وادي "الفطيحة" أجواء الطبيعة الخلابة بجازان    موسيماني: ما زالت لدينا فرصة للبقاء في "روشن"    بيريرا: التعاون فريق منظم ويملك لاعبين لديهم جودة    "الأرصاد": تنوع مناخ المملكة يعكس الواقع الجغرافي    شهداء ومصابون في قصف لقوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة    الأوكراني أوزيك يتوج بطلاً للعالم للوزن الثقيل بلا منازع في الرياض    ولي العهد يستقبل مستشار الأمن القومي الأمريكي    رفضت بيع كليتها لشراء زوجها دراجة.. فطلقها !    خبير سيبراني: تفعيل الدفاع الإلكتروني المتقدم يقي من مخاطر الهجوم    «هيئة العقار»: 18 تشريعاً لمستقبل العقار وتحقيق مستهدفات الرؤية    لقب الدوري الإنجليزي بين أفضلية السيتي وحلم أرسنال    صقور السلة الزرقاء يتوجون بالذهب    السفارة السعودية في تشيلي تنظم حلقات نقاش بعنوان "تمكين المرأة السعودية في ظل رؤية المملكة 2030"    مقتل 3 فلسطينيين على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على رفح    «التعليم».. تكشف شروط نجاح الطلاب والطالبات بجميع المراحل    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    تنظيم جديد لتخصيص الطاقة للمستهلكين    زيارات الخير    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    طبخ ومسرح    مواقف مشرّفة    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    «باب القصر»    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    الهلال يحبط النصر..    الخبز على طاولة باخ وجياني    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    المملكة رئيسا للمجلس التنفيذي للألكسو حتى 2026    التخصصي: الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    قائد فذٌ و وطن عظيم    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    بتوجيه الملك.. ولي العهد يزور «الشرقية».. قوة وتلاحم وحرص على التطوير والتنمية    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يموّل داعش؟ لعبة صراع الاستخبارات وصدام مشاريع النفوذ في المنطقة
التنظيم يستهدف تعزيز الانغماس والفشل الأمريكي
نشر في اليوم يوم 07 - 11 - 2014

على الرغم من انها جماعة متطرفة ومتشددة، وتؤكد أنها جاءت للثأر للسنة، فإن تقديرات الاستخبارات العالمية تفيد بأن تنظيم داعش يهدف إلى تعزيز الانغماس والفشل الامريكي في المنطقة، ولهذا اضطرت واشنطن لتكوين تحالف دولي لمواجهته، في حين تعترض ايران، وتتمنع تركيا ويتمدد الأكراد من اربيل الى عين العرب، بينما لم يتابع داعش مسيرته باتجاه بغداد، بل قام باعتقال رموز النظام السابق وبيعهم على بغداد، مثلما كان يبيع النفط على النظام السوري بعد انقطاع الدعم الإيراني، اضافة الى بيعه بأثمان بخسة على الحكومة التركية.
صداع في رأس الاستخبارات
شبكة سي تي في الإخبارية الكندية، أوضحت عبر تقرير مطول لها بعض جوانب عمليات التمويل التي يحصل عليها داعش، وقالت: ان موضوع التمويل يشكل صداعا في رأس اجهزة المخابرات العالمية، فقد أكدت ان التمويل لا يمر عبر البنوك الدولية، وان كانت واشنطن قد أوقفت حسابات عشرات الاشخاص شكا في علاقاتهم التمويلية مع داعش، غير ان حجم هذه التمويلات يؤكد أن جهات رسمية تقوم بأعمال التمويل، ورؤوس الشك تتجه الى دمشق وطهران وجهات في بغداد، وبعض المنظمات والجمعيات الخيرية الأوروبية.
ولهذا كانت جولة المنسق الدولي للإرهاب والحرب على داعش الجنرال جون الين، لعواصم الشرق الاوسط، للتنسيق في كيفية محاصرة داعش من حيث التجنيد والتمويل والدعم الإعلامي عبر وسائل التواصل الاجتماعي، غير ان هذه الجهود لن تحقق اهدافها ما لم يتم ايجاد قطيعة تحول دون تمكن داعش من الحصول على التمويل من داخل العراق وسوريا، ناهيك عن عوامل اخرى تسهم في بقاء التنظيم قويا من الناحية المالية والتنظيمية، وهذا ما يفزع الأطراف الغربية؟
رقابة مالية ودولية
كان لمركز كندا لتحليل التقارير والمعاملات المالية دور مساهم في رصد العديد من الحلقات والمعلومات الكاشفة حول بعض جوانب تمويل داعش، جاء ذلك وفقا لتصريحات مدير المركز جيرالد كويست، أوضح خلالها ان الاستخبارات المالية اصبحت مهمة جدا لتتبع هذه التنظيمات، وقال: لقد كانت رؤيتنا منذ البداية أن أي تنظيم متطرف سيزداد تطرفا ان امتلك اصولا مالية ضخمة، ولعلنا في هذا المركز نقوم بعمليات متابعة ورصد وربط للحراك المالي وعلاقة بعضه بالإرهاب، واننا نتشارك في المعلومات مع شركائنا في الأجهزة الأمنية لتضييق الخناق على داعش وغيره.
ولقد قام مركز كندا باعتراض العديد من المعاملات المشبوهة، سواء كانت للإرهابيين او عمليات غسيل اموال، وقد نجح المركز في كشف 234 عملية عام 2013 تتعلق بتمويل انشطة ارهابية، حيث تشير التقديرات الاستخبارية إلى ان تنظيم داعش اصبح من اغنى التنظيمات المتطرفة في العالم، عدا عن كونه يقترب في هذا الجانب من اعمال المافيا الدولية في طرق الابتزاز والحصول على الأموال، فهو عمليا يسيطر على مصافي النفط في جزء من العراق وسوريا، ونهب ملايين الدولارات من البنك المركزي العراقي فرع الموصل، اضافة الى سيطرته على حركة التجارة بين تركيا والعراق وسوريا، وتحكّمه في اقتصادات المناطق التي يسيطر عليها، وفرضه ضرائب معينة على اصحاب رؤوس الأموال.
ويبدو انه ولحل جزء من مشكلاته المالية لجأ الى عمليات الإتجار بالبشر، وبيع النساء والأطفال بعد اختطافهم، إما لتجنيدهم او بيعهم اعضاء وقطع غيار بشرية، حيث تمكن بهذا الاسلوب من اغراء واستقطاب العديد من الشباب والشابات من اوروبا والعالمين العربي والاسلامي ودول آسيوية، اضافة لقيام جهات تتبع النظام السوري بفتح الأبواب امام القادمين للجهاد مع داعش فقط، ولهذا أكدت انها تقوم بتزويج شبابها من النساء السبايا والعبيد فور وصولهم مناطق التنظيم.
الجمعيات الخيرية الأوروبية
صحيفة التليجراف البريطانية ذكرت في تقرير لها وعلى لسان وليام شوكروس رئيس المفوضية الخاصة بالحمعيات الخيرية، ان هناك جمعيات خيرية بريطانية وقعت ضحية القيام بعمليات مالية مشبوهة من غير قصد، وان هذا التمويل ذهب الى تنظيم داعش، حيث استغل البعض توزيع الاموال والامدادات الخيرية لإرسال بعضها الى جهات تتبع داعش، او تقوم بطريقة واخرى بتزويد داعش بها، الأمر الذي اضطر المفوضية لفتح تحقيقات مع اربع جمعيات خيرية كانت تعمل في مناطق الصراع والنزاع في كل من العراق وسوريا تحديدا.
ويشير هينينج الى ان وجود 500 جمعية خيرية بريطانية تعمل في سوريا امر بالغ الخطورة، كما انه يشير الى ان 200 من هذه الجمعيات مشهّرة ومعروفة وتتحرك بشكل علني، وان بعضها لا يملك القدرة على فهم تعقيدات ما يجري في سوريا والعراق.
وفي تصريحات مثيرة لوزيرة الدولة البريطانية للشؤون الخارجية المكلفة بحقوق الإنسان، بارونيس أنيلاي، صرحت بأن المملكة المتحدة تعقد مباحثات مكثفة مع قطر حول تمويل الإرهاب، لافتة إلى أنهم بحاجة إلى إحراز "تقدم أكبر" في محاصرة تنظيم داعش ماليا، وقالت: إن تنظيم داعش يستمد الجانب الأكبر من أمواله من النفط، والفدية التي تُدفع على الرهائن، والابتزاز، فضلا عن المساعدات التي يتلقاها التنظيم عبر افراد وجماعات.
بيع الآثار والنفائس
وكشف موقع USNI ان جماعة داعش تحرص على التواصل مع بعض الشركات الخارجية لبيع هذه المكنوزات وعبر افراد، وأنها خصصت مجموعة للادارة المالية والتهرب من اعمال الرقابة، وان كثيرا من الدعم يأتي اليها عبر مهربين يقوم بعض منهم بتزويد داعش بالأموال والمجاهدين من الخارج، وبعض المجاهدين يدخل ويخرج لليقام بأعمال اتصالية ولوجستية داعمة لداعش، وهذا يتطلب ضبط الحدود لمنع داعش من الاستفادة من هذا الجانب.
وتلفت منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) في تقرير لها ان تنظيم داعش بات يتجرأ بشكل واضح على الإرث الثقافي والتاريخي للعراق وسوريا (حضارة ما بين النهرين)، وقالت: انه وبحسب تقديرات الخزينة الامريكية فإن داعش يبيع الآثار، الأمر الذي يوفر له مليون دولار يوميا، حيث عمد التنظيم وبناء على تأويلات دينية غير دقيقة حول ضرورة دفع خمس الغنائم في الحرب والكنوز الخفية للسلطة القائمة، إلى فرض ضريبة تقديرية تصل الى 25- 50% على تلك السلع المنهوبة.
تجفيف أموال داعش
كيف يمكن تجفيف المنابع التمويلية لتنظيم داعش؟ سؤال تطرحه العديد من الجهات الدولية، غير انها بالمحصلة تعود الى نقطة جوهرية بأن الحصار يبدأ من دول الجوار، هذا السؤال حاولت الكاتبة نانيا باجيكال الإجابة عنه في تحقيق موسع لمجلة التايم الامريكية، وقالت: ان الضربات الدولية لداعش هي جبهة وحيدة في معركة شرسة وعامة تتطلب توافقا شاملا للجهود لمحاصرة التنظيم الإرهابي، وعدم ترك متنفس له للحصول على التمويل، وان اولى الخطوات تتطلب منع استيراد وشراء النفط من داعش، ووضع الدول والشركات والأشخاص الذين يتعاملون مع داعش تحت طائلة العقوبات الدولية، وقد توقفت التايم امام مقوله استطلاعية للدكتور فواز جرجس الباحث في قسم الدراسات الشرق أوسطية المعاصرة في كلية لندن، حيث قال: إن الجيش يمشي على معدته، وفي حال محاصرة تمويل وغذاء داعش لن تقوى داعش على استقطاب المجاهدين من الخارج، لن يضطر الناس للتعامل معها، وشل حركة داعش يبدأ بتجفيف تلك المصادر.
أما خبير الطاقة فاليري مارسيل في معهد تشاتام هاوس، فيقول: ان إيرادات داعش النفطية تتراوح ما بين مليون و3 ملايين دولار. فيما اشار جرجس الى ان داعش حاولت في البداية الحصول على كمية كبيرة من الاموال لمواجهة أي حصار قد يأتي، والآن داعش بدأت في تأمين احتياجاتها اليومية من جيوب المواطنين ومن اعمال التهريب وعمليات الخطف، مع ادارة للإنفاق تؤكد ان التنظيم يحاول تعويض خسائره جراء الضربات الدولية سواء كانت مالية او بشرية.
وفي هذا الصدد يشير بول روجرز، الخبير الاستشاري الأمني العالمي في مؤسسة "أكسفورد ريسيرش جروب" الى ان المعلومات الواردة من وسائل الاتصال الاجتماعي تشير إلى أن "داعش يتسم بالكفاءة في إدارة الأمور المالية في سوريا". وبما أن التنظيم مستمر في تقديم خدمات مثل المياه والكهرباء، فإنه قادر على فرض ضرائب على المزارعين، وشركات التجزئة، بل حتى الوقود".
لكن السواد الأعظم من إيرادات داعش إنما تأتي من المناطق والأقاليم التي تسيطر عليها، والتي يتمتع الكثير منها بوفرة الموارد الزراعية، وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن الأراضي في العراق والتي تخضع لسيطرة داعش تمثل نحو 40% من الإنتاج السنوي من القمح في البلاد.
التقارير الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية لفتت إلى أن الهجمات الجوية على داعش أسهمت في تقليص إنتاجها النفطي إلى نحو 20.000 برميل يوميا، من أعلى مستوى له قبل شهرين (70.000 برميل يوميا)، واضافت: إنه وفي حال استمرار التحالف في استهداف المنشآت النفطية لداعش، فلن يقدر المسلحون على استخدام مركباتهم العسكرية التي تُدار بوقود الديزل والغاز الذي تنتجه مصافي التكرير المحلية الصغيرة مستقبلا، لكن المدنيين القاطنين في المناطق التي يسيطر عليها داعش والذين يُقدر عددهم بين 6 و8 ملايين شخص، هم من سيتضررون من تأثير الهجمات الجوية ولا سيما مع اقتراب موسم الشتاء.
ثروة بمليارات الدولارات
شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية وفي تقرير لها حول الامكانات المالية لداعش قالت: ان ثروة داعش تجاوزت الملياري دولار، وان مصادر تمويلها تتمثل في عمليات الابتزاز، حيث تمكنت داعش من فرض ضرائب في الموصل كانت عائداتها 8 ملايين دولار شهريا، وأجبرت الشركات والمحال الرئيسة على دفع هذه الضرائب، وكلما توسعت جغرافيا، زادت الضرائب التي تحصل عليها داعش، كما انها بدأت عملية تقليص الدعم الخدماتي والانساني، واشارت الشبكة الى ان تجارة المخدرات والخطف وعمليات غسيل الاموال تأتي في المرتبة الثانية في كيفية الحصول على الأموال من قبل داعش، فقد بدأت داعش تتعامل مع المافيات الدولية في هذا الجانب، وهو ما أكده مراسل شبكة ديلي بيست، جوش روبين لشبكة سي إن إن بأن داعش تفوقت على المنظمات الارهابية والمافيات الدولية وامتدت خطورتها من الأعمال الإرهابية الى الخطف والسرقة والتهديد بالقتل وتجارة الجنس والمخدرات وعمليات غسل الأموال.
اما المصدر التمويلي الثالث، بحسب شبكة سي ان ان، وصحيفة نيويورك تايمز، فهو سيطرة حركة داعش على منظومة المواصلات والاتصالات والماء والكهرباء، حيث تبيع داعش الكهرباء من محطات التوليد بالمدن التي استولت عليها، وفي الوقت ذاته تحافظ على امداد حكومة الأسد بالكهرباء ايضا مقابل حصولها على مبالغ مالية، اضافة لسيطرتها وتحكمها بمحطات الكهرباء في المناطق المسيطر عليها في العراق.
اما العنصر الرابع وهو الوقود، حيث تسيطر داعش على مصافي النفط في العراق وشمال سوريا الغنية بالنفط، فتقوم ببيعه على المصانع والمواطنين والشركات، وتسيطر على النقل وتتحكم بمفاصل عمليات التزويد، وكانت سيطرتها على مصفاة نفط بيجي في شمال العراق خطوة استراتيجية وحيوية ضاعفت من قدراتها وامكاناتها المالية والتأثيرية، والأمر الخامس هو ان هناك جهات تقوم بعمليات تمويل خفية لداعش.
التمويل السري والخفي
التمويل الخفي لداعش يحتاج الى توقف كبير، وابتعاد عن النمطية في التحليل، فقد ذكرت بعض المعلومات ان ايران طلبت من بعض ادواتها في دول خليجية تمرير تحويلات مالية لداعش، لإثارة الشبهات المالية حول بعض المؤسسات المالية الخليجية، لاتهام هذه الدول بغض النظر عن اعمال التمويل، كما يشارك هذه الجهات بعض المافيات الروسية التي لديها اهداف مشتركة مع الإيرانيين، تتمثل في زيادة قوة داعش وتمكينها من البقاء، ومضاعفة خسائر الولايات المتحدة، وإفشال مخططاتها في المنطقة، اضافة الى اضعاف المنطقة العربية لتكون عرضة للتأثير من قبل دول اقليمية مجاورة لديها مصالح استراتيجية تعمل على تحقيقها في المنطقة ولو عبر تفتيتها.
وعلى الرغم من الاختلافات المذهبية والسياسية، فإن تلاقي الأضداد في العراق وسوريا اصبح حقيقة ممكنة، فقد ذهب الدكتور مازن شندب في حوار اجرته معه اليوم الاسبوع الماضي للتأكيد على روابط خفية بين داعش والاستراتيجية الروسية في المنطقة، فيما ذكر بعض اعضاء تنظيمات المقاومة العراقية سابقا ان حمى الصراع الدولي على العراق وسوريا جعلت اجهزة الاستخبارات تتصارع وتتعاون فيما بينها في العراق وسوريا، وقالت المصادر: ان روسيا وبعد سقوط العراق عام 2003 استعادت اتصالاتها مع المجندين للكي جي بي والاستخبارات في دول اوروبا الشرقية السابقة، في اشارة الى حرب استخباراتية بعيدة في العراق وسوريا وقودها العرب والأرض والإنسان والثروات المهدرة.
ويؤكد ما تقدم ذكره أحمد الشامي في نشرة "بيروت أوبزرفر" بقوله: (وحدهم السذّج من يعتقدون أن أثرياء الخليج هم من يموّلون «القاعدة» هذا سيناريو يصلح للسينما، أما في الواقع فتنظيم القاعدة من رأسه وحتى أصغر أمير في أقصى أقاصي الصحراء يخضع لوصاية المحور الصيني الروسي الإيراني وحلفائه. هذا يعني أن الكثيرين من البسطاء والمخلصين ممن ينتمون لهذا التنظيم يحاربون ويستشهدون في النهاية دفاعاً عن قاتليهم...).
ويشار الى ان داعش انشأت جهازين خاصين بها، الأول جهاز مالي للتهرب من اعمال الرقابة الدولية، وجهاز استخباري وعلى مستوى عال من الدقة، اضافة الى جهز تعبوي يقوم بأعمال ومهام الاتصال الخارجي واعمال التجنيد، ويسيطر هذا الجهاز بشكل متميز على وسائل الاتصال الاجتماعي وبلغة جديدة، وفي هذه النقطة يكشف عراقيون اقتربوا من داعش بأن هناك شبهات كثيرة تحوم حول التنظيم، وان جهات استخباراتية منظمة تقوم بتسيير اعماله ورسم اهدافه، وهي النقطة التي تلتقي مع ما يؤكده البعض بأن ما يجري هو نتاج صراع استخباراتي ومافيات دولية ومصالح دول اقليمية.
الخطف والقتل العلني
ولعل داعش بالغت كثيرا بأعمال القتل بدم بارد في مناظر مقززة وتثير الرعب، اضافة الى بيع اجساد النساء والأطفال بشكل يؤكد ان هذا التنظيم ليس له علاقة بالإسلام، وان هدفه الرئيس هو تشويه صورة الاسلام والمسلمين، وتحريض العالم ضد العالم الاسلامي، والجاليات الاسلامية في العالم، في حين ترى اوساط اخرى بأن ردة الفعل السلبية ضد المسلمين وغياب التعايش والاندماج الحقيقي في تلك الدول تجعل هذه الجاليات بيئة خصبة وحاضنة للتطرف، وان هذه الخطة تلتقي وهدف النظام السوري، عندما اراد ان يجعل مهمة قتال الارهابيين هي الهدف وليس نظامه السياسي، في حين أرادت ايران تشويه صورة دول الخليج واعتبارها الداعم الرئيس للإرهاب؛ لكونها تطالب بإخراج الميليشيات الايرانية من العراق وسوريا، وتطالب بوقف الدعم العسكري لنظام الأسد، لا بل ومحاكمة نظام الاسد، واعتباره جزءا من المشكلة وليس من الحل، فيما تنظر دول اقليمية لحركة مصالحها الاقتصادية والمستقبلية وتعمل على انبات قوى موالية لها.
وفي اطار تكشف الحقائق حول محاولة بعض الأطراف تشويه صورة دول الخليج وبخاصة قطر والسعودية والكويت، في خطة سياسية واعلامية ممنهجة، كانت مشاركة هذه الدول في الجهد الدولي للحرب على داعش، لتؤكد ان هذه الدول ليست من الداعمين والمستفيدين من داعش، لا بل ان لدى هذه الدول هواجس امنية، كشفتها من داخل داعش التي قاتلت جبهة النصرة وقاتلت الجيش السوري الحر، وجعلت من الشباب المغرر به وقودا للعمليات الانتحارية، اضافة لقتلها كل من يختلف معها او يحاول التراجع عن التعامل معها. فقد أكدت بلوتكن بوغارت الباحثة المتخصصة في شؤون الارهاب في معهد واشنطن ان هناك اعتقاداً خاطئاً بأن المملكة العربية السعودية لا تعترض سبيل تمويل الجهات السعودية الخاصة للتنظيمات الإرهابية العاملة في سوريا، بما فيها تنظيم «داعش». لكن أحد أبرز أنشطة مكافحة التمويل الإرهابي الملحوظة التي تمارسها الرياض، مراقبتها للقطاع المالي الرسمي في البلاد لأجل ردع التبرعات المشبوهة. وبالفعل فإن حملات جمع الأموال التي تقام على مواقع التواصل الاجتماعي تسلط الضوء على التحديات التي تواجهها عملية إرسال هذه الأموال من السعودية إلى سوريا.
داعش.. الخطر الأسود
الكاتب اللبناني فادي وليد عاكوم، استطاع الكشف عن معالم التنظيم وطرق تمويله وكشف بعضا من جوانبه السرية، وذلك في دراسة بعنوان (داعش.. الكتاب الأسود) اكد فيها ان ثروة داعش جاءت عن طريق تعاونه وتعامله مع المافيات الدولية، وان جهات معينة سهلت مهمة الالتقاء بين داعش وهذه المافيات، حيث تؤمن المافيات لداعش قطع غيار سيارات الهامفي الامريكية عبر تهريبها من كندا الى تركيا، وكانت واشنطن قد اتهمت في وقت سابق حزب الله والحرس الثوري الإيراني بأنه وراء تهريب هذه السيارات، عندما كانت تلون وتصبغ بألوان سيارات الجيش الامريكي في العراق، والقيام بعمليات تفجير داخلية. وتحت الستارة الاسلامية برعت داعش في فرض الضرائب تحت مسميات الزكاة وجباية الاموال، زكاة الفطر وزكاة التجارة وزكاة الحبوب، بحجة ايداعها بيت مال المسلمين، وفرضت داعش ايضا سهم اليتامى الذي يدفع للأرامل والمساكين واليتامى، في حين الزكاوات تلك لا تنطبق على مجندي داعش ولا على المتعاونين معها، بحجة انهم في حالة حرب مع الاعداء، في حين ان ابناء الديانات الاخرى لا يستفيدون من هذه الاموال على اعتبار انهم كفار، يجب عليهم إما الاسلام او الجزية او القتال، اضافة لفرض ضريبة الحماية وهي ضريبة تفرض على التجار وعلى السكان مقابل حمايتهم، ومن يرفض الدفع يحال الى المحكمة الشرعية، ويكون مصيره إما السجن او الجلد، أما التجار، بإقفال محلاتهم، ومصادرة محتوياتها، أو منعهم من التجارة حال تكرر رفضهم الاستجابة.
وللحصول على المال بأي ثمن، كان اعلام داعش يصطاد في الماء العكر، ويضرب من خلال حملاته الاعلامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر فيها حجم الاستجابة لتلك الحملات، حيث وجه التنظيم حملة بعنوان (تبرعوا بثمن رصاصة)، الأمر الذي جعل تلك الحملات محل انتقاد العلماء والمشايخ واعتبروها حملات مشبوهة، وانها حملات لقتل المسلمين وزيادة الشقاق والصراع بينهم، وقد ابتدعت داعش جهادات مختلفة الأشكال والألون بدون سند وضابط شرعي لها مثل جهاد المال وجهاد النكاح.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.