في عصرنا هذا الذي نعيشه نواكب طفرةً علميّةً في شتّى المجالات ونرى مليارات المعلومات التي تحيط بنا ولكن هلّ الجهل باقٍ وما زال..! في زمننا هذا أصبح الشيخ قوقل معلمنا الأوّل والذي نجثوا أمامه لساعاتٍ طويلة ومديدة ولفتراتٍ عديدة ولا يمكن أن نشعر أمامه بالكلل والملل، نسأله ولا يتذمّر أو يتكبّر أو يستخف بعقلياتنا أو حتى بتساؤلاتنا الساذجة والغبيّة أحياناً. عند كلّ سؤالٍ نطرحه إلى "شيخنا الجليل" يأخذ بأيدينا إلى بحر من المعلومات وكأنه يقول لطلاّبه ستجدون في أعماقه أنواعاً عديدة من الصيد فما بين السيئ والجيّد والثمين النادر ستحددون ما تريدونه أنتم بأنفسكم، ولكنّي لا أستطيع أن أجبركم على ما ستصطادونه. ومن فضائل سماحته أن هناك نسبةً كبيرة من طلابهِ هم أصغرُ سنّاً منه حيث لا يتجاوز عمره العشرون ربيعا، بل والأمر الذي يعد أكثر غرابة أن يكون قبلةً لطلبةِ العلم من شتّى الديانات والمذاهب والمعتقدات وأيضاً الثقافات. عند كلّ نقاش تنكشف لنا عقول الآخرين وتتضح أمامنا خلفياتهم الثقافية وربما نصاب بالذهول والصدمة عندما نكتشف بأن هناك ممن تدرّج في سنوات التعليم وبعضًا منهم قد حصل على الشهادة الجامعية ويجهل أبسط المعلومات التي تتعلق بدينه أو حتّى في الحياة من حوله. على الصعيد الشخصي أرى بأن مقياس العقول هي ما تحتويه من ثقافةٍ ومعلومات واطّلاع، فليس من الضروري أن الذي حصل على شهادة الدكتوراه مثلاً لديه مخزون ثقافي، وعلى النقيض أيضاً فليس من الضروري أنّ الذي اكتفى في مراحل تعليمه بالقراءة والكتابة يعد جاهلاً!! نحن نعيش في عصرٍ لم يعد الجهل عذراً، فمن الممكن أن يصبح الجاهل في مجالٍ ما نابغةً بمجرد ذهابه إلى "الشيخ قوقل" الذي أصبح أسرع وسيلةٍ لطلب العلم، فإذا لم تكون من هواة القراءة فإنك تستطيع الاستعانة بموادٍ مسموعة أو أفلامٍ مشاهدة. أخيراً في الحقيقة لم أتطرّق إلى عيوب شيخنا الجليل موضوع مقالنا في هذه المرّة، ولكن من أبرز عيوبهِ أنه يستطيع تعليم صاحب الجاهل البسيط ولكنّه لا يقوى لصاحب "الجهل المركّب" والذي رغم جهله البالغ يظنّ بأنّه عالم.