تعتبر الحبة السوداء من اقدم النباتات الطبية استعمالا في طبنا العربي فمنذ ان دعا النبي (صلى الله عليه وسلم) الى التداوي بها بقوله فيما رواه البخاري ومسلم عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما من داء الا وفي الحبة السوداء منه شفاء الا السأم (والسأم يعني الموت). والحبة السوداء هي بذور نبتة عشبية سنوية يوجد منها اكثر من عشرين صنفا, الا ان الاصناف الاكثر استعمالا في المجال الطبي هي الحبة السوداء المزروعة ومن اسمائها الكمون الاسود والحبة السوداء الدمشقية والحبة السوداء الحقلية. فالحبة المزروعة تنمو في حوض البحر الابيض المتوسط وايران والقوقاز واول ما زرعت في الهند ثم نقلت الى البلاد العربية ومنها الى افريقيا, وتكثر زراعتها في سورية كتوابل معروفة تضاف الى الاغذية وخاصة الجبن والكعك. وتحتوي الحبة السوداء المزروعة على 1.4% من وزنها الجاف على مادة الملانتين وهي غليكو زيد سام, وعلى 0.5 - 1.5% من مادة النيغلين وهو غليكوزيد مر وعلى 1.4% زيت ايتري عطري يحتوي على التربين وعلى 30 - 44% زيوت دسمة. اما بذور الحبة الدمشقية فتحتوي على الميلانتين وعلى شبه قلوي آخر هو الدمشقين وعلى زيت دسم غني بالفيتامين E اما الحبة السوداء الحقلية فهي قريبة في تركيبها من الحبة المزروعة. فقد ركز اطباؤنا اهتمامهم بها وجربوها وعرفوا الكثير عن فوائدها فقد وصفها ابن سينا لمعالجة الام الرأس الصداع والشقيقة وفي شلل العصب الوجهي ومن اجل معالجة الساد cataract وله وصفة يمزج فيها مسحوق الحبة السوداء مع العسل وتشرب بالماء الساخن لمداواة حصي الكلية والمثانة وادرار البول. ويصف مسحوقها مع العسل والخل ضمادا لمعالجة الثأليل, كما يعتبرها مقشعة ومضادة للسعال وعالج بها الانطاكي الاستسقاء واليرقان, ويضعها ابن الجوزية كمادة مدرة للحليب ومنشطة للجنس ومطمثة. وتذكر بعض الابحاث ان الصبغة المستخلصة من بذورها لها خواص مسكنة توصف غرغرة لتسكين آلام الاسنان, وكمضادة للمغص المعدي المعوي, ولها خواص ملينة وطاردة للغازات, ولها خاصة منومة لطيفة كما تؤكد هذه الابحاث فائدة الصبغة كدواء طارد للديدان وخاصة الشريطية منها بعد مزجها بالخل. اما الباحث الالماني اوتو غيسنر فيؤكد فائدة البذرة لادرار البول والصفراء والحليب وكمادة مطمثة. وتمتاز الحبة السوداء الدمشقية برجحان خواصها المنومة لفعلها المخدر المركزي. كما ان مادة الدمشقين تعتبر مادة كولينرجية تشبه بذلك البلوكاربين, فهي تدر اللعاب وتنبه نهاية الاعصاب. وهناك وصفة قديمة في طبنا الشعبي تعالج الربو بزيت الحبة السوداء حيث يعطى 5 - 15 نقطة من الزيت مع كأس من مغلي الزهورات ثلاث مرات في اليوم. وان النتائج المشجعة لهذه الوصفة دفعت بعض الباحثين الى دراسة هذه النبتة والبحث عما يحتويه زيتها من مادة مؤثرة وتمكنوا بعد جهود مضنية من فصل المادة المؤثرة على شكل بللورات استخلصت من الزيت سموها بالنيجللون. ويعتبر الجهاز المناعي خط الدفاع الرئيسي للجسم لانه مسؤول عن محاربة الجراثيم والحمات الراشحة والفطور بالاضافة لدوره في مقاومة السرطان.