سعادة رئيس التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من العوامل التي تكون اساسا لكثير من المعاناة الانسانية التي تجر على الانسان اذيال المرارة وتترك له بقايا الحسرة والندامة التي ربما جعلت منه بقايا انسان. اقول من تلك العوامل عاملا المرض والفقر.. اما عامل الفقر فيمكن علاجه بكسرة من خبز وشربة من ماء ولكن الطامة الكبرى والداء العضال هو عامل المرض الذي يستفحل أمره وتتشكل الوانه وتتعدد مشاربه ليظهر في كل طالع شمس بأشكال لاعهد للبشرية بمثلها ولا يخطر على قلب انسان تصورها.. ولقد شهدت الساحة البشرية في آونتها الاخيرة مالا يعد حصرا ولا يشمل عدا. وانا هنا لست بصدد السرد والعد.. ولا في معرض الدرس والعلاج فهذا الامر له مجاله الذي يخصه ورجاله الذين يهتمون به.. ولكنني كواحد ممن عاش معاناة سرت مرارتها حتى غيرت مجرى حياتي وبدلت جمال معيشتي واذهبت هناء راحتي من هنا أبدا في عرض القضية وتحديدا في عام 1404ه حين كان عمر ابني السنتين وكان الوقت حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل وكانت ليلة شتائية ذات مطر وبرد قارس انطلق من ابني صوت مرتفع ايقظنا جميعا حاولنا اسكاته ولكن بدون فائدة اذا لا بد من الذهاب الى المستشفى.. وزاد الامر سوءا ومرارة ان السيارة ابت انه تعمل ولا احد يوجد في الشارع في ذلك الوقت اذا لابد من حل واحد وهو ان اقوم بحمله علىكتفي واسير به مسافة ليست بالقصيرة لأصل الى المستشفى. وبين حالة التعب الجسدي والحالة النفسية التي اعانيها في تلك اللحظة يخبرني الدكتور بمرض يعاني منه ابني اسمه (الانيميا المنجلية) قلت له إنه يعاني ألما في ساقه.. لماذا لاتقوم بأخذ اشعة على ساقة فلربما وقع او اصابه اي عارض من عوارض الحياة.. ولكن الدكتور شرح لي الوضع. ويستمر الحال الى الاسواء وتتبدل صحة ابني وبدا يظهر عليه الاصفرار واشتدت الازمات وتكررت ملازمته للسرير داخل المستشفى وتحت الحاح والدته واقتراحات بقية افراد اسرته بالذهاب به الى الرياض لعلاجه في مستشفى فيصل التخصصي قررت ذلك.. ومع عناء السفر وسوء الحالة النفسية التي تعانيها والدته.. فوجئت بالدكتور يخبرني انه لايوجد له علاج غير ما يتلقاه في المستشفيات الحكومية وطلب مني الرجوع الى مدينتي وعدم تكبد الخسائر المادية التي لاداعي لها. وتمضي الايام طويلة ونحن نعاني سوء هذا الامر ومرارته. كنت اقضي الليالي بمرافقة ابني للمستشفى وفي الصباح اذهب الى عملي مدرسا ثم اعود مرة اخرى الى المستشفى ولا تغمض عيناي الا فترة يسيرة وشاء الله ان يرزقنا طفلة اسميناها (فاطمة) فتعم الفرحة ارجاء البيت لأنها تبدو في صورة جميلة وذات لون يشرح الصدر ويبهج الفؤاد وماهي الا سنوات قليلة لم نكد نتنفسِ فيها الصعداء حتى فوجئنا بتلك الطفلة البريئة الطفلة الملاك تتحول فجأة الى لون اصفر شاحب وتبدأ باطلاق صيحات عالية تشكو ألما في بطنها.. ولم تكن مفاجأة احمد بأشد من مفاجأة فاطمة.. نعم انها الانيميا المنجلية.. وينقلب منزلنا الى اشبه بالعزاء فهناك من يقول: لماذا لاتعالجوها في المستوصفات الخاصة.. وآخر يقول: لماذا لا تسافرون بها الى الخارج.. وغيرهما يهون الأمر فربما يكون عارضا سرعان ما يزول. وتجري الايام تباعا.. اذ اصيبت فاطمة بمرض الانيميا المعروف بالتكسر وبطبيعة الحال تم تنويمها في المستشفى برفقة امها ومع صعوبة الأمر وسوء نفسية والدتها.. فاذا باخيها احمد تصيبه الحالة ذاتها ونأخذه الى المستشفى.. وما ان علمت والدته بحضوره وان طفليها اصبحا امام عينها في غرفة واحدة حتى انهارت قواها وتحطمت نفسيتها وبدات في بكاء شديد وكاد يغمى عليها وقبل ايام قليلة لازمت فاطمة السرير في المستشفى لانها اصيبت بأزمة التكسر وبقيت خمسة ايام في هذه الايام التي يستعد فيها طلاب المدارس للاختبارات النهائية. ان هذه المعاناة التي عشتها وتعيشها معي اسرتي ليست وقفا علي وليست خاصة بي بل هناك من الاسر ما لا يمكن عدها وحصرها عايشت هذه المعاناة بل ربما تكون اشد واصعب من معاناتي. فلقد كنت اعرف رجلا لديه اكثر من خمسة اطفال جميعهم يعانون هذه الازمة لايكاد يفارق المستشفى ولقد التقيت به ذات مرة خارج المستشفي وسألته عن حاله وحال مرضاه فقال الحمد لله على كل حال.. لقد رزقني الله بمولود.. وبعد تحليل دمه تبين انه مصاب ايضا بالانيميا. هذه صوره اردت عرضها ومشاهد يسيرة اردت بيانها مآس داخل البيوت وآلام تعتصر القلوب.. وحسرات تقطع الافئدة ان لفتة حانية.. ونظرة ابوية توليها حكومتنا الرشيدة لهذه الظاهرة التي استفحل امرها واستطار شررها وعمت مضرتها السواد الاعظم من ابناء هذه المحافظة هي الرجاء والامل بعد الله عزوجل فما عهدنا بولاة امرنا إلاحريصين كل الحرص على رسم البسمة على الشفاه وغرس الفرحة في النفوس لترتفع الأكف بالدعاء الى الله عزوجل بان يبقي لهذه الامة قيادتها ويحي رموزها ويعز قائد مسيرتها ورائد نهضتها خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين والنائب الثاني والاسرة المالكة الكريمة وان يحفظ لهذه المحافظة محافظها البار سمو الامير بدر بن محمد آل جلوي ال سعود . ابراهيم بن سلمان بوجليع الاحساء