الإيمان بالله؛مفتاح حياة المؤمن، وهو ذلك الشيء العظيم الذي يكسب البشرية في دنياها موقفا إيجابيا من؛ الحياة والكون والإنسان،ويجعل منها مخلوقات رائعة في سعيها للخير العام والتشارك المجتمعي النافع. ويغرس فيها قيم الخير والجمال والعدل،فيكسبها نظرة الاعتدال للحياة في كل مناحيها،ومما يزيد من أثر الإنسان الإيجابي في الحياة كذلك؛ إيمانه بالغيب الذي جاء في كتاب الله جل وعز وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم،فقد وازن حياة الإنسانية بين المادية الجافة التي تسحق الروح،وبين الروحانية المغرقة حتى تبدد الروح في إشراقها. ولقد كان لهذا الاعتدال في موقف الإسلام وأهله من الإيمان بالغيب أثر كبير في حفظ السلم الاجتماعي،من أوجه متعددة، أهمها: 1. أن الإيمان بالغيب يجعله يعيش دائما وهو يستشعر المراقبة على كل أفعاله وأقواله، فهو يعتقد أن الله عليه رقيب؛فيضبط أفعاله وأقواله لأن الملائكة تسجلها عليه، يقول جل وعز: { مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18] ويقول أيضا: {وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار: 10 : 11]، وهذا بدوره جعل المسلم يحتاط من محاولة الاعتداء على حقوق الآخرين في السر والعلن مهما كانوا. 1. أن الإيمان بالغيب وهو من أصول الشريعة التي تحدد الحقوق والواجبات، وتنظم شؤون المجتمع، يحمل على الالتزام بكل ما اشتملت عليه هذه الشريعة من أحكام،وآداب وهذا الالتزام بدوره كان حاسما لمادة النزاعات، وباسطا للوفاق والسلام بين الناس. 2. أن الإيمان بالغيب يربي العقلية على الطريقة العلمية لتلقي الدين،وفهم التدين، وذلك بقبوله كما جاء به الوحي مع فهمه فهما سديدا باستخدام المنهج العلمي المعتبر في ذلك، وهذا يعد من أهم العوامل التي حفظت التجمعات الإسلامية من الغلو والتطرف لفترات طويلة، فالمتتبع للجماعات المغالية والمتشددة عبر التاريخ يلحظ أن العامل المشترك بينها هو بعد المنهج العلمي المنضبط في فهم الدين، والتدين . 3. أن الإيمان بالغيب جاء بإجابات وافية ومفصلة عن الأسئلة الفكرية الكبرى الفطرية عن الإنسان والحياة والكون والمعاد، فسد بذلك الباب دون الوقوع فيما وقعت فيه المادية المعاصرة التي حاولت الإجابة عن ذلك فأتت برؤى بشرية لا تشمل إلا ما بإمكانها أن تتعرف عليه. هذا شيء مما وفره الإيمان بالغيب للنفس البشرية من طمأنينة وهدوء ؛كان حريا بأن يكسبها الاعتدال،والذي بدوره له الأثر العالي على نشر السلم وزرعه في بقع تجمعات البشر. بقي أن أقول . الإسلام يحمل بذور بقاءه لآخر الزمان،لكن من يستخدمونه ولا يخدمونه، يقدمونه كنموذج سيء للغاية وكصورة للنفعية الجافة،فيوظفونه تبعا لأهدافهم ومصالحهم،فهم لا للإسلام نصروا،ولا على أهدافهم قدروا … كفانا الله شر كل من فيه شر.