ما إن انتهى المخلوع، علي عبدالله صالح، من كلمته التي ألقاها أمام أتباعه في ميدان السبعين، أمس، حتى اندلعت مشاجرة عنيفة، استخدمت فيها العصي والهراوات، بين قيادات في حزب المؤتمر الشعبي العام، وعدد من المشاركين في المظاهرة، الذين طالبوا باستلام المبالغ المالية المتفق عليها نظير جلب المتظاهرين للميدان. "الوطن" كانت وسط الأحداث وشهدت عليها، حيث استفسرت بعض المشاركين في المظاهرة، الذين أفادوا بأن قيادات وسطى في حزب المخلوع اتفقت معهم على مبالغ مالية معينة نظير المشاركة في حشد المتظاهرين، وبعد وصولهم إلى الميدان طلبوا الحصول على المبلغ، إلا أن القائمين على التظاهرة رفضوا تسليمهم إياها وأصروا على دفعها بعد انتهاء كلمة المخلوع، لضمان عدم مغادرة المتظاهرين فور استلام المبلغ، وبعد انتهاء المظاهرة عادت قيادات المؤتمر الشعبي للرفض وتذرعت بعدم استلام الأموال من قيادة الحزب ووعدت بدفع نصف المبلغ المتفق عليه، وتسديد المتبقي خلال الأيام الماضية، مما تسبب في وقوع المشاجرة. ألفا ريال للمتظاهر ومضى المتظاهرون بالقول إنهم اتفقوا مع قيادات الحزب على تسليمهم مبلغ ألفي ريال يمني عن كل متظاهر، وإنهم قاموا بما عليهم، وحشدوا آلاف المتظاهرين. مشيرين إلى أنهم تكبدوا مبالغ مالية نظير القيام بتنفيذ الاتفاق، منها استئجار حافلات لنقل المتظاهرين. إلا أن قيادات الحزب حاولت التملص منهم، واختفى بعضهم بالفعل، فيما جرت المشاجرة مع من استطاع المتظاهرون الإمساك بهم. وسعت "الوطن" إلى استنطاق بعض قادة حزب المؤتمر، إلا أنهم رفضوا التجاوب مع المحرر واعتدى بعضهم عليه بالضرب وحاولوا التحرش به.
مقاطعة شعبية يذكر أن أنصار المخلوع كانوا قد بذلوا جهودا كبيرة لأجل حشد أكبر عدد من المتظاهرين، ورغم دفع رشاوى لشخصيات مجتمعية نافذة إلا أن غالبية سكان صنعاء رفضوا المشاركة في التظاهرة، ولم يحضر للميدان سوى بضعة آلاف، إلا أن عناصر المخلوع أصدروا توجيهات للمتظاهرين بعدم التجمع في مناطق محددة والانتشار في الميدان وإحداث فراغات كبيرة وسط المتظاهرين للإيحاء بأن الميدان مكتظ بمئات الآلاف. وسعى المخلوع إلى إظهار أنه ما زال يحظى بقبول كبير وسط اليمنيين، وأن سكان العاصمة يؤيدونه، لذلك بذل أتباعه جهودا كبيرة وأنفقوا كثيرا من الأموال، إلا أن كل ذلك لم يجد وقاطع غالبية سكان العاصمة المظاهرة، ورفضوا المشاركة فيها، بعد أن حملوا المخلوع وقيادات حزبه مسؤولية الأحوال المتدهورة التي وصلت إليها العاصمة، بسبب تواطئه مع ميليشيات الحوثيين الانقلابية. اتهام صالح بالتورط في تفجيرات عدن بعد ساعات من وقوع ثلاثة تفجيرات استهدفت مواقع للمقاومة في عدن أمس، عثر أفراد الأمن في منطقة المنصورة على ثلاث سيارات ملغمة كانت معدّة للتفجير عن بعد، وعملوا على تفكيكها، فيما اتهم محافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي - في بيان - جماعات مرتبطة بالمخلوع صالح والمتحالفين معه بالوقوف وراء هذه الأعمال التي رأى أنها تستهدف تقويض النجاحات التي تحققت بالتعاون مع قوات التحالف العربي، وجهود تطبيع الحياة وعودة الأمن والاستقرار. وتوعد الزبيدي منفذي التفجيرات "الانتحارية" ومن يقف خلفها بالعقاب، لافتا إلى تزامنها مع الاستعدادات للاحتفال بالذكرى الأولى لانطلاق عاصفة الحزم بقيادة المملكة. خلافات الانقلابيين تصل حد المواجهة تلوح في الأفق بوادر أزمة جديدة بين طرفي الانقلاب، ميليشيات الحوثيين المتمردة وفلول المخلوع، علي عبدالله صالح، بسبب الموقف من المشاركة في مفاوضات الحل السياسي التي يتوقع انطلاقها بالكويت، في العاشر من الشهر المقبل، حسبما أعلن مندوب الأممالمتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وبينما أعلن ولد الشيخ – رسميا – قبول الحوثيين تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، تشير أنباء قوية إلى أن المخلوع صالح يرفض هذا الخيار، ودعا إلى مواصلة القتال، وهو ما أعلنه في خطاب تلفزيوني قبل عدة أيام. وتشير مصادر ميدانية إلى أن المخلوع يشعر بأن اتفاق الحكومة الشرعية والحوثيين يعني ببساطة سحب البساط من تحت أقدامه، لذلك يحاول التشبث وتأكيد بقائه على المسرح السياسي، حيث يرى أنه يمثل القوة السياسية الرئيسية في اليمن، وأن الحوار ينبغي أن يكون معه شخصيا. وقال المحلل السياسي، سالم اليزيدي إن المخلوع بدأ يشعر بالخوف منذ قبول الحوثيين إقرار هدنة على الحدود بين المملكة واليمن، توصلت إليها وساطة قبلية، وأضاف "المخلوع لم يستوعب حتى الآن حقيقة أن الزمن تجاوزه، وأن دوره قد انتهى. واختتم اليزيدي بالقول إن خطابات طرفي الانقلاب التي تستخدم مصطلحات الصمود والتحدي، هي مجرد خطابات عنترية، مؤكدا جدية المخلوع في مواصلة القتال، لأنه لا يريد السلام الذي يخرجه من دائرة التأثير والنفوذ، أما الحوثيون فقد كانوا أكثر واقعية، وبدؤوا يبحثون عن سبيل يمكنهم من الحفاظ على تماسك ما تبقى من شعبيتهم المتآكلة وانهياراتهم العسكرية الميدانية".