أتابع احيانا حلقات (طاش ما طاش) وفي هذا العام لاحظت التفاوت الكبير بين مستوى الحلقات التي قدمت حتى الآن, فبعضها ينحدر في مستواه الى حد الاسفاف وبعضها يرتفع في مستواه الى حد الجدية الايجابية التي تحاول تلمس مشكلات المجتمع وتفتح العيون على عيوبه التي تزداد مع مرور الأيام ما لم نبادر الى طرحها ومعالجتها بوعي ومسئولية. ولا أجد مبررا وجيها لهذا التفاوت بين حلقات هذا المسلسل الذي أصبح حديث الناس واكتسب خبرة أرجو الا يفقدها بعدم العناية في اختيار موضوعات حلقاته, والمطلوب هو ان يحافظ على المستوى الذي ظهر به في سنواته الاولى, علما بأن هامش حرية التعبير قد أصبح اكثر مما يتيح أوسع الآفاق للطرح الجاد المثمر, مع ملاحظة ان مشاهد اليوم هي غير المشاهد قبل عقد من الزمن, فهو لا يكتفي بالضحك لأجل الضحك, بل يطلب الكوميديا الهادفة التي تتلمس مشكلاته اليومية وما تسبب له من إحباط في كثير من الأحيان. وقد لاحظت ان هذا المسلسل يتعرض احيانا لهجوم عنيف من بعض الأخوة الأفاضل, وهو هجوم يخرج احيانا عن الموضوعية ليس لعنفه فقط ولكن لأنه يعتسف الدليل اعتسافا ويصل الى درجة التجني, وهذا ما لن يؤدي الى نتيجة ايجابية هدفها تقويم مسار هذا المسلسل ليظل عند حسن ظن الجميع, وفي المستوى الذي يرضي مشاهديه والقائمين عليه, خاصة ان العاملين في هذا المسلسل من المشهود لهم في الحقل الفني, وقد شقوا طريقهم باصرار وجدارة, لكن هذا لا يمنع من التنبيه على ضرورة حسن اختيار الموضوعات المراد طرحها ضمن حلقات (طاش ما طاش). ولست هنا بصدد ذكر الحلقات التي ظهرت بشكل دون المستوى المطلوب, فهي معروفة ولعل اسرة المسلسل تعرف ذلك قبل غيرها, وانما أردت القول ان هذا المسلسل لابد ان يحافظ على المستوى الذي وصل اليه حتى لا يقال انه استنفد اغراضه, وحتى لا تتكرر المستويات المتدنية التي ظهرت بها بعض حلقاته, حيث يتساءل المشاهد بعد مشاهدتها عن سر هذا التدني فلا يجد الجواب. فأين يكمن الخطأ وما السر الحقيقي وراء تفاوت مستويات حلقات هذا المسلسل الذي حظي باعجاب الكثيرين وليس من السهل ان يفقد هذا الإعجاب.
