في مثل هذا اليوم قبل 86 عامًا، وبالتحديد في الثالث والعشرين من سبتمبر عام (1932م 1351ه)، الموافق (أول الميزان) شهد العالم ميلاد المملكة العربية السعودية، بعد أن نجح الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود في توحيد شتات كيان يشبه القارة (مملكة الحجاز وملحقاتها) إلى دولة متكاملة المؤسسات، تعمل كافة أجهزتها تحت راية واحدة هى راية التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله). ومنذ ذلك اليوم المجيد تغيرت خارطة المملكة تمامًا، تبدلت الأحوال من فرقة وتشرذم وفقر إلى توحد وقوة وثراء، وسنة بعد أخرى، نمت البلاد وتطورت في شتى المجالات وأصبح للسعودي شأن آخر مختلف، ولدولته مكانة دينية عالمية مميزة، ودور محوري مؤثر، ولقياداته وحكامه مكانة دولية وإقليمية مرموقة. ففي سنوات قليلة، لا تقاس بأعمار شعوب تجاوزت بميلادها آلاف السنين، نجح الشعب السعودي بالتفافه حول حكامه، في تحقيق المستحيل، وبعد تفجر البترول في أرضه، حافظ على هذه النعمة، وصنع بها نهضة تنموية شاملة، وتقدمًا كبيرًا، انعكس بكل ملامحه على السياسة الخارجية للمملكة، وترجم بشكل دقيق مواقفها الدولية الثابتة تجاه أصعب القضايا والأزمات الدولية والإقليمية. ولذلك فمن حق الوطن على أبنائه أيضًا أن يحتفلوا بذكرى تأسيسه، فهي وكما يؤكد المسؤلون ذكرى غالية على الكبير والصغير، تعيد الرجال والنساء بل والأطفال إلى أيام الأجداد وإلى بطولات القائد والمؤسس الملك عبدالعزيز- يرحمه الله – الذي صنع ملحمة التوحيد والتلاحم والبناء من فوق صهوات الخيول وظهور الإبل، وهى ملحمة تستحق أن تدرس بكل تفاصيلها لكل الأجيال؛ لتبقى دائمًا عنوانًا حاضرًا في صفحات التاريخ والماضي الجميل، فبتلك الملحمة صنع السعوديون وطنًا قويًا حازمًا لديه من أدوات الردع ما يهيب به الأعداء والحاقدين، ومن أدوات العمل والإنتاج والتعليم والإبداع ما يجعله سعيدًا، متفائلاً بالحاضر والمستقبل. وربما يكون من قبيل المصادفة، أن تكمل المملكة في مثل هذا اليوم بعد 14عامًا بإذن الله مائة عام من عمرها، وفي الوقت نفسه تكمل رؤيتها الاقتصادية الشاملة المعروفة ب"2030″، لتكون الأجيال المقبلة على موعد مع حدث جلل وعظيم وهو "مرور قرن من الزمان على إنشائها، و14عامًا على انطلاقها في برنامج التحول الوطني" الذي يؤسس به سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لسعودية جديدة، ولدولة متقدمة متنوعة الاقتصاد والمداخيل لا تعتمد على النفط فقط ولا على الأيدى الأجنبية، بقدر ما تعتمد على أنشطة أخرى متنوعة، وكوادر سعودية مدربة ومسلحة بالتقنية والتكنولوجيا الحديثة، وهو ما يوجه به دائمًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ويحرض الحكومة على تحقيقه، لبناء سعودية أكثر تقدمًا ورقيًا وازدهارًا، كما أرادها دائمًا والده الملك المؤسس الذي زرع في قلوب أبنائه وأحفاده حب هذا الوطن الغالي والانتماء إليه قولاً وفعلاً، وافتدائه بالروح والدم وبكل ما هو غال ونفيس. ويؤكد عدد من رجال الأعمال ل"الوئام" أن الجميل في اليوم الوطني (86) أنه يأتي حاملاً في جعبته حلولا اقتصادية مدروسة لقضايا تنموية اجتماعية تعاني منها البلاد. مستندين إلى إصرار ولاة الأمر على تحويل رؤية المملكة إلى واقع ملموس، وإلى إطلاق الدولة برنامج التحول الوطني 2020، الذي يشتمل على عدة خطط ومبادرات لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطنى، وإحداث نقلة نوعية غير مسبوقة تؤهله للحظة اكتمال وتحقيق رؤية (2030) عبر آليات تستهدف وضع حلول عاجلة وسريعة لمشاكل الإسكان وزيادة تملك المواطنين للمساكن، إضافة إلى الحد من البطالة وتنويع الإيرادات غير النفطية والتوسع في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ورفع مساهماتها في الناتج المحلي الإجمالي من 20% إلى 35% بنهاية مدة الرؤية التي تتزامن مع مرور قرن على تأسيس المملكة. وتأتي ذكرى يوم الوطن وقد حقق أبناؤه الكثير من الإنجازات، داخليًا وخارجيًا، وكما يؤكد عدد كبير من السعوديين التقتهم "الوئام" فإن ما تم تنفيذه من خطط ومشروعات هذا العام لا يقارن بما قبله من إنجازات، وحسب ما قال سعود بن فهد الحارثي (مستثمر عقاري): "أشعر اليوم أننا كسعوديين مقبلون على مرحلة أخرى أكثر ازدهارًا، فكل المعطيات مبشرة". ويضيف: على الرغم من الحرب التي تخوضها المملكة في اليمن لإعادة الشرعية والحقوق المغتصبة لأصحابها، متحملة التكلفة الصعبة لهذه الحرب، إلا أن اقتصادنا ولله الحمد، ما زال قويًا وينافس الاقتصاديات العالمية بما يشهده من نمو كبير في مختلف المجالات الاقتصادية، ومن تدفقات استثمارية بدأت تتجه لأسواق المملكة بعد الجولات المكوكية التي قام بها سمو ولي ولي العهد إلى كبريات الدول التي تتحكم في اقتصاد العالم، كان آخرها الصين واليابان وقبلها أمريكا وبعض دول أوروبا وآسيا. ويتوقع فالح الذبيانى (معلم) أن تحل ذكرى العام المقبل وقد أنجز الوطن فصلاً جديدًا ومرحلة أخرى متطورة في رحلته مع التعليم بجميع أنواعه، مفتخرًا بما بذله الملك المؤسس وأبناؤه من جهود جبارة في سبيل نهضة التعليم والاستثمار في المواطن السعودي. ويرى كل من سعيد القحطاني، وهادي عسيري، ومحمد الدخيل، وسليمان المطيري أنهم وهم يحتفلون بذكرى تأسيس الوطن، فإنهم يسترجعون كيف كانوا وأصبحوا، من مجرد قبائل متناحرة الى دولة كبيرة مؤثرة، لم تترك مجالاً إلا وطرقته ونافست وتفوقت، مشيرين إلى أن الملك المؤسس زرع البذرة، ومهد التربة الخصبة لأبنائه الملوك سعود وفيصل وخالد وفهد وعبدالله يرحمهم الله ثم لأخيهم سلمان يحفظه الله ليكملوا المسيرة أوفياء مخلصين للدين والوطن، يحافظون على الأرض، يبنون قواعد المجد، يستشرفون المستقبل بخطط وبرامج تتحدى المستحيل، وتحطم صخور اليأس. ومن ذكرى إلى أخرى، يثبت السعوديون أن وطنهم لا يباع ولا يشترى، ولا يفرطون في شبر منه، فهو كما قال نايف العتيبي، "الأب والأم والأخ والأخت والابن والابنة، والحفيد والحفيدة.. روح واحدة في أجساد مختلفة، تنمو وتكبر، فرحة سعيدة بعبق تراب الوطن، وما تكتنزه رماله من خير ونعم". وكما حقق الوطن لرجاله الكثير والكثير، لم يترك المرأة وحيدة في الميدان، فأمدها ودعمها بمكتسبات جديدة، دون تفريط في المبادئ والقيم المجتمعية، وهو ما جعل صوت المرأة السعودية يصل إلى المحافل الدولية، مشاركة وفاعلة ومؤثرة في كل قضايا العالم، بعد أن منحها ولاة الأمر الثقة، ربة أسرة وعاملة ومعلمة وطبيبة وباحثة وعالمة ومهندسة وأديبة ومبدعة، وغيرها من الحقوق والمهام التي لا تتعارض مع دينها وأخلاق مجتمعها، وهو ما جعل المعلمة إبتهال الغامدى تختتم تقرير "الوئام" بدعوة خالصة لولاة الأمر أن يحفظهم الله جميعًا من كل سوء ومكروه، وأن يجزهم خير الجزاء عن كل ما يقدمونه من جهد وعطاء، لوطن رائع، يبني أبناؤه حاضرهم بثبات، ويمضون بثقة نحو مستقبل مشرق واعد في مختلف المجالات. وإذا كان من حق كل سعودي اليوم أن يرفع رأسه فرحًا ببلوغ وطنه عقده التاسع، مفتخرًا بما تحقق من إنجازات ومشاريع تنموية عملاقة، فمن حق وطن العطاء علينا أن نحافظ على ما قدمه لنا من نعم ومكتسبات يحسدنا عليها كثيرون في عالم متغير وظروف دولية صعبة، انهارت بفعل وطأتها كثير من الدول، ودفعت ثمنها فادحًا العديد من الشعوب، ومن حقه علينا أيضًا ألا نقف عند الشائعات الهدامة. وكما يؤكد خبراء ومراقبون ل"الوئام" يجب أن يكون كل سعودي رجل أمن؛ لحماية الوطن من شرور أعدائه، الذين يزعجهم كثيرًا تقدمه، وأن يكون عينًا ثالثة ضد الإرهاب الذي يستهدف البلاد بالتفجيرات؛ والأحزمة الناسفة، انتقامًا من مواقفها الثابتة، ودفاعها الدائم عن الشرعية وعن الشعوب المظلومة، وتحركها السريع لإغاثة ولهفة كل من يلجأ إليها طالبًا النجدة والإنقاذ والإنصاف.