أساليب غوغائية، وتجمعات فوضوية، وهتافات منادية وصيحات مدويّة، وتخريب وإفساد، وغير ذلك من الأعمال هي ما تعرف في عصرنا ب (المظاهرات). ولربما يزعم البعض أنها سبيل لتحقيق المطالب ونيل الأماني، غير أن ذلك لا يمكن التسليم به على إطلاقه، فقد شاهد العالم كيف أنها ذات مضار ولها انعكاسات سلبية على مقدرات الوطن بل على أبنائه وهم الأكثر أهمية، وما حدث ويحدث من حولنا دليل واضح لكل ناصح وبيان فاضح على كل مكابر. وفي تصوري أنه حان الوقت الذي نقول فيه: “لا” لمثل هذه الظاهرة التي بدأت تعصف بالمجتمعات وتدمر المقدرات وتفني الشعوب، وتضلل الدروب. ونقول: “لا” للتخريب والإفساد الناتج من ورائها، فهي جديرة بتعطيل المصالح، وإغلاق الطرقات، ناهيك بالخسائر الناتجة عنها والويلات التي تجرها. وحتى نكون منصفين فإننا في المقابل يجب أن نقول “نعم: للإصلاحات، وللمقترحات، ونعم لكرامة المواطن، ونعم لرفعة الوطن والحفاظ على أمنه. نعم لكل ما من شأنه توفير سبل العيش الرغيد، بل للرفاهية التي ينشدها الجميع، وللقضاء على كل ما من شأنه تعكير صفو العيش، وتنغيص الحياة. لقد بات العالم كله ينشد حرية الرأي والكلمة المنضبطة، ويسعى لقمع كل نظام بائد، وتعليمات بالية، ومسؤول غير مسؤول لا يتفاعل مع مشكلات المواطن ولا يعتني بالبواطن، وكل همّه المناسبات والشكليات. وها هي قيادة بلادنا تفتح الباب على مصراعيه لكل نقد بنّاء ومشروع هادف وحوار راقٍ وإصلاحات إدارية، فنحن مثلنا مثل بقية البشر عندنا أخطاء ولدينا نقص. لكن العقلاء يفترض أن يعرفوا السبيل الأمثل لمعالجة الأخطاء وإكمال النقص، بالمناصحة وطرح المشكلات واقتراح الحلول ورفع ذلك لولي الأمر، وهذا هو السبيل الأمثل والطريق المناسب للوصول إلى تحقيق المطالب المشروعة لكل مواطن يفترض أن يعيش في عز وكرامة (كما قال ذلك مليكنا رعاه الله مؤخرًا)، وليس بالحملات والمظاهرات! وبلادنا تعيش قفزات فكرية نوعية، وتطور هائل في مجال التعليم بكل صنوفه وشتى مجالاته، وكم كان لافتًا حديث الأمير سلمان مؤخرًا، عندما ذكر أن المواطن السعودي بات على قدر كبير من العلم والمعرفة ما يؤهله للقيام بعملية التنمية، وذكر أيضًا أن الأبواب مشرعة لكل من يحمل فكرًا أو لديه طرح، والحوار هو سبيل الرقي والتطور. ومن المؤسف أن يصل الحال ببعض أبناء هذا الوطن من التأثر بفكر الآخرين، ومحاولة محاكاتهم، متجاهلين تعاليم ديننا الحنيف، ومتغافلين عن النتائج الوخيمة الناجمة عن القيام ببعض التصرفات، ناسين أو متناسين أنهم أبناء بلاد الحرمين والذين ترمقهم أعين العالم بأسره كقدوة وأنموذج صالح، حيث إنهم أحفاد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، والتابعين، فكانوا على آثارهم مهتدين ولسلوكهم مقتدين. ومرة أخرى فإن الوطن بحاجة دائمة - وبخاصة في هذا التوقيت - إلى أبنائه المخلصين، الذين يعرفون قدره، ويولونه حقه، ويسعون بكل وسيلة لحمايته، وقطع الطريق على من يروم المساس به. حمى الله بلاد الحرمين، وجعلها عزيزة أبية، آمنة مطمئنة، ووقاها شر أعدائها والمتربصين بها. [email protected] نقلا عن المدينة السعودية