الشاب السعودي غير مسؤول عن أي شيء يدور على وجه الأرض سوى دروسه وحياته الخاصة. لا علاقة له بالأحداث السياسية التي تجري في العالم بغض النظر عن شكلها أو قيمتها الثقافية أو الدينية. الوعي السياسي عمل متروّ يقوم على تحليل الأحداث والتعرف على مجرياتها واتخاذ موقف منها وهذا الموقف يتوزع على درجات ليس بينها الانخراط في العمل السياسي (محاربا أو متحزبا). لا يخوض في السياسة سوى السياسيين والمحللين السياسيين والمثقفين. السياسة اهتمام ثقافي متعال. ليست موقفا دينيا. لا يمكن أن يبني المرء موقفا سياسيا من الصين لأن الصين تختلف معه دينيا أو مذهبيا. السياسة بين الدول وليست بين الأفراد وليست بين الطوائف الدينية . انتهى عصر الأحزاب الدولية. مات الحزب الاشتراكي الدولي ومات الحزب الشيوعي ومات حزب البعث ومات بإذن الله حزب الإخوان المسلمين. عندما تسرب الحوثيون إلى أرض المملكة ثار الشعب السعودي والحكومة السعودية معا وتصدوا لهم وأخرجوهم من كل شبر وقفوا عليه. بعد خروج الحوثيين من ارض المملكة انتهت علاقة المواطن السعودي بالحوثيين. أصبحت الحوثية مسألة يمنية خالصة. مسؤولية ما يجري في اليمن واحتمال انعكاسه على المملكة يعود تقديره إلى الخبراء في الحكومة السعودية. إذا اردنا أن نتحدث عما يجري في اليمن فنتحدث بوصفنا مثقفين مهتمين بالعلاقات الدولية فقط وليس لكوننا طرفا أو لنا سهم. أي قرار يتعلق بالتدخل في شوؤن اليمن متروك أمره للحكومة وليس لأي إنسان. لا علاقة للسعوديين بالطائفية في اليمن إذا كان ثمة طائفية هناك. مشاكل اليمن يحلها اليمنيون بأنفسهم. يختارون الطريقة والمذهب والأسلوب الذي يناسبهم ويحددون من يحكمهم. أي مطلب أو مساعدة أو نصيحة يحتاجها الشعب اليمني تطلبها الحكومة اليمنية من الحكومة السعودية. الحكومة السعودية تراقب ما يجري في اليمن وغيره من الدول وتعرف حدود حقها في التدخل. من قرأ التاريخ يعرف أن سياسة المملكة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وتفرض على الآخرين أن يحترموا استقلالها. لا يمكن أن يرضى أي شعب أن يتدخل عوام شعب آخر في تكييف حياته وتحديد مصيره. شهدنا تجربة سورية المريرة. كان السوريون يصرخون في طلب المساعدات المادية لا الرجال المقاتلين. ها هم الآن يعيشون العذاب الذي خافوا وحذروا منه. تحول وطنهم جحيما تجتمع فيه شياطين الأرض. التنادي السياسي المبطن بالدين هو الكارثة التي حولت الربيع العربي إلى جحيم على أصحابه وجعل سورية أسوأ بلد على الأرض. يجب فصل السياسة عن الخطب والمحاضرات المفتوحة أمام عامة الناس. الشوافع والزيود والسنة والجنوب والشمال وغيرها من الطيف اليمني الاجتماعي تعايشوا مئات السنين ويملكون الخبرة التي تؤهلهم لحل مشاكلهم دون حملات الخطب الرنانة والفتاوى المضللة المصدرة من الخارج. هؤلاء الذين يتباكون خوفا على اليمن أن يتحول إلى سورية هم الذين أوصلوا سورية إلى ما وصلت إليه. لو أن الله فك السوريين من خطبهم وتحريضهم لكان الشعب السوري حزم أمره وأنهى معاناته منذ السنة الأولى من اندلاع ثورته. يجب أن تنتهي ظاهرة (الدعاة) العابرين للحدود. الزنداني يجب أن يبقى يمانيا لا يتدخل في الشؤون السعودية والسورية وغيرهما من القضايا. قضيته يجب أن تنحصر في بلاده. القرضاوي يجب أن يبقى مصريا أو قطريا ولا يتجاوزهما. وعلى كل داعية سعودي أن يحتفظ بنصائحه لمواطنيه وأن تنحصر خطبه وتغريداته في شؤون بلاده الداخلية. يجب أن يصدر قانون في كل دولة عربية يمنع تدخل رجل الدين المحلي في شؤون أي دولة أخرى. نقلا عن الرياض