تتعدد وتتنوع معاناة معلمات القرى والهجر التي تبدأ فور تعيين المعلمة أو نقلها لهجرة بعيدة عن المدن، فالمعلمة الأم تختلف عن المعلمة العزبة أو حديثة الزواج، ومعاناة المعلمة المستقرة في الهجرة تختلف عن المعلمة التي تتنقل بشكل يومي. وتقول المعلمة "سلوى صالح": "تبعد مدرستي عن منزلي نحو 250 كلم وأصبحت لدي اهتمامات ومعاناة مع الطرق، فبعد تعييني كمعلمة أصبحت أتابع عمل وزارة لم أكن أظن أنني سأهتم بها يوما ما وهي وزارة النقل، لأن نوعية الطريق الذي أقطعه يوميا رديئة نوعا، وتعد سببا في كثير من الحوادث، فأصبحت أتابع ما يطرح عن مشاريع وزارة النقل وأطالب بتحسين الطريق، وأصبحت أعرف مصطلحات جديدة مثل طريق مزدوج وطريق زراعي وطريق مشبك وهذا المسميات لم أكن أعرفها قبل التحاقي بسلك التعليم". فيما توضح المعلمة "خديجة علي" معاناتها قائلة: "لا يعلم معاناة المعلمة الأسرية إلا من جربت العمل في القرى والهجر، فأنا مستقرة في هجرة تبعد عن بيتي 350 كلم وأتابع جميع أعمال منزلي بالهاتف مع العاملة التي أصبحت أهم عنصر في المنزل بسبب بعدي عنه، وباتت تعرف مدى حاجتي لها وتستغل ذلك بطلبات خاصة لها مثل طلب هاتف وزيادة في الراتب وأنا مجبرة على الموافقة على كل ما تطلبه". وتشير المعلمة "عبير فواز" إلى معاناة أمهات معلمات الهجر بقولها: "الأم مهما كبر أبناؤها تعدهم صغارا فكيف إذا كانت ابنة مغتربة تقطع المسافات الطويلة يوميا وأمي تتواصل معي بالهاتف بشكل مستمر منذ انطلاقي للمدرسة حتى وصولي وتتحمل عبء منزلي وأطفالي رغم كبر سنها". وتضيف المعلمة "نوف فريد" أنها وزميلاتها أصبحن خبيرات طقس بامتياز وكل معلمة تتقن عملية تحليل الطقس والأجواء وكل معلمة تصدر تحذيرها عن الأجواء قبل انطلاقنا لمدارسنا عن طريق مجموعات الواتس أب التي نتفاعل فيها لعل هذه التحذيرات تحمي حياتنا خلال سفرنا لمدارسنا، فنحن نتنبأ بالظواهر الجوية المحتمل حدوثها والتي تمنع السفر مثل الضباب الكثيف أو الغبار المتواصل أو الأمطار الغزيرة، وهذا يساعدنا على البقاء في منازلنا وعدم الذهاب للمدارس، حيث يلغى اليوم الدراسي بسبب حالة الطقس. وتقول المعلمة "حنان البدري" لا يعلم أحد أن تعيين معلمة في قرية نائية له تأثير كبير على تنظيم النسل لدى الأسر التي تعمل على ذلك، فالكثير من المعلمات اللواتي يعملن في القرى والهجر يحاولن توقيت الحمل والولادة خلال الفصل الدراسي وذلك للحصول على الإجازات، وهذا بالطبع أدى لكثير من المشاكل للمعلمات أثناء فترات الحمل والتنقل اليومي في الطرق الطويلة وفشل الأسرة في تنظيم النسل الذي تسعى إليه. وتتفق غالبية معلمات القرى على أن إدارات مدارسهن تحملهم أعباء إضافية لكونهن يسكن في المدن، وتقول إحدى المعلمات: "غالبا ما نحضر تجهيزات المدرسة من المكتبات ومراكز التسوق التي لا تتوفر في القرى والهجر مثل الأحبار وأوراق التصوير، ويتعدى ذلك لإحضار الأدوية والكريمات ومستحضرات التجميل، فكل معلمة في هجرة نائية تصطحب معها قائمة طلبات بشكل مستمر لزميلاتها في الهجرة".