أخيراً، وبعد نحو 20 عاماً من المحاولات التي لم يكتب لها النجاح، حسم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني مع الحكومة الكوبية ملف تسليم المملكة أرضاً في موقع مميز وسط العاصمة هافانا لإنشاء أو مسجد ومركز حضاري في العاصمة الكوبية، وباستلام الموقع يكون هذا المسجد الأول من نوعه في كوبا إجمالاً وهافانا العاصمة تحديداً، وينهي سنوات من المعاناة التي عاشها المسلمين هناك حيث لا يوجد أي مسجد مهيأ يؤدون فيه الصلوات والعبادات. وأصدرت الحكومة الكوبية قبل أيام قليلة تصريح بدء العمل في المشروع بعد أن تسلمت وزارتا الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة المالية مقر أرض في موقع متميز وسط المدينة وقريبة من البحر وقريبة من قلب هافانا الذي ينبض بالحياة، حيث ستتولى المملكة العربية السعودية تمويل تكاليف إنشاء مسجد ومركز حضاري يخدم المسلمين في هذا البلد الذي يصل عدد سكانه إلى نحو 11 مليون نسمة بينهم أكثر من 20 ألف مسلم، ووجه المقام السامي الكريم الوزارتين وبالتنسيق مع وزارة الخارجية لمتابعة الملف وإيفاد فريق لاستلام الموقع والمباشرة في التصاميم واعتماد تكاليف التنفيذ. ولدى زيارته الرسمية إلى هافانا نهاية عام 1424 هجرية، التقى الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز مؤرخ مدينة هافانا البرفسور العالمي المعروف يوسيبيو ليال وبحث معه سبل تعزيز التعاون المشترك، كما ناقش معه تخصيص أرض تكون مقراً لمسجد ومركز حضاري في موقع مميز في مدينة هافانا، حيث أبدى هذا المؤرخ موافقته المشروطة على أن يتماشى الطابع العمراني للمسجد مع الهوية البارزة لهافانا، على أن يتولى رفع الأمر لسلطات بلاده، وقد رفع سمو الأمير سلطان بن سلمان للمقام السامي في حينها تفاصيل الأمر، وحاجة المسلمين هناك إلى مسجد يؤدون فيها الفرائض ومركزاً حضارياً يشع بنور الإسلام. وفي منتصف عام 1435 هجرية وجه الأمير سلطان بن سلمان دعوة رسمية لمؤرخ هافانا الشهير لزيارة المملكة العربية السعودية، حيث تجول في جدة التاريخية، ومركز الملك عبد العزيز الحضاري في الرياض، كما زار مهرجان الجنادرية، والتقى نخب فكرية وعلمية وتراثية وتاريخية وما أن عاد إلى وطنه حتى دفع وساعد في اقناع حكومة بلاده بتخصيص موقع مميز يكون مسجداً تاريخياً ومركزاً حضارياً يخدم الجالية المسلمة في كوبا، وبحسب المصادر قاد سمو الأمير سلطان بن سلمان ملف التنسيق بين عدة جهات منها وزارات الخارجية، المالية، الشئون الإسلامية، ومركز التراث العمراني في الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني كما تولى الرفع لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله الذي ما أن علم بأمر المسلمين هناك حتى أصدر توجيهه الكريم اعتماد تكاليف إنشاء هذا المسجد والمركز الحضاري. وثمن عدد من المسلمين المقيمين في كوبا الدول الكبير الذي تضطلع به المملكة العربية السعودية في رعاية مصالح المسلمين في كل العالم وتلمس احتياجاتهم والعناية بهم، وكذلك متابعة قضاياهم، معربين عن شكرهم العميق للأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس هيئة السياحة والتراث الوطني الذي نجح في حسم هذا الملف، واستثمار زيارته إلى هافانا وتطويعها لصالح المسلمين وحل مشاكلهم، مؤكدين أن هذا الأمر غير غريب على حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والتي لا تألو جهداً في رعاية مصالح المسلمين وتلمس احتياجاتهم فهي بلد الإسلام والمسلمين ومنطلق الحضارات. المسجد سيقام في مساحة من الأرض تقدر بأربعة آلاف و312 مترًا مربعًا، وقد روعي في تصميمه الطراز العمراني الإسلامي والهوية العمرانية للحرمين الشريفين، وأن تتجاوز وظيفته كمكان للعبادة، ليكون رافداً من روافد السياحة بالمدينة ويسمح لسكان المدينة وزوارها من الاستفادة من مرافقه الخارجية، والتي ستشمل، بالإضافة إلى قاعة الصلاة، قاعة احتفالات ومطاعم بالإضافة إلى مكتبة عامة ودورات مياه للعامة ولمرتادي المسجد. هذا بالإضافة إلى مساحات خضراء ومناطق للاسترخاء مغطاة بمظلات مزودة بآليات هيدروليكية تساعد على الحماية من الأمطار وأشعة الشمس. وقد أُسند "لمكتب البيئة وللتصميم المعماري والهندسي" القيام بهذا المهمة وهو مكتب تأسس عام 1975 ويُعنى بتقديم خدمات استشارية للتخطيط والتصميم الهندسي وتطوير المدن والأقاليم والتصميم الداخلي والمشاريع المدنية في المملكة وخارجها.