مايزال يحذر خبراء ومحللون للوضع العام في أوروبا، من تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وانعكاساته على الشأن الإقليمي والدولي، وذلك في وقت تستعد فيه لندن لحلحلة بعض الأمور العالقة في مفاوضات الخروج. وبحسب القانون الأوروبي، يتعين على بريطانيا في حال أرادت الخروج من الاتحاد بشكل كامل، الانسحاب من جميع الاتفاقيات التجارية والمالية وأنظمة الاتحاد وأحكامه القانونية، إلا أن حكومة رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ترغب في وجود فترة انتقالية قبل الخروج، من أجل أن تحفظ لها حقوقها التجارية لعضوية الاتحاد، مع بقاء مساهمتها في الميزانية المشتركة، والتقيد بأنظمة الاتحاد الأوروبي وأحكامه القانونية والسماح بحرية حركة الأفراد. وفيما ستستغرق مفاوضات الخروج النهائي من الاتحاد نحو عامين، إلا أن بريطانيا ستبقى حتى عام 2021 كدولة عضو بالاتحاد الأوروبي لكن بدون أية حقوق بالتصويت، في وقت تسعى حكومة ماي إلى التفاوض مع الأوروبيين بهدف إنشاء معاهدة جديدة مع الاتحاد رغم وجود آمال ضعيفة بتجاوب أوروبا معها. سيناريوهات معقدة بحسب مراقبين، بدأت بريطانيا تشعر بالتكلفة السياسية والاقتصادية لخروجها من هذا الاتحاد، حيث بدأت العديد من الشركات العالمية بنقل بعض أنشطتها من الداخل البريطاني إلى مناطق بديلة أخرى، وذلك في ضوء وجود تقارير تتحدث عن أن فرنسا بدأت تسحب البساط من تحت بريطانيا، وتستقطب الشركات الدولية إليها بمزايا كبيرة وتكاليف أرخص. وكانت الهيئة المصرفية الأوروبية ووكالة الأدوية الأوروبية، قد قامتا بالفعل بالانتقال من لندن، مما يعني أن الوظائف القانونية والإدارية وتلك المتعلقة بالحث والضغط والمرتبطة بنشاطات عالية التنظيم مثل الأمور المالية والأبحاث المتعلقة بالأدوية ستحتاج للانتقال كذلك، وبالتالي فإن الفترة الانتقالية ستؤثر سلبا على الشركات العالمية المتمركزة في بريطانيا، وقد تواجه ارتباكا أيضا في عملها بعد أن كانت تتعامل بشكل بيروقراطي داخل بريطانيا. الرأي الشعبي تشير تقارير إلى أن مثل هذه السيناريوهات المعقدة، يمكن أن تثير السخط الشعبي العام داخل بريطانيا، وقد يتحول التأييد الشعبي لمسألة الخروج إلى رفض كبير، خاصة في حال أثرت هذه الخطوة على النمو الاقتصادي وتراجع فرص العمل. وبعد هذه الخطوات، يمكن أن تتراجع بريطانيا وتقرر الانضمام مرة أخرى إلى الاتحاد، وهو ما يعني غياب الامتيازات التي كانت تتمتع بها من قبل، وقد يتم فرض شروط تعجيزية عليها.