تنظيم جديد لتخصيص الطاقة للمستهلكين    المنتخب السعودي للغطس يحصد 15 ميدالية    «التعليم».. تكشف شروط نجاح الطلاب والطالبات بجميع المراحل    خادم الحرمين يأمر بترقية 26 قاضيًا بديوان المظالم    اطلع على مشاريع التطوير لراحة الحجاج.. نائب أمير منطقة مكة المكرمة يتفقد المشاعر المقدسة    مواقف مشرّفة    «تيك توك» تزيد مدة الفيديو لساعة كاملة    330 شاحنة إغاثية إلى اليمن وبيوت متنقلة للاجئين السوريين    اشتباك بالأيدي يُفشل انتخاب رئيس البرلمان العراقي    زيارات الخير    الأهلي يقسو على أبها بخماسية ويتأهل للنخبة الآسيوية    سمو ولي العهد يستقبل الأمراء والمواطنين    النقطة 60 كلمة السر.. من يرافق القادسية لدوري روشن ؟    الدوري الإنجليزي يحبس الأنفاس حتى الجولة الأخيرة.. مان سيتي يتطلع للقب رابع..وآرسنال ينتظر معجزة    محتالة تحصل على إعانات بآلاف الدولارات    طبخ ومسرح    البرق يضيء سماء الباحة ويرسم لوحات بديعة    الماء (2)    جدول الضرب    «التعليم»: حسم 15 درجة من «المتحرشين» و«المبتزين» وإحالتهم للجهات الأمنية    قرى «حجن» تعيش العزلة وتعاني ضعف الخدمات    ضبط أكثر من 16 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    المقبل رفع الشكر للقيادة.. المملكة رئيساً للمجلس التنفيذي ل "الألكسو"    27 جائزة للمنتخب السعودي للعلوم والهندسة في آيسف    انطلاق المؤتمر الأول للتميز في التمريض الثلاثاء    «باب القصر»    عبر التكنولوجيا المعززة بالذكاء الاصطناعي.. نقل إجراءات مبادرة طريق مكة إلى عالم الرقمية    للسنة الثانية.. "مبادرة طريق مكة" في مطار إسطنبول الدولي تواصل تقديم الخدمات بتقنيات حديثة    تحدي البطاطس الحارة يقتل طفلاً أمريكياً    دعاهم إلى تناول السوائل وفقاً لنصائح الطبيب.. استشاري: على مرض الكلى تجنّب أشعة الشمس في الحج    مختصون ينصحون الحجاج.. الكمامة حماية من الأمراض وحفاظ على الصحة    إطار الابتكار الآمن    أمير عسير يُعزّي أسرة «آل مصعفق»    كيان عدواني غاصب .. فرضه الاستعمار !    كيلا يبقى تركي السديري مجرد ذكرى    وزير التعليم: تفوّق طلابنا في «آيسف 2024» يؤسس لمرحلة مستقبلية عنوانها التميّز    موسكو تتقدم في شمال شرق أوكرانيا    الهلال يحبط النصر..    الخبز على طاولة باخ وجياني    جماهير المدينة (مبروك البقاء)!    أهمية إنشاء الهيئة السعودية للمياه !    إسرائيل تواجه ضغوطا دولية لضمان سلامة المدنيين    الرئاسة العامة تستكمل جاهزيتها لخدمة حجاج بيت الله الحرام هذا العام ١٤٤٥ه    نيابة عن ولي العهد.. وزير البيئة يرأس وفد المملكة في المنتدى العالمي للمياه    المملكة رئيسا للمجلس التنفيذي للألكسو حتى 2026    199 مليار ريال مساهمة قطاع الطيران في الناتج المحلي    التخصصي: الدراسات السريرية وفرت نحو 62 مليون ريال    "إرشاد الحافلات" يعلن جاهزية الخطط التشغيلية لموسم الحج    توطين تقنية الجينوم السعودي ب 140 باحثا    نعمة خفية    البحث العلمي والإبتكار بالملتقى العلمي السنوي بجامعة عبدالرحمن بن فيصل    قائد فذٌ و وطن عظيم    سفارة المملكة في قرغيزستان تحذر المواطنين بأخذ الحيطة والحذر والابتعاد عن أماكن التجمعات    رئيس جمهورية موريتانيا يغادر جدة    الأمير سلمان بن سلطان يرعى حفل تخرج طلاب وطالبات البرامج الصحية بتجمع المدينة المنورة الصحي    ولي العهد في المنطقة الشرقية.. تلاحم بين القيادة والشعب    «الأحوال»: قرار وزاري بفقدان امرأة «لبنانية الأصل» للجنسية السعودية    جامعة الملك خالد تدفع 11 ألف خريج لسوق العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ورطة» .. نخب الممانعة!!
نشر في الوكاد يوم 09 - 05 - 2011

في خضم الأحداث الكبرى في المنطقة العربية، تبرز هذه الايام ظاهرة تعبر عنها نخب عربية ذات سمات وملامح تدثرت طويلا بعباءة المقاومة والممانعة، إلا أنها سقطت عندما انفجرت كتلة الاكاذيب الكبرى في مشهد أصبحت فيه المقاومة تساوي الإلغاء، والممانعة تعني تجاوز الحق الإنساني بالحرية.
لقد رأينا هذا المثقف العربي النخبوي يحشد كل قواه ودفوعاته من أجل دعم التغيير، ويبشر بصبح جديد في عالم نام دهرا ومضغ فقرا وقهرا حتى التخمة... إلا انه عندما اقتربت تلك الأحداث من ابواب نظم طالما تغنت بالممانعة والمقاومة... رأينا موقفا آخر وهواجس اخرى وبثور تنضح بها وجوه النخب الصارخة بالحرية والكرامة، فإذا بها تصطف الى جانب يصادر مطالب لا خلاف حولها إنسانيا وأخلاقيا وشعبيا، وتحاول أن تغطي على ممارسات القمع الفاضحة والقتل المتعمد، وأخذت تجلب بخيلها ورجلها بالإيحاء والتصريح لخلط المطالب العفوية بمخططات المؤامرة الشريرة الخارجية لهزيمة محور الممانعة.
أليست المؤامرة هي في وجود هذه النخب التي تبرع في تشويه الحقائق وفي قلب الوقائع؟! وهي لا تدخر وسعاً في الاصطفاف الى جانب الانتهاك، وكل هذا تحت حجية الحفاظ على حلف الممانعة والمقاومة تحت ذرائع ودفوعات لا تستحق سوى ان توصم بالانكشاف.
في كل المجتمعات الحية السمة الكبرى للمثقف أنه جزء من طليعة تنادي بقيم العدالة والمساواة والحرية وتقاوم الظلم وترفضه. وعندما تتهاوى تلك القيم من أجندة مثقف فهو لا يعدو أن يكون شريكاً في الانتهاك
لم يحدث أن واجهت تلك النخب مأزقاً كهذا. لقد ظلت طوال تاريخها تبشر بفجر جديد ينطلق من دور المقاومة والممانعة في استعادة القدرة على التحرير، الا انها اليوم تواجه مأزقا يطاول شرعيتها وحضورها. ألا يعني هذا أنها باعت طويلا لهذه الشعوب اوهاماً بدأت تتهاوى مثل تهاوي تلك الحجج عن حجم المؤامرة؟!
المؤامرة حقيقة تعبر عن صراع قوى بشكل او بآخر، إلا أن حضورها في حراك شعبي يراقب العالم سياقاته ومطالبه هو تعسفٌ وتبرير متجاوز يعيد إنتاج ذات الخطاب الذي حبس المجتمعات العربية طويلا في قمقم الخوف والتعطيل تحت ذرائع الاستهداف الطويل. كيف ارتضت تلك النخب ان تكون مجرد صوت يزايد في انتاج ذلك الخطاب، وهي تدرك ان الانسان المهزوم داخليا لا يمكن ان ينتصر على عدو، ولا يمكن ان يحرر أرضه قبل ان يحرر شعوره من العجز عن قدرته على تقرير مصيره في وطنه؟ من يحرر من؟ وهل يحرر الوطن المغتصب سوى الاحرار، ومن يقوى على فعل المقاومة أمام العدو الخارجي وإفشال مخططاته، إذا لم يكونوا اولئك الذين رضعوا من ثدي الكرامة والشعور بالمعنى العميق لمعنى الانتماء؟
التطورات والاحداث التي عصفت بالمنطقة العربية ولا زالت، كشفت عن ملامح جديدة لنخب كانت تخفي تحت وطأة المعادلات العربية تحالفاتها واصطفافها وأجندتها وارتباطاتها. يأتي هذا الانكشاف المحبط من طرف طالما رفع لواء الممانعة والمقاومة ليرى تلك المعادلة على نحو لا يساوي فيه فقط بين الضحية والجلاد، ولكن يؤيد الجلاد حتى لا تفسد الضحية حلف الممانعة، ولا تضعف روح المقاومة. أما حلم التحرر من هيمنة الاستبداد الطويل وإلغاء فاعلية وقدرة المجتمعات على الخروج من شرنقة التوقف والتخلف... فهي لا تعني في قاموسها السياسي سوى استثمارِ معطى عربي إنما بعيداً عن حياض التحالف ومصادر التمويل والبقاء في سدة مشهد الممانعة.
إنها لحظة الحقيقة؛ حيث لايمكن فيها لضمير مثقف أن يقف على الحياد، أو يظل مصدّقاً لتخريجات الممانعين. اليوم لم نعد أمام معسكريْن لنعيد قراءة مشهد ممانعة واعتدال، ولكن امام مشهد واحد. إما ان يكون استحقاقا إنسانيا يلامس ضمير المثقف أو تصبح المسألة كيلاً بمكيالين.
المقاومة التي تستدعي شعبا ذليلا منكسرا جائعا ليست سوى مقاومة هشة، لا يمكن ان يعول عليها في تحريرٍ او بناء، إنها لا تعدو أن تكون معادلات مرحلية في خضم صراع على المواقع والنفوذ والبقاء...
الصراع مع الكيان الاسرائيلي لم يكن يوما صراعاً موازينه تتوقف على قوة عسكرية ضاربة، وتجهيزات قتالية رادعة فقط، إنما يتطلب توازنا حضاريا دلائله ومؤشراته وفعله إنسان حر يملك صناعة واختيار عالمه، يدافع عن وطنه، ويقاتل من اجل شرف وكرامة وحرية الوطن... لا ان يستعاد أسيرا في وطنه بعد معارك العدو، وهو يمضغ الأسى والمجهول.
إنهم يقرون لفظيا بمطالب مشروعة وطبيعية، وبما يشبه المقدمات الباهتة، لتبدأ الدفوعات التي لا تخلو من رسم سيناريوهات يبرع فيها خيال التآمر ليحبك مؤامرة خارجية تكبر حتى تصبح بحجم جبل من الأوهام. فالمستهدف من كل هذا هو حلف المقاومة والهدف تحطيم دعائم الممانعة. لايهم مشاهد الدماء ولا طوابير الدبابات التي تقصف المدن ، ولا الاعتقالات التي تطاول حتى القُصّر، ولا صراخ النساء ولا بكاء وعويل الاطفال، ولا حصار المدن حد التجويع والافتراس.. كل هذه الاصوات وهذه الحناجر المطالبة ببعض الحرية وشيء من كرامة.. ليست سوى جزء من حبكة المؤامرة... حتى لتصبح اصوات الحرية خافتة حقيرة نابية امام عظم تلك الاهداف التي تتوسلها نخبٌ باعت مواهبها ووظفت اقلامها وحشدت قواها خلف استدامة البؤس والظلام العربي.
إن هؤلاء مسؤولون عن هذا الوضع الذي أودى بالحالة العربية الى مأزق مرعب. لقد لعبوا دورا خطيرا خلال عقود مضت، الا أن كل ألاعيبهم التي توسلت الانسان العربي حرا كريما مقاوما ممانعا لمشاريع الذل والاستسلام فيما مضى .. ها هي تنكشف وتتحطم في مرحلة مختلفة تماما بعد ان فجرت الاحداث كرة متضخمة من الاكاذيب.
إن هذه الاحداث لا تعيد فقط تكوين المشهد العربي السياسي على نحو مختلف، ولكن تعيد ايضا تقييم دور تلك النخب وإعادة انتاجها خلال ستين عاما.
وفي مقابل هذا، شكل الموقف النقدي الشجاع لعدد من المفكرين والمثقفين والإعلاميين وصمودهم في ظل انهيار جماعي عام، الخميرة الحية والطاقة الكامنة في روح وجسد المجتمعات العربية. وعندما نتحدث عن ورطة نخب عربية في مأزق النظام العربي فلا يجب ان نغفل الدور الذي قامت به نخب اخرى ظلت تحافظ على استقلاليتها الفكرية ودورها الحضاري ورؤيتها الانسانية لعالمها.
عندما واجه حلف المقاومة والممانعة الكيان الاسرائيلي في لبنان في حرب تموز 2006 ، كان الاصطفاف الى جانب المقاومة لا يحتمل التردد، وفي كل المراحل التي واجه فيها هذا الحلف محاولات الاضعاف او التفتيت لم يكن ثمة توافق أكبر من اهمية الحفاظ على ورقة الممانعة والمقاومة في مواجهة كيان غاصب. أما ان تتحول تلك الانتماءات إلى تحالفات تقفز فوق الانسان وتطلعاته المشروعة تحت وحل المخاوف على مستقبل مقاومة او ممانعة، فهذا كشف عن حجم التدليس والزيف في مرحلة لا يمكن فيها إلا ان يكون الموقف واضحا جليا بلا تردد او تخريج بائس تحت حجج لم تعد تصمد امام المحاكمة والحقيقة.
في كل المجتمعات الحية السمة الكبرى للمثقف أنه جزء من طليعة تنادي بقيم العدالة والمساواة والحرية، وتقاوم الظلم وترفضه. وعندما تتهاوى تلك القيم من اجندة مثقف فهو لا يعدو ان يكون شريكا في الانتهاك.
نقلا عن الرياض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.