دعت المملكة إلى اجتماع طارئ لوزراء الخارجية العرب، يعقد يوم الاثنين المقبل، في الرياض؛ لبحث تداعيات الأزمة السورية، على صعدها الإنسانية والسياسية والميدانية، خاصة أن نظام الأسد ورعاته مستمرون في حل الآلة العسكرية وسفك الدم، بل زادوا على ذلك ترشيح رأس النظام؛ ليقود مراحل أخرى من مسلسل سفك الدماء في سوريا، وتدمير هذا البلد العربي، الذي أصبح الآن نهباً لقوات الاحتلال الإيراني وميلشياتها الأجنبية المتوحشة. ولا يبدو أمام الدول العربية أية خيارات أخرى، إلا مواجهة الحقيقة الواضحة بلا تكهنات أو لبس، وهي أن نظام الأسد يشن حرباً دموية على شعب عربي، ويخضع لمصالح أجنبية تعامل سوريا على أساس أنها فرصتها الأخيرة ومركز للنفوذ والتمدد، فإما أن تستمر قيادة سوريا وكيلاً للمصالح الإيرانية وفتنها ومؤامراتها، أو يجري انتهاك سيادة هذا البلد العربي واجتثاث سكانه وتدمير مدنه. ويتعين أن تفي الدول العربية بمسئولياتها تجاه السوريين، لأنه في هذه الأيام التي تتقلب فيها المصالح والعلاقات، وتجري مساومات على القيم وتشترى المواقف، يمكن أن يكون أي بلد عربي عرضة لما حدث في سوريا. ويجب أن تجمع الدول العربية على رسالة واضحة للنظام في سوريا ورعاته وللمجتمع الدولي، أنها لا تساوم على انتهاك سيادة بلد عربي، وأن الفتن الإيرانية ومخططاتها الإجرامية الشريرة مرفوضة، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق أو اليمن أو الخليج. وأهم رسالة يجب أن يوجهها العرب إلى مسوقي الموت في سوريا، هي تفريغ نظام الأسد ومخططات رعاته من المهمة التي ترعاها طهران، بعزل النظام عربياً، وإعطاء الائتلاف الوطني حق التمثيل السياسي والدبلوماسي للمجتمع السوري وللدولة السورية. وأصبح ذلك مطلباً ملحاً وشرعياً، بعد أن ثبت للمجتمع الدولي أن النظام يعتمد الحل العسكري، وأجهض المفاوضات السياسية مع المعارضة، التي كان يمكن أن تؤدي إلى تشكيل حكومة وطنية انتقالية تحقن الدماء وتنقذ سوريا من مزيد من الدمار. وبعد أن أفشل النظام مفاوضات السلام، وركن إلى ميلشيات رعاته، لا يبدو لدى الدول العربية التي تتقاعس عن نصرة السوريين بأعذار واهية، أية أعذار جديدة، إذ ليس من المعقول أن تتحجج بعض الدول العربية بشكليات، فيما السوريون يجري ذبحهم يومياً على أيدي ميلشيات أجنبية منظمة، تنتهك سيادة سوريا، وتعيث فيها الفساد والدمار. وأصبح الآن واضحاً أن نظام الأسد لا يملك أي سيادة في سوريا، ولا يحل ولا يربط، ولا يمثل سوى غطاء للميلشيات الأجنبية، التي ما قدمت إلا كي تمارس انتقاماً وحشياً من الشعب السوري، ومن سوريا الأرض والهوية والتاريخ والمستقبل.