عكست التطورات الاستثمارية المتسارعة التي تشهدها القطاعات الاقتصادية الرئيسية في دول المنطقة حالة من التداخل وتبادل للأدوار بين اللاعبين الأساسيين لدى اقتصاديات دول المنطقة، الأمر الذي يسمح بدخول القطاع الخاص إلى مكونات قطاع الطاقة التقليدي والمتجدد، فيما تعكس عوامل السوق قدرة أكبر للقطاع الخاص للعب أدوار متقدمة في هذا المجال. ووفقا لتقرير نفط الهلال، فإن هذه الحاله تعد خروجا عما تتسم به اقتصاديات دول المنطقة، بتنوع الفرص الاستثمارية لديها على كافة القطاعات الاقتصادية، فيما تتباين مستويات المخاطر والعوائد والجاذبية للفرص الاستثمارية بين قطاع وآخر، وبين فرصة استثمارية وأخرى، ومما لا شك فيه ان الاستثمارات اتخذت نوعا من التركيز على قطاعات بعينها، فالحكومات اتخذت من قطاعات الطاقة قاعدة للتركيز الاستثماري الذي يأخذ صفة الاستثمار السيادي الاستراتيجي طويل المدى للثروات الطبيعية التي تمتلكها، فيما تركز الاستثمار الخاص على القطاع العقاري والخدمي والمالي. وقال التقرير: «إنه مما لاشك فيه أن القطاع المصرفي يأتي في الوسط بين أدواره المتقدمة في النمو الاقتصادي ورفع القدرات الانتاجية لغالبية القطاعات التي يقوم بتمويلها، وبين الأولويات الاستثمارية التي تقوم على المخاطر والعوائد والتخصصية، وتفرض الخارطة الاستثمارية في الوقت الحالي شروطها على القطاع المصرفي وتدعم الاتجاه للبحث عن الفرص الاستثمارية لدى قطاعات الطاقة المختلفة. واللافت أن بإمكان القطاع المصرفي أن يلعب دورا رئيسيا في دعم وتطوير قطاعات الطاقة، من خلال تقديم المزيد من التمويل المدروس، كون القطاع يمثل أحد الدعائم الرئيسية لاقتصاديات دول المنطقة ومصدر الدخل الرئيسي لها، فيما يصنف القطاع ضمن القطاعات الواعدة، والتي يحمل الاستثمار فيها تحقيق أهداف القطاع المصرفي بتعظيم عوائده، بالإضافة إلى القدرة العالية على استرداد المديونيات وفق الجداول الزمنية المحددة. وفي السياق، فقد دعا وزير الطاقة اللبناني القطاع المصرفي العربي للاستثمار لدى قطاع الطاقة اللبناني، في مجالات الكهرباء والمياه والنفط، وقال: إن هناك العديد من المشاريع الجيدة لدى قطاع الطاقة لا ينقصها الا التمويل المناسب خلال الفترة القادمة، جاء ذلك خلال فعاليات المؤتمر المصرفي الذي نظمه اتحاد المصارف العربية في العاصمة بيروت، وقال وزير الطاقة: إن مشكلات قطاع الطاقة الكهربائية يساهم في زيادة العجز ويكلف الدولة والمواطنين ما يقارب 6 مليارات دولار، كأعباء إضافية على الاقتصاد الوطني. وفي السياق، تخطط السعودية للكهرباء إصدار سندات إسلامية (صكوك)، واختارت الشركة الأذرع المصرفية لكل من البنك السعودي الفرنسي والوحدة السعودية لبنك إتش.بي.سي لترتيب إصدار الصكوك، يذكر هنا أن الشركة السعودية للكهرباء والتي تستحوذ على السوق السعودي تسعى بشكل دائم إلى رفع قدرتها الانتاجية لتوليد الطاقة الكهربائية؛ لتلبية النمو الحاصل على الطلب، والذي يقدر بحوالي 9% على أساس سنوي. والجدير ذكره هنا أن الفرص الاستثمارية التي يفرزها قطاع الطاقة لدى الدول التي في طريقها لأن تصبح منتجة للطاقة، تشكل منفذا هاما للمصارف للخروج من التركز الاستثماري لدى قطاعات بعينها وبشكل خاص القطاع العقاري، فيما تتجه البنوك المركزية إلى فرض المزيد من القيود على التركز الائتماني الممنوح لقطاعات اقتصادية وقطاعات استثمارية تابعة لحكومات محلية، يذكر هنا أن البنك المركزي الإماراتي قد قرر وضع أحكام لمراقبة حدود التركزات الائتمانية للبنوك العاملة في الدولة بشكل دقيق، ومن الممكن أن تقوم المصارف المركزية لدى دول المنطقة بفرض قيود مماثلة على حجم التركز الائتماني على مستوى الأفراد والمجموعات، وبالتالي فإن على المصارف البحث عن فرص استثمارية تتصف بالأمان والربحية والديمومة، بعيدا عن التركيز على قطاعات ومجموعات محددة، وسيكون لقطاع الطاقة الأولوية في هذا الإطار كونه الأكثر تلبية لمتطلبات المصارف على مستوى المخاطر والربحية والقابلية للاسترداد.