فيما حثت المفوضية الأوروبية، الأربعاء 10 فبراير/شباط 2016، مجدداً الدول ال28 الأعضاء في الاتحاد على تسريع استقبال اللاجئين وتطبيق آلية التوزيع المتفق عليها بين القادة الأوروبيين التي استفاد منها بالكاد 500 مهاجر، تتفاقم أزمة النازحين في حلب. وقال ديميتريس افراموبولوس بمؤتمر صحفي في بروكسل: "لقد وجّهت رسالة اليوم الى كل من وزراء داخلية الدول ال28 ومضمونها واضح وشديد لتذكيرهم بأنهم ملزمون بقرارات توزيع اللاجئين التي يفترض أن تطبق على الفور لأن الوضع ملح". يأتي ذلك فيما تتزايد معاناة عشرات الآلاف من المحاصرين في حلب. محمود تركي الذي كان يتابع الأخبار مع عائلته بعد العشاء أصيب منزله في غارة جوية، ورغم نجاته من القصف إلا أن هذه الغارة قلبت حياته رأساً على عقب. وبحسب هافبوست, تتكرر على لسان النازحين قصة محمود عن "الجحيم" الذي يعيشه السكان في المناطق المحيطة بمدينة حلب شمالي سوريا، التي فرّ منها – وفق الأممالمتحدة – نحو 31 ألف شخص مع تقدم القوات النظامية وسيطرتها على مناطق كانت تنتشر فيها فصائل معارضة. وقال محمود الذي يرقد في مستشفى في تركيا المجاورة وقد لفّ رأسه بالضمادات وغطت جسمه الكدمات: "الرعب الذي أحدثته الغارة يفوق الوصف". وأضاف محمود الذي كان بين عدد قليل ممن سُمح لهم باجتياز الحدود الى تركيا للعلاج: "فقدت وعيي عندما سقط سقف البيت فوقي وفوق أطفالي. ثم سمعت زوجتي تصرخ وتسألني إن كنت حياً أو ميتاً". نقل محمود تركي (45 عاماً) الى مستشفى في مدينة كيليس، الجمعة الماضي، بعد أن انتشله أصدقاؤه حياً من تحت ركام منزله في منغ. شرّدت المعارك التي بدأتها القوات الحكومية السورية بدعم جوي روسي قبل أسبوع في محافظة حلب عشرات الآلاف من السكان. وقال علاء نجار الذي وصل الى تركيا، الجمعة الماضي، للعلاج من إصابة في كتفه خلال غارة على مارع شمال حلب: "الأمر يشبه نار جهنم، لم يكن بإمكاننا احتمال القصف. حتى الحيوانات لم يكن بإمكانها احتماله. كان لديّ قطة عندما سمعت هدير الطائرات جرت واختبأت تحت السرير. إذا كانت الحيوانات ترتعد الى هذا الحد، فكيف يمكن للبشر احتمال ذلك". وبدأت روسيا حملة جوية في سوريا الشهر الماضي بطلب من الرئيس بشار الأسد لاستهداف تنظيم "داعش" ومنظمات جهادية أخرى. لكن الغرب يتهم روسيا باستهداف المقاتلين المعارضين للنظام. في حين يؤكد ناشطون سوريون أن الضربات تقتل مدنيين. لكن روسيا تنفي ذلك. وساعد الدعم الروسي القوات الحكومية في إحراز تقدم كبير خلال الأشهر الماضية، والهجوم الأخير هدفه محاصرة مناطق المعارضة في حلب وقطع خطوط إمدادها من تركيا. قال المقاتل المعارض محمد الذي اجتاز الحدود، أمس الثلاثاء، على عكازتين فيما قدمه اليمنى ملفوفة بالضمادات: "الوضع سيئ جداً. الناس يهربون. الغارات الروسية دمرت المدينة". وأضاف المقاتل البالغ من العمر 30 عاماً الذي قتل والده في إحدى الغارات: "نحن محاصرون من كل الجهات. الروس من جهة، ووحدات حماية الشعب الكردية من الغرب وداعش من الشرق وقوات النظام من الجهة الأخرى". وحلب ثاني المدن السورية ورئتها الاقتصادية قبل الحرب، وتضم العديد من المواقع الأثرية المصنفة ضمن التراث العالمي من بينها السوق القديمة والقلعة. لكن الحرب اجتاحت المدينة وقسمتها منذ منتصف 2012، فباتت قوات النظام تسيطر على القسم الغربي منها وقوات المعارضة على الشرقي. وأحدثت الغارات التي نفذتها طائرات النظام والبراميل المتفجرة التي ألقيت على القسم الشرقي منها دماراً هائلاً جعل بعض الأحياء غير صالحة بتاتاً للسكن. بدورهم يطلق مقاتلو المعارضة صواريخ غير دقيقة التصويب على الجزء الغربي من المدينة يذهب ضحيتها مدنيون في الغالب. ويحتشد السوريون الهاربون من المعارك منذ أيام بالقرب من بوابة باب السلامة في الجانب السوري من الحدود قبل معبر اونجو بينار التركي الذي لا يزال مغلقاً. ويقول مسؤولون أتراك إن المعبر مفتوح "للحالات الطارئة" بما في ذلك نقل المصابين. ويمكن مشاهدة سيارات الإسعاف وشاحنات المساعدات تعبر خلال اليوم. ونقل محمود تركي في سيارة إسعاف ولحقت به زوجته وأبناؤه الأربعة بعد 3 أيام. وفي غرفته في المستشفى، حيث كانت ابنته رغد نائمة، وموسى ابن الأربع سنوات مع أمه ورأسه ملفوف بضمادة، قال تركي إن ولديه أُصيبا بتشققات في الرأس ويحتاجان لعملية جراحية. نظر الأب الى موسى وسأله: "من ضربنا؟"، فأجاب الطفل: "غارات بشار". وصب الأب غضبه على المجتمع الدولي لعدم تحركه، وعلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الغارات. وقال: "ليس هناك مجتمع دولي، ولا أمم متحدة، ولا جنيف. المنظمات غير الحكومية كذبة ومجلس الأمن كذلك كذبة". ورداً على قول روسيا إنها تستهدف تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية قال محمود تركي، وهو يشير الى ولديه ساخراً: "هذان عضوان في داعش ضربتهما غارات بوتين. إنهما من داعش يا بوتين، يا مجرم، يا قاتل الأطفال".