نبيل زارع تعمل كثير من المنشآت الكبرى -منذ سنوات- على عمل إصدار خاص في شكل مطبوعة شهرية، بحيث يتم خلالها بث الأخبار الخاصة بها، وتعريف منسوبيها بكل المستجدات في مختلف القطاعات، إضافة إلى المساحة المتاحة للرأي خلال كتابة المقالات، سواء في الشأن العام أو الشأن الخاص للمنشأة نفسها، في الوقت الذي أحيانا تعمد بعض الجهات إلى استقطاب بعض المعلنين، ليس فقط للدعم المادي لأنها مطبوعة غير ربحية، ولكن كنوع من التسويق لمنتج معين مقابل بعض الامتيازات لمنسوبي الجهاز. وفي المقابل، تخطئ أحيانا بعض الجهات في الخلط بين ما هو المفروض أن ينشر داخليا وبين ما يستوجب النشر الخارجي، إذ لا بد أن يعرف القائمون على المطبوعة أن هناك مواضيع لا تهم الجمهور العام، هي فقط للجمهور الداخلي الذي يستفيد من نوعية الخدمة، وعلى عكس ما يكون مخصصا للنشر الخارجي، فهذا من المفروض أن ينشر في المطبوعة الداخلية كمعلومة، ومعرفة بأن المنشأة تحرص على خدمة العملاء والجمهور، وتسعى إلى تقديم أفضل الخدمات لهم. ونجحت كثير من المطبوعات في فترة زمنية سابقة في حرص الجمهور الداخلي على اقتنائها والحرص على قراءتها، وأيضا تزويدها بكل الأخبار والمعلومات التي تبرز النشاطات لكل قطاع، علاوة على الأخبار الاجتماعية لمنسوبي الجهاز، سواء الترقيات أو المواليد أو العزاء، وهذا أحد عناصر الجذب والاستقطاب لضمان نجاح المطبوعة، لأن الإصدار نفسه يعد منبرا إعلاميا مهما للمنشأة، ولن ينجح إلا بالأصداء الإيجابية من الجمهور الداخلي. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل أصبحت هناك جدوى من استمرارية هذه المطبوعات شهريا مع التقدم التقني للإعلام الجديد والإمكانات الكبرى للوسائل الحديثة الإلكترونية، وسرعة بث المعلومة للجمهور الداخلي؟، وهل الجمهور الداخلي سينتظر الأخبار الخاصة بمنشأته شهريا حتى يكون على اطلاع بالمستجدات، خاصة إذا كانت متاحة بين يديه وسائلُ الاتصال الحديثة التي تبث له الحدث بشكل مباشر وكيفما أراد؟، إضافة إلى تحكمه في وقت البث سواء بصورة عاجلة أو تأجيل لساعات أو أيام معدودة؟. ولذلك، أجد نفسي دوما أضع الاقتراح بأن تقوم المنشأة بتطوير خطابها الإعلامي الداخلي، خاصة أنها واكبت التطوير للخطاب الإعلامي الخارجي، وحيث بالإمكان أن تقوم بتحويل إصدارها إلكترونيا كل أسبوعين كنشرة شاملة ومواكبة للمستجدات، ستضمن خلالها القراءة والتعليق والمتابعة والإشادة أو الانتقاد، وأن تتم تنفيذ آلية أرشيفية متقدمة يستعان فيها بخبراء مراكز المعلومات في المؤسسات الصحفية أو الجهات الأخرى، بحيث يستفاد من المعلومات القيمة فيها والعودة إليها، إضافة إلى جانب مهم جدا وهو التوثيق، وهذا جانب يغفل عنه كثيرون، وأتصور أن الإصدار الورقي الآن يعدّ جهدا لا قيمة له، وهو نوع من الهدر للوقت والمال، وغير مواكب، وربما غير مقروء، خاصة مع التقنيات الحديثة التي أشرت إليها، ولن يكون هناك أصلا اهتمام ليس فقط بالقراءة بل حتى بتزويدها بأي مادة، لأنها تعدّ إنتاجا إعلاميا تقليديا قديما ومتأخرا في الإصدار. وإذا كان هناك لا بد من إصدار ورقي شهري، فمن الممكن أن تكون مجلة علمية متخصصة في شأن معين، بحيث يعود إليها الباحثون والمتخصصون في المجال نفسه، أما أن نتوقع بأن الجمهور الداخلي سينتظر مطبوعة تحمل خبرا وتقريرا ومقالا وتحقيقا وتغطية، فهذا وَهْم لأنها في الحقيقة هي عبارة عن ألبوم صور.