تتواصل حتى نهاية يوم غد (الاثنين) المفاوضات بين إيران ومجموعة «5+1» دون تسجيل أي تقدم ملحوظ قبل انتهاء المهلة المحددة بنهاية يوم الاثنين. منذ 12 عاما والبرنامج النووي الإيراني يشكل معضلة دائمة لدول مجلس الأمن دائمة العضوية، وما زالت المفاوضات التي انطلقت منذ عام من الآن تتسم بالرغبة الجامحة في نقل الملف النووي من مرحلة التفاوض إلى مرحلة الاتفاق ثم التنفيذ.. ولكن، الحقيقة أنه لا توجد عوامل تسوية أو تقارب مقنعة لكل الأطراف حتى الآن. المشكلة لدى إيران بالغة التعقيد وكذا لدى الولاياتالمتحدة نفسها.. يمكن اعتبار الجدية التي تغلب على المفاوضات هي لأهداف شخصية تتعلق بالرئيسين الأميركي والإيراني على حد سواء.. فالأول يسعى قبل نهاية فترته الرئاسية الثانية لصنع مجد تاريخي يسجل باسمه في الشرق الأوسط بعد أن قاد سياسة يعتبرها الكثيرون غير ممنهجة وأدخلت الشرق الأوسط في دوامة مشكلات، لم تكسب منها الولاياتالمتحدة مثلما خسرت.. فيما يمكن اعتبار الثاني رئيسا «إصلاحيا» يسعى لتجنيب إيران خطر الدخول في صراعات إقليمية – ربما وصلت إلى «عسكرية» – بسبب السياسة المتشددة التي انتهجتها حكومة أحمدي نجاد.. الواضح ومع اقتراب المهلة المحددة بيوم الغد، أن كل الإشارات تقول إنه لن يتم التوصل إلى اتفاق ولو «جزئي» حول الملف، ولكن الحديث عن مرحلة ما بعد نهاية المهلة وكيف يمكن تخمين مسار الملف فيها.. التمديد أم غيره؟! ويمكن سرد كثير من الأسباب الواقعية لعدم الثقة بإمكانية التوصل لاتفاق قبل المهلة، وتصنف هذه الأسباب على أنها متباينة ولا تجمعها نقاط التقاء.. فالغرب يريد من إيران تغيير موقفها بخصوص تخصيب اليورانيوم، وهو نشاط يمكن أن تكون له استخدامات مدنية وعسكرية في المستقبل، كما يمكن أن يساهم في صنع قنبلة نووية في وقت قياسي، ولكن إيران ترفض في المقابل التزحزح عن هذا الخيار، ويمكن الاستنتاج من مجادلة إيران في هذا الخصوص أن لها نيات ربما «غير حسنة» وراء تخصيب اليورانيوم، ويجب أن تواجَه بجدية أثناء المفاوضات.. كما تواجه إيران هذه المطالبات الغربية باشتراطها الرفع الفوري والتام لجميع العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها، وليس بالتدريج كما يريد الغرب.. ولكن الغرب ينظرون إلى هذه المسألة على أنه يمكن الاتفاق عليها في مرحلة مقبلة بعد بدء المشروع النووي ومراقبة جديته وتنفيذه بنود الاتفاق، وهذا ما يجعل إيران حتى الآن غير واثقة بذلك على الرغم من مشاركة حلفائها الاستراتيجيين (روسيا والصين) في المفاوضات ومشاركتهم في فرض العقوبات الاقتصادية على إيران. وعلى الرغم من أن دول الدول الخليج وتركيا وحتى إسرائيل تساهم في الدفع إلى التوصل لاتفاق يمكن أن يمنحها الاستقرار من شبح هذا الملف الذي يؤثر تأثيرا عكسيا كبيرا في كل ما يجري على الأرض في سوريا والعراق ولبنان واليمن مع اختلاف الأهداف بطبيعة الحال بين تلك الدول. إلا أن مشكلة صعود الجمهوريين باكتساح في انتخابات الكونغرس يمكن أن تبطئ من المسار الودي الذي تسلكه المفاوضات أحيانا، حيث يعتبر «الحزب الجمهوري» متعصبا لفكرة فرض العقوبات وتشديدها على إيران منذ عهد الرئيس السابق وقد يشكل صعودهم ضغطا كبيرا على الإدارة الحالية، مما قد يسلك بالمفاوضات إلى مسار عدائي يمكن أن تتخذه إيران ذريعة لتعليق اللوم على الولاياتالمتحدة في حال فشل المفاوضات قبل يوم الغد، مستجدية بذلك الحليفين الاستراتيجيين (روسيا والصين)، ومظهرةً حسن نيتها في سبيل تحقيق «قليل» من مرادها برفع العقوبات ولو بالتدريج، أو جزئيا حتى من دون التوصل لاتفاق حول الملف النووي. فيما قد يجبر هذا الواقع المر الإدارة الأميركية على إقناع شركائها الخمسة بمشروع إطار لتمديد المفاوضات إلى وقت قادم، في محاولة جديدة لإيجاد مخرج حقيقي من هذه الأزمة التي أصبحت تنظر إليها الإدارة الحالية بأنها مسألة حياة أو موت.. كل الطرق تؤدي إلى التمديد، وأفضل مخرج حاليًا ربما الاتفاق على مشروع إطار بين جمع الأطراف، لأن الجميع لا يريد خسارة فرصة «المفاوضات» العظيمة في ظل وجود الإدارة الأميركية الحالية وقبل تمكن الجمهوريين من القرار في البيت الأبيض وأيضا استغلال عدم إظهار إيران وجهها الحقيقي، وربما عكس فشل المفاوضات على نواح عدة، منها الأوضاع في إقليمها الشرق أوسطي. رابط الخبر بصحيفة الوئام: ليلة الحقيقة في نووي إيران