيه أي تبادل للمصالح أو الفوائد هو الحب الحقيقي وما يسمونه (الحب الأفلاطوني). ولاشك أن حب الله هو الأسمى والأعلى حبا وخوفا ورجاء، ويسبق ويفوق كل حب وكل شيء، والأدنى من ذلك حب الوطن وما أصفه هنا بالبوتقة التي تضمنا جميعا دون تمييز وتحمينا وتحد من تفرقنا وتشتتنا حتى نظل كتلة واحدة تصارع الأهوال والأغيار. وكثيرا ما نسمع أن حب هذه البوتقة بعد حب المولى عز وجل فينادي مناد من بيننا (الله، الوطن، الملك). وهذا ما قصدت أن أدعو إليه فإنه أيضا من حب الوالدين والأجداد ومن حملنا تلك الراية الخضراء باسم التوحيد والقسم بحماية كل شبر والعطاء الدائم والسير قدما للأمام نبني للأجيال القادمة، نورثها أرضا وعمرانا وقيما وقيمة زراعية وصناعة وعلما دون انتظار المقابل المادي وحتى المعنوي في كل صغيرة وكبيرة من اجلك يا بلادي والفائدة تعم إن لم تخص ويتجلى ذلك في بنية تحتية تمثلت في الطرق التي تربط كل أنحاء المملكة الشاسعة والمياه العذبة داخل كل بيت ومرفق وخدمات الكهرباء في كل شبر، وقد سمعنا عن كمية الطاقة التي تصرف لتصلنا بهذا الشكل المقدر والأمن والأمان قبل كل شيء. وإذ ارفع شعار حب الوطن فإنني أرجو من كل أهلي وأعزتي أن نعمل على حب بعضنا البعض ولا أقول نبذ القبلية لربما هناك من لا يرضى ذلك ونحن بصدد التعاضد وتقبل الآخر، وعلينا أن نثبت للعالم أننا أهل للسلام والتعايش والمحبة والألفة والكرم والجود وديننا الحنيف ينبذ العنف والتعدي ويرضى التفاني من أجل الغير ولو كان بنا خصاصة وليس أعظم من رسولنا الكريم الذي أكرم جاره اليهودي بالكلمة فقد علم أنها فتنة اتقى أن يصل ردها الخطأ وهو المعصوم إلى كل اليهود فأحسن إليه، وأقول خاتمة اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك واجعل حبك أحب إلينا من الماء البارد على الظمأ، ونحن يا أهل البلد الآمن الطيب مرجوون ومنظورون كقدوة في أعمالنا وأفعالنا وتمسكنا بكتاب الله وسنة رسوله على الوجه الحق فهلا حققنا هذا الانطباع حيث إنه حق علينا وبس.