حينما تذكر مسجد زاوية "أبو عنبة" فأنت تختزل في الذاكرة أكثر من تسعة قرون (900 عام) من الإنشاء، ورغم اختلاف المرويات التاريخية عن مؤسسه إلا أن المسجد يعد أحد المعالم الرئيسية التي تشكل المساجد "التاريخية". الإعلامي كمال عبد القادر كان أحد الذين التقتهم "الوطن"، للحديث عن مسجد زاوية أبو عنبة، فالرجل لا يتحدث من موقف التاريخ فقط، بل كان أحد جيران الطفولة حينما كان يقطن في حارة الشام وبالقرب من المسجد، فيشير إلى أن كتاب "السلاح والعدة في تاريخ بندر جدة" للمؤرخ عبد القادر بن أحمد الشافعي أن المسجد يقع أمام رباط الخنجي، ويقترب عمره الزمني من 900 عام تقريباً. ومن ضمن المرويات التي يذكرها كمال عبدالقادر أن الأجداد تناقلوا روايات تذهب إلى أن الموقع كان "عريشة عنب"، كانت تسقى من البئر الموجود بالموقع، ولذلك اقترن الأمر باسمها. أما كيف تم تأسيس مكان المسجد، فتشير بعض المصادر التاريخية، أن رجلاً يدعى عثمان زكي عمر، بنى مكان العريشة مسجدا أطلق عليه زاوية أبو عنبة، وقال عبدالقادر:" إن هذا الرجل عرف عنه دوام المكوث في المسجد الذي لا يبعد عن منزله سوى أمتار قليلة". الملفت في هذا المسجد الشهير أنه لازال يحتفظ برونقه، ويقصده عدد كبير من سكان الحي القديم للصلاة فيه إلى يومنا هذا. وفي رمضان يكون الأمر مختلفاً قلباً وقالبا، حيث يقصده السكان القدامى الذين هاجروا في رحلة تمدنهم إلى أحياء بعيدة في شمال جدة، حيث لا زالوا يأتون مع أبنائهم لزيارة المكان في أيام الشهر الفضيل. من المصادر التي ارتكز عليها تقرير "الوطن" تعليقات الباحث في تاريخ جدة وليد شلبي، الذي أكد أن زاوية مسجد أبوعنبة شملت "كتاباً" لتعليم القرآن والفقه والحديث والقراءة، ويقول :" لقد ارتاد عدد من مشاهير جدة كالشيخ عبد الحميد آل عطية، الذي اشتهر وعائلته بتعليم الصغار القراءة والكتابة والقرآن الكريم". ويضيف أن هناك أقاويل تفيد بوجود مقبرة داخل "القاعة" لأحد الفقهاء الذين قاموا بالتدريس بالزاوية، وبها بئر له مياه جارية، يعد من أشهر الآبار التي لا يجف ماؤها ليومنا. وأكد الباحث شلبي أن موقع المسجد لم يحظى بالخدمة أو التسجيل ضمن تراث جدة الأثري، ويعود ذلك – وفقاً له- لتضارب روايات الباحثين والمهتمين بالأثار، مشيراً إلى أن الشيخ محمد علي مغربي وهو أكثر من خدم تاريخ جدة القديم، ذكر في كتابه أعلام الحجاز العديد من الأشخاص الذين أثرو مدينة جدة ومع هذا لم يتطرق لزاوية أبوعنبة ثم ألحق كتابه ببعض المعلومات البسيطة عنها. ويذكر العديد من عوائل المنطقة الشهيرة جاورت المسجد كبيت ذاكر والجار، وباخربية وبيت الأصفهان، بيت الناظر واللبان، وبيت الخونجي وبيت باعيسى التي منها ينحدر عمدة محلة الشام الحي والمظلوم ملاك باعيسى، وكذلك بيت البترجي، والهزازي والعشماوي وعبدالله شربتلي.