في أذهان الكثير من الناس بالمملكة وخصوصاً الشباب منهم، يرتبط تعاطي حبوب "الكبتاجون" المخدرة بسائقي المركبات الكبيرة "الشاحنات" الذين يقطعون مسافات طويلة عبر طرق بعيدة ترهق أجسادهم وتصيبهم بالتعب، وبمجرد توجيه سؤال لأي شاب حالياً مفاده "من هم أكثر من يتعاطى الكبتاجون؟" سيكون الجواب بلا تردد "سائقو الشاحنات"، حيث يلجؤون إلى استخدام وتعاطي تلك الحبوب "الممنوعة" والتي تعرف باسم ال"أمفيتامين" لادعائهم بأنها تزيد من نشاطهم وتساعدهم على التخلص من "النعاس" أو النوم أو الإرهاق أثناء سيرهم في مسافات بعيدة وطرق طويلة، متجاهلين خطرها الكبير الذي يحتم على المتعاطي - الذي يرغب بالتخلص مما لحق به من آثار صحية - الخضوع إلى برنامج علاجي لإزالة السموم من جسده، فضلاً عما قد ينتج عن ذلك الإدمان - في حالة عدم الخضوع للعلاج - من تأثير على صحة ونفسية وسلوكيات المتعاطي الذي ستبدو عليه عدة عوامل وأعراض، منها صداع وتوتر وآلام بالجسم وكثرة الحركة والكلام، وأعراض ذهنية تشكل خطراً إذا استمرت لفترة معينة، فقد تتطور معها الحالة لتصل بالمريض إلى مرحلة "الفصام العقلي". اعتراف بالتعاطي في إحدى محطات الوقود الواقعة على طريق "الدمام - الجبيل" السريع، التقت "الوطن" بشخص يدعى "م. ر." يعمل سائق مركبة كبيرة "شاحنة" بإحدى الشركات، ويقطع في عمله اليومي مسافات طويلة، اعترف بتعاطيه "الكبتاجون"، وقال "أتعاطى حبوب الكبتاجون منذ فترة طويلة، لتساعدني على السهر ومحاربة النوم والتخلص من النعاس، وذلك لأتمكن من قطع المسافة الطويلة المطلوبة مني وأنا أقود شاحنتي دون شعور بالنعاس، وقد عرف الكبتاجون عندنا بصديق سائقي الشاحنات"، وتابع قائلاً "إن مروجي الكبتاجون موجودون على الكثير من الطرقات السريعة، كما يوجد لديهم على كل طريق استراحات "معينة" يقفون فيها لبيع تلك الحبوب، ونحن نقوم بشراء الكميات التي تناسبنا منهم". فحص الدم والحالات وأكد مدير مجمع الأمل للصحة النفسية بمدينة الدمام الدكتور محمد الزهراني في حديثه إلى "الوطن" أن مراكز الشرطة تحول إليها حالات معينة لبعض الأشخاص لغرض إجراء الكشف الطبي عليها وتحليلها لإثبات وجود مادة مخدرة بالدم من عدمه، أشار إلى عدم إفصاحهم عن أسماء وقضايا الأشخاص المحولين من الشرطة إلى المجمع، موضحاً أنهم يكتفون بتسجيل تلك الحالات كأصحاب "جنايات"، مؤكداً عدم وجود إحصائية خاصة بمن هم يقودون الشاحنات ويتعاطون الكبتاجون ضمن الحالات الواردة إليهم، قائلاً "أثناء إجراء فحص الحالات في المركز نقوم بتحويل الكثير من المتعاطين وأصحاب تلك القضايا الجنائية إلى مراكز الشرطة، وقد يكون من ضمنهم عدد من سائقي الشاحنات". وأكد الدكتور الزهراني أن آخر الإحصائيات تشير إلى أنه "في عام 1431 بلغ عدد المرضى من متعاطي الكبتاجون نحو 319 شخصاً، وقد تخطى هذا العدد حاجز ال 22% من إجمالي حالات التعاطي لجميع أنواع المخدرات في ذلك العام." لماذا الكبتاجون؟ وحول اختيار سائقي الشاحنات الكبتاجون دون غيره من أنواع المخدرات، أكد الدكتور الزهراني أن أسباب اختيار تلك المادة المخدرة تختلف من شخص لآخر، وقال"إن السبب الرئيسي في اعتقادي هو ما يصاحب متعاطي الكبتاجون من نشاط وحركة، وكذلك قد يستخدمه البعض لكسر الشعور بالخوف، خصوصاً وأن الكثير من أولئك الأشخاص يكون للبيئة المحيطة به تأثير عليه وجذب له، عندما يرى غيره يستخدم تلك المادة فإنه يتأثر وينجذب إلى ذلك السلوك والتصرف حتى وإن كان خاطئاً." التخلص من "السموم" ويتطلب لتخليص جسد الإنسان المتعاطي وتنقية دمه من سموم تلك المادة المخدرة الكبتاجون - بحسب الدكتور الزهراني - أن يخضع المتعاطي إلى برنامج علاجي لا يقل عن شهر من الزمن، يمر بمراحل معينة، تبدأ بإزالة السموم، ويصاحب ذلك عدة عوامل، منها ما هو جسمي مثل الصداع والآلام والتوتر، ومنها ما هو سلوكي مثل كثرة الحركة والكلام، أما مرحلة العلاج التي تلي ذلك فيتم فيها تقييم المريض من الناحية النفسية والسلوكية لمعرفة مدى حاجته للتدخل الطبي ومدى التغير في سلوك المريض خلال تلك الفترة، وغالباً ما تظهر لدى المريض أعراض ذهنية تشكل خطرا إذا استمرت لفترة معينة، إذ إن حالة الشخص المتعاطي قد تتطور وتصل به إلى مرحلة "الفصام العقلي" وهذا هو التهديد الذي يخشى منه على مرضى إدمان الكبتاجون أو ما يعرف باسم ال"أمفيتامين". تأثيرات مصاحبة وتشير معلومات حصلت "الوطن" عليها وفقاً لنتائج بعض الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع وصاحبتها آراء متخصصة إلى وجود عدد من العوامل الدالة والمساعدة على معرفة حالة متعاطي الكبتاجون في أغلب الأحيان، ومنها ظهور تآكل في الأسنان، وكذلك طغيان الانفعال الحاد على الشخص المتعاطي، مصحوباً بارتعاش في اليدين، فضلاً عن القلق الواضح في الحركة، إلى جانب تداخل المعلومات والمواعيد والتفاصيل في ذهن المتعاطي، بالإضافة إلى النوم المفاجئ والطويل نتيجة بقاء الشخص المدمن مستيقظاً لأكثر من 72 ساعة متواصلة في أحيان كثيرة ومتكررة. وتتضح أهم تأثيرات التعاطي على الشخص المدمن ل"الكبتاجون" من خلال عدم الإحساس بالنعاس لفترة طويلة، وهو ما يبحث عنه سائقو الشاحنات، بالإضافة إلى وجود بعض الأعراض منها جفاف الفم والغثيان وصعوبة التبول والأرق والصداع والثرثرة وتوسُّع حدقة العين وارتفاع ضغط الدم والهلوسة والتشنج. مكافحة الترويج وفي تأكيده على أهمية خضوع سائقي المركبات الكبيرة لفحص أجسادهم وتحليل دمائهم لكشف تعاطيهم للمواد المخدرة، قال مدير عام مكافحة المخدرات بالمنطقة الشرقية العميد عبدالله الجميل، ل"الوطن" إن تعاطي سائقي الشاحنات للكبتاجون غالباً ما يتسبب بوقوع الكثير من حوادث الطرق التي تحصد أرواح المواطنين، ونحن بدورنا نشجع على أن يخضعوا لفحص على الطرق و"يحللوا" بين فترة وأخرى لكشف تعاطيهم لتلك السموم. وحول ما تقوم به إدارة المكافحة لرصد تعاطي سائقي الشاحنات، قال العميد الجميل "إننا ننفذ حملات تفتيشية مفاجئة وبصفة دورية على الطرق من خلال فرق ميدانية متخصصة، ولا نؤيد تخصيص موقع محدد للتفتيش والتحليل على طرق السفر في الوقت الحالي لكي لا يكون معلوماً لدى السائق المتعاطي الذي سيحسب حسابه لتجاوز ذلك التفتيش، وإنما نقوم بذلك فجأة وبصفة دورية للوصول إلى أكبر عدد من المتعاطين من أولئك السائقين".