رصد 1000 مخالفة نقل بمكة والمدينة    غياب مختار علي عن تدريبات الأخضر    قميص النصر يخطف الأنظار في ودية البرتغال    مليون ريال مخالفات أسواق ومسالخ الرياض    تعامل سريع لإنهاء إجراءات الحاج في صالات مطار جدة    الأرصاد: طقس شديد الحرارة على مكة والمدينة والشرقية والرياض    صور مولود عابس.. تجذب ملايين المشاهدات !    بارقة أمل.. علاج يوقف سرطان الرئة    ختام العام الدراسي الحالي غداً.. العام الجديد في 14 صفر    الجبير يؤكد التزام المملكة بالتعاون مع المجتمع الدولي لحماية المحيطات والموارد البحرية    بعدما صفع معجباً على وجهه.. هل يمثُل عمرو دياب أمام النيابة المصرية؟    حارس الشباب رسميًا في الإتحاد    تقارير..لوكاكو يعوض بنزيمة في الإتحاد    إعلانات الشركات على واتساب ب«الذكاء»    تحتفل برحيل زوجها وتوزع الحلوى    توفير الأدوية واللقاحات والخدمات الوقائية اللازمة.. منظومة متكاملة لخدمة الحجاج في منفذ الوديعة    نفائس «عروق بني معارض» في لوحات التراث الطبيعي    استقبل حجاج إندونيسيا وقدم لهم الهدايا.. نائب أمير مكة يتفقّد العمل بصالات الحج في المطار    السعودية للكهرباء تكمل استعداداتها لموسم حج 1445ه بعشرين مشروعاً جديداً    نادي الرياض يُتَوّج بكأس بطولة المملكة لسلة الكراسي    فرنسا وإنجلترا أبرز مرشحين للفوز بكأس أوروبا 2024    أزمة تنتظر لجان المسابقات بالشرقية.. القادسية والخليج دون ملعب!!    "جوتا" الاتحاد.. مطلوب في الدوري الإنجليزي    المملكة تفوز بعضوية المجلس الاقتصادي    الأسواق الحرة في منافذنا    مدير فرع «الموارد البشرية» بمنطقة مكة يتفقد لجان الرقابة بمطار الملك عبدالعزيز    نصيحة للشعاراتيين: حجوا ولا تتهوروا    أثر التعليم في النمو الاقتصادي    الجامعات منارات التقدم    اطلاق برنامج أساسيات التطوُّع في الحج    ليس للمحتل حق «الدفاع عن النفس»..!    استفزاز المشاهير !    مَنْ مثلنا يكتبه عشقه ؟    مرسم حر    "صحة المدينة" تدشن "الربوت الذكي" بالمنطقة المركزية    "أرشدني".. آليات ذكية لإرشاد حافلات الحجاج    مناقشة الأمراض والتحديات الشائعة في موسم الحج    توفير خدمة الواي فاي في المواقيت    وزير الدفاع يؤكد دعم المملكة للحكومة اليمنية    التنظيم والإدارة يخفِّفان الضغط النفسي.. مختصون: تجنُّب التوتّر يحسِّن جودة الحياة    «إنجليزية» تتسوق عبر الإنترنت وهي نائمة    رسائل الإسلام    الوزاري الخليجي يناقش اليوم التطورات الإقليمية والدولية    عدد العاملين في القطاع الخاص يتخطى حاجز 11 مليوناً    المها الوضيحي يستظل تحت شجر الطلح في "محمية الإمام تركي"    القلعة الأثرية    رئيس وزراء باكستان يعود إلى بلاده بعد زيارة رسمية للصين    الأردن يدين الاعتداء الإسرائيلي الوحشي الذي استهدف مخيم النصيرات وسط غزة    الجهات الحكومية والفرق التطوعية تواصل تقديم خدماتها لضيوف الرحمن    أمن الوطن والحجاج خط أحمر    نائب أمير الشرقية يستقبل أعضاء «تنمية الموارد المالية»    فيصل بن مشعل يقف على مدينة حجاج البر.. ويشيد بجهود بلدية المذنب    هجوم شرس على عمرو دياب بسبب «صفعة» لمعجب    "البحر الأحمر": جولة ثالثة لدعم مشاريع الأفلام    سُوء التنفس ليلاً يسبب صداع الصباح    سوء التغذية يسبب اكتئاب ما بعد الولادة    فرع هيئة الصحفيين بمكة ينظم ورشة الإعلام في الحج    فقدت والدها يوم التخرج.. وجامعة حائل تكفكف دموعها !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع
نشر في اليوم يوم 20 - 12 - 2004

تكاتفت التعريفات لدى نخبة المتخصصين في العلوم المتنوعة في تحديد ماهية التعريف الخاصة بالإبداع وما زالت رحى التضادات دائرة وتفاوتت التعاريف في تحديد كنه الإبداع وماهيته، إذ أن هذا الوليد مازالت أيد متنوعة تسعى جاهدة لاحتضانه وتناوله عنصرا رئيسا في بعدها المعرفي سواء في علم لاجتماع أو علم نفس الشخصية أو علم النفس التربوي او علم الإدارة، وهناك وشيجة ارتباط لا تغفل بين ماهية ولادة الإبداع والصنعة الأدبية في سحر الكلمة، وقد ارتأيت اعتماد هذه النخبة من التعاريف الإجرائية في دراستي من بين منظومة تعاريف الإبداع لغايات دراسة الإبداع الأدبي بين الماهية والواقع الادبي للكتابة فيعرف (ولك) الإبداع بأنه ( التميز في العمل والإنجاز بصورة تشكل إضافة إلى الحدود المعروفة في ميدان معين wallach1985.
ويعرفه (جيلفورد) بانه سمات استعدادية تضم الطلاقة في التفكير والمرونة والأصالة والحساسية للمشكلات guilford 1986 واعادة تعريف المشكلة وايضاحها بالتفصيلات والاسهاب ويعرفه (ويرتيمر) بأنه اعادة دمج او ترجمة المعارف والافكار بشكل جديد.
اما (مدرسة التحليل النفسي) فتعتمد تعريفها الآتي:
الابداع محصلة تفاعل ثلاثة متغيرات للشخصية هي الأنا والأنا الأعلى والهو، وان تحقق الابداع مرهون بكبت الأنا حتى تبرز على السطح محتويات اللاشعور او ما قبل الشعور.
وتنحي الدراسات الادبية في تحليقها في مجال الابداع من خلال دراسة معطيات الرسالة الادبية في منظومة اشكالها التعبيرية اللفظية المتنوعة في لغة النثر والشعر على سبيل التحديد وغيرها من أشكال الكتابة على وجه العموم، وتلتزم في دراستها التأكيد على ولادة الإبداع وماهية تكون جيناته في مخيلة الأديب.
وانطلاقا مما سبق فانه لابد لنا من تحديد مقومات العملية الابداعية في العمل (الادبي) وهي تتشكل في اول سماتها في الحساسية الشديدة في ادراك (الأديب) ومشاعره المرهفة التي تثمر تفاعلا حارا قزحي الأمواج في ذاته الحساسة لرسم الإبداع فتثمر منتجة الإبداع وتتنوع ابعاد استقاء تلك الحساسية من البيئة المحيطة وخارطة مفرداتها اللامتناهية في التفاعل والتأثير في احساس الأديب سواء في منظومة المواقف وبعد الإنسان ولوحة الوجود ودوائر السلب والإيجاب التي تتقاطع عند مشاعر الأديب المرهف، اذ يحرك ذلك مادة حياة تتدفق في عمل الاديب وتدور في فنيات الادب والتعبير الساحر الخلاق في ملكات الموهبة الزاخرة بحيث تبث عوالم اللاشعور في اختزانها الفني المحتبس لمنظومة تفاعلات مؤثرة مستقاة من البعد الخارجي بحيث تتفاعل مع تراكم مختزن في ذاته لا يعرف ابعاد الزمان والمكان في أجواء تفاعل متوتر متحرك مشحون يتشكل منه جنين يثبت ماهيته شيئا فشيئا في رحم ولادة الأبداع، إذ أن المبدع في دينامية اختزان تمتص المؤثرات وتتفاعل معها وتخزنها في منظومتها الوجدانية التي تعكس جينات ايدلوجية تلك الذات المبدعة في ماهية فكرها ونظرتها للحياة، وكنه الوجود في المادة والأنام وتقاطعات المجتمع والقيم في الحياة، وسلة أسرار ماهية الجمال في الأشياء.
بحيث تنشأ لدينا في لوحة الأبداع تركيبات جديدة مستحدثة من المقومات المختزنة بنقش مستجد مبدع بغير أن ينفذ المخزون وكلما حصل الفنان على مقومات خبرية جديدة اتسعت رقعة التوافيق والتبادلات التفاعلية الممكنة في سلة رسمها المبدع وإضافاته الإبداعية في المنتج الأدبي.
ومن الأبعاد الهامة في إبداعية الفنان بعد النقد الذاتي وما ينشأ عنه من تعديلات مستمرة بحيث يلغي النمنمات التي لا تعجبه في أعماله السابقة ويعدل في عملية إرتقاء إبداعي متسامية ولعل هذا النقد الذاتي هو المولد لآليات النمو المتصاعد لديه، وبالمناسبة فإن آليات النمو الإبداعية في الأديب هي نسيج ملتحم يتأتى من الإضافات التي يمتصها من الخارج ومن عملية التخزين المتفاعلة والنقد الذاتي واعتمالها بإيجابية في ذاته المبدعة، فهذه المولدات تشكل عملية الابداع والجدة في لوحته بحيث ينعكس عليها ثالوث مؤثر في أيدلوجية العمل وشحناته الانفعالية وهي تتحدد بثقافة الأديب وماهية المجتمع ومرآته العاكسة ونبع وجدانه الفياض.
وتشكل النظرية الاسترسالية بعدا هاما في إبداعية الفنان وهي تتكاثف في بعد التعبير الإبداعي الحر دون لجام أو ضبط أو مقاومة ولكن نبل الرسالة الأدبية تقتضي أن تنطبع تلك الحرية التعبيرية في ضوء أخلاقيات العمل الأدبي وإنسانيته النبيلة وهنا بعد فني لابد من التنويه بأهميته في ضوء العملية الأسترسالية الإبداعية وهو أن حرية الاسترسال مرتبطة بقوالب فنية في التعبير تحدد شكل الكتابة الأدبية وهي اللبنات الجاهزة التي هي أركان ثابتة في العمل الأدبي بحسب جنس ذلك العمل الأدبي من لوحة شعرية أو نثرية أو بعد القص أو الرواية بحيث لا يكسرها المبدع تحت دعوى الإبداع وهي لاتحد من حرية الاسترسال بل هي أداة بناء في العمل الأدبي وتشكل نكهته المبدعة في كنه التكوين وتحديد جنسه بين أشكال الرسم الأدبي ومن هنا نفند دعوى الإبداع بالخروج المطلقة من قواعد الكتابة الأدبية وقوالبها الفنية الثابتة إذ أن تلك القوالب الفنية لا تجعل الأديب مقلدا للآخر كما يدعي البعض إذ يبررون من خلال هذه المقولة دعوى نقض تلك القوالب وعدم الالتزام بها لغايات الأبداع الأدبي.
وأوجز والإجابة العلمية عن تلك الدعوى الزائفة، تتجلى في أن ماهية الإبداع تتشكل في جوهر حقيقتها ليس من خلال لعبة القوالب الفنية وشحن التعبير من خلالها أو الخروج المطلق عنها بل تتشكل ماهيته الحقيقية في الصنعة الأدبية الساحرة في تنويع مصادره الخبرية في استقاء تفاعلاته الحارة وانفعالاته الوجدانية المشحونة التي يشكلها في تلك القوالب الفنية وفق مهاراته الفنية في التعبير واتكائة الموهوب على قدراته في النقش على السطور وكلما تنوعت مصادره الخبرية في التخزين وتماوجت تفاعلاتها القزحية في ركام انفعالاته المشحونة تشكلت لدينا بلورات جمالية في التعبير مسبكة في قوالبها الفنية بإشراقة شمس الإبداع من عين السطور، بحيث تسهم تلك المصادر الخبرية في تشكيل الإحساس والإدراك ورسم مخيلة خصبة في سمات صور ذهنية متحركة بزخم في وجدان الأديب تحاكي الواقع بلغة الأديب المختزنة في عوالم اللاشعور لديه، فيرسمها في ضوء عمليات اسقاطية فتشكل نسيجا من نكهة أخرى للصورة المرئية في عين الحقيقة، إذ تتولد في ضوء إحساس الأديب ومخيلته الخصبة ومشاعره المرهفة في منظومة التضادات بين عين الواقع وذبذبات اللاشعور المشحونة التي تتساقط على النص المنتج في ماهية الجدة والخلق في الصورة الفنية وكنه التعبير ومؤثرات الجاذبية في تشكيل وحدة لا متناهية مع القارىء في بث شحنات منجزه الإبداعي في خلجاته بحيث تتشكل صورة الإبداع في وجهها الآخر من لغة التأثير والوقوف برشاقة منسابة في قوام الوجود المتألق بثبات على السطور.
وبناء على ما سبق فإنه من اليسير بمكان تحديد ماهية الإبداع في النص الأدبي بناء على ترتبات المقومات العملية لإبداعية الأديب في النص ولذا يمكننا تقويم الآراء التي تدعي الأبداع وهي متحررة من قوالبه الفنية ومن مادة التعبير المبدعة فيها الناشئة من الحساسية للواقع في التأثر والتأثير في علاقة تبادلية تكاملية عضوية، وكذلك بإمكاننا تحرير الأبداع من مقولات زائفة في وحي استفاضة الشهرة إذ لا ترتبط إطلاقا مع الإبداع فتكاتف المنظومة الإعلامية تلميع أديب لا تعني صناعة مبدع ولا ترتبط بأي تأثير منظومة تحديد الأبعاد وفق معايير الجنس (ادب ذكوري، ادب انثوي) وترتبه في العمل الأدبي فتلك الفرضيات السابقة الذكر تتهاوى مع بنية التقويم العلمي ومناقشتها في بعد الابداع ومقوماته، إذ تخضع ولادة الأديب لمقومات خاصة بعيدة كل البعد عما سبق ذكره لأنها حرة من بصمات تشكيل الآخرين لها عنوة عبر التلميع والإعلام وكثافة النشر فهي لا تتولد بالقصر ولا ترتبط بماهية تحديد بشرية إنها ماهية خلق ابتكارية تجديدية حرة مادتها الذات وحوارها مع الواقع واندفاعها نحو تيار الحياة في الأبداع فكلما تدفق شحنات ذلك الشعور في الذات المبدعة تشكلت معها منظومة متزاخمة متدافعة من الإبداعات، ويجدر بالإشارة ان ما تم ذكره من أبعاد دراستي العلمية الموضوعية هذه ينسحب على العمل الفني أيضا بكافة أشكاله كما هو في العمل الأدبي إذ كلاهما في مادة الخلق والماهية توأمان ولكن مادة الظهور الإبداعية هي المتفاوتة فقد تكون لوحة رسام مبدع أو قصيدة شعر جذابة أو رواية ممتعة أو قصة مؤثرة مبدعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.