اعتبر رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس نقل قيادة العمليات العسكرية الدولية في ليبيا إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" سيؤدي إلى "استبعاد" فرنسا، واصفاً ذلك بأنه أمر إيجابي. وكان الناتو توصل بعد ماراثون من المباحثات بين قادته إلى اتفاق بأن يتولى مهمتين من المهام الذي أجازها قرار مجلس الأمن رقم 1973 ، وهما فرض منطقة حظر طيران وحظر على الأسلحة في البحر المتوسط. وسوف يعقد وزراء خارجية التحالف الدولي اجتماعاً في لندن الثلاثاء المقبل لتكليف الناتو بالمسؤولية الكاملة للعمليات العسكرية في ليبيا، بما فيها شن هجمات على القوات البرية للرئيس الليبي، وهو ما تنفذه حالياً قوات التحالف بقيادة الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا. وكان التدخل العسكري للتحالف في ليبيا أثار توتراً في العلاقات الفرنسية التركية وانقساماً بين أعضاء الحلف حول من يتولى العمليات العسكرية، خاصة أن أردوغان انتقد أول من أمس "الأصدقاء الغربيين" الذين يقومون ب "حملة صليبية" في ليبيا. وأعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أمس أن اجتماع لندن سيؤكد ذلك. ولكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شدد أمس على ضرورة أن يكون هناك تنسيق سياسي بين المشاركين في العمليات العسكرية؛ حتى وإن رست تلك العمليات على آليات الحلف الأطلسي. وأشار إلى أن بعض الدول مثل الإمارات وقطر تشاركان في العملية لكنهما "ليسا عضوين في الحلف وبالتالي يجب أن يشاركا في التنسيق السياسي للائتلاف". ومن المقرر إدارة العملية من قاعدة جوية للناتو في مدينة أزمير التركية وستكون القيادة العامة في نابولي التي تشرف بالفعل على عمليات فرض الحظر البحري. في غضون ذلك، قالت متحدثة عسكرية أمريكية أمس إن قوات التحالف أطلقت 16 صاروخاً موجهاً من طراز توماهوك، ونفذت 153 طلعة جوية خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، مستهدفة المدفعية والمعدات الميكانيكية والبنية التحتية للقيادة والسيطرة التابعة للعقيد معمر القذافي. كما أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أن طائرات مقاتلة من طراز تورنيدو تابعة لسلاح الجو البريطاني أطلقت ليل الخميس والجمعة صواريخ على آليات مدرعة ليبية كانت "تهدد" مدنيين في مدينة أجدابيا. وقالت مصادر عسكرية فرنسية إن العملية العسكرية في ليبيا من الممكن أن تستمر أسابيع أخرى، وقد تمتد إلى أشهر، حسبما أعلن رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية الأميرال إدوارد جيو أمس. كما توقع حلف الأطلسي استمرار مهمة الحظر الجوي على ليبيا 90 يوماً. وميدانياً، استهدفت عمليات قصف جوية أمس مواقع القوات الموالية للقذافي في مدينة أجدابيا شرق ليبيا، فيما يؤكد المتمردون أنهم يستفيدون من عمليات القصف لشن هجمات. وسمع هدير طائرات في السماء فيما ازدادت الانفجارات، وارتفعت سحب دخان كثيفة في القطاع. وقال العقيد محمد الساير الذي انشق وانضم إلى التمرد، "دخلنا المدينة وعما قريب ستسقط البوابات الشرقيةوالغربية لها، إننا نقوم بزعزعتها". وأضاف "إننا نهاجم البوابة الشرقية. وهنا لديهم 15 دبابة وخمسين رجلاً. وليس أمامهم من خيار آخر غير الاستسلام". وتفيد شهادات متطابقة من شرق أجدابيا، أن المتمردين يقومون بمزيد من عمليات التوغل لاستعادة السيطرة على المدينة. وكانت قوات القذافي تمكنت الأسبوع الماضي من السيطرة على أجدابيا، وتنوي التوجه إلى بنغازي قبل أن يجبرها التحالف على أن تعود أدراجها. وفي طرابلس، فتحت المضادات الأرضية الليبية نيرانها مساء أول من أمس فوق العاصمة وضاحيتها، وفي سرت مسقط رأس القذافي، وسمع انفجار واحد على الأقل في وسط طرابلس. ثم سمع دوي انفجارين في تاجوراء الضاحية الكبرى لطرابلس والتي تبعد عنها 30 كلم، حيث تصاعد عامود من الدخان من موقع لم يتم تحديده. وقال مسؤولون ليبيون وعاملون في مستشفيات إن قرابة 100 مدني بينهم نساء قتلوا في الغارات على طرابلس، منذ انطلاقها قبل 5 أيام، وهو ما نفاه التحالف. وعرضت السلطات الليبية على صحفيين أجانب في المستشفى المركزي بطرابلس 15 جثة سقطت في الغارات، بينهم جثة موضوعة في كيس أبيض كتب عليه 18 مارس أي قبل بدء العملية العسكرية الغربية الرامية إلى تدمير الدفاعات الجوية الليبية. من جهة أخرى، وتفادياً لإطالة التدخل في ليبيا يتحدث محللون عن عدة خيارات حول الطريقة الفضلى لاختصار العمليات العسكرية، منها تسليح حركة التمرد وتنفيذ عمليات سرية والدعوة إلى التمرد وحياكة مؤامرات. وأوضح خبير في القضايا العسكرية "إذا أردنا إنهاء حرب يجب الاستعداد لاغتنام كل الخيارات". لكن معظم هذه الخيارات تتسم بعيب كبير وهو أنها تخرج عن نطاق القرار 1973 الذي لا يمنح قوات التحالف أي تفويض للإطاحة بالقذافي. وفي السياق، قال وفد القذافي لمحادثات الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا أمس إن طرابلس مستعدة لتطبيق خارطة طريق الاتحاد الأفريقي لحل الأزمة الليبية. وجاء في بيان الوفد "نحن على استعداد لتطبيق خارطة الطريق التي رسمتها اللجنة العالية المستوى في مجلس السلام والأمن في الاتحاد الأفريقي".