(CNN)-- نيما أركاني حامد، شاب في منتصف الثلاثينيات من العمر يقدم نفسه على أنّه واحد من طليعة المفكرين في حقل الفيزياء النووية. ترى كميات ضخمة من المستشعرات الكشّافة تحيط بعدة مناطق تضرب فيها جزئيات من الذرة بعضها ببعض بفعل طاقة عالية جدا، وكذلك انفجارات صغيرة واصطدامات، يدرسها نيما يوميا، من أجل تأكيد نظريته حول أسرار الطبيعة المجهولة حتى الآن. وتعدّ أفكار نيما ثورية بكل ما في الكلمة من معنى، وستتمّ تجربتها لاحقا هذا العام في مختبر بسويسرا ومن شأنها أن تؤكّد أو تدحض أفكار نيما بشأن كيفية عمل الكون. وتتراوح تكلفة المستشعر العملاق الذي سيحدد مستقبل نظيرات نيما، وتمّ وضعه في سويسرا، بين خمسة مليارات دولار وضعف هذا المبلغ. ولم تتوان مؤسسات في توفير هذا المبلغ نظرا للآمال التي يحملها في الإجابة على العديد من أسئلة الفيزيائيين التي تداولوها لعقود طويلة. ويقدّم الآلاف من العلماء من مختلف أنحاء الأرض مساعدتهم في هذا المشروع الذي تشرف عليه المنظمة الأوروبية للأبحاث الذرية. وإذا أثبت المخبر نظريات نيما فإنّنا سنكون بصدد عصر جديد في مجال علاقة الزمن بالفضاء منذ ألبرت إنشتاين. ويقول نيما \"أساسا نحن ضامنون أنّ الأمر سيكون مثيرا جدا\" عن المخبر الذي يعمل داخل نفق دوار طوله 17 ميلا. وقال أستاذ الفيزياء في جامعة برينستون، كريس تولي، إنّ نيما \"فتح أذهاننا وابتكر عالما جديدا من الأفكار التي تتحدى تصوراتنا العميقة حول الفضاء الزمني.\" وبعد أن عمل مدرسا في هارفارد، يحتل نيما الآن مقعدا في جامعة برينستون، في نيوجرسي، حيث عمل إنشتاين نفسه من عام 1933 حتى وفاته عام 1955. وساهم نيما في تفسير كيفية عمل الكون بناء على نظرية النسبية الفيزيائية التي أطلقها إنشتاين، التي تصف عمل الكون على مستوى واسع، وفي نفس الوقت تتبع قوانين وآليات تصف عمل الكون في مستوى أصغر من أن تراه العين المجردة. ومن ضمن الألغاز المهمة في هذا المجال: لماذا تبدو الجاذبية ضعيفة بهذا القدر، مقارنة بقوى فيزيائية أساسية أخرى مثل \"الإلكتروماغنيتيزسم\" ولماذا الكون فاسح جدا جدا؟ هذه الأسئلة تفرض نفسها لأنّه في مستوى صغير غير متخيّل، تبدو الجزئيات التي تكوّن عالمنا، وهي تتصرّف بشكل يختلف تماما عن أيّ تصوّر. ومثلا، إذا كنت تقود سيارتك، سيقوم نظام الملاحة بإبلاغك بالمكان الذي توجد فيه، كما سيخبرك نظام القياس في السيارة بالسرعة التي تقود بها. ولكن في مثل هذا المستوى من الجزئيات مثل \"الإلكترون\" سيكون من المستحيل معرفة الموقع والسرعة في نفس الوقت لأنّ العملية السريعة جدا التي يتمّ تنفيذها لمعرفة ذلك تتطلّب كميات لا تصدّق من الطاقة. وإذا كانت محاولة تثبيت جزيء يتطلب مثل هذه الكمية من الطاقة، فإنّ ذلك يعني نظريا أنّه ينبغي أن تكون لجميع الجزئيات تغيّرات مؤقتة في الطاقة في محيطها تدعى علميا \"quantum fluctuations\". هذه الطاقة تتحوّل إلى كتلة بناء على نظرية إنشتاين الشهيرة وفق معادلة الطاقة تساوي حاصل ضرب الكتلة في مربع سرعة الضوء. وقال نيما \"وفق هذا، من الغريب جدا أن الإلكترون، أو بالأحرى أي شيء نعرفه أو يتشكل منه، ليس أثقل مما هو.\" وفي العقود الأخيرة، ظهرت نظرية يقول علماء إنّها تحلّ شيئا من هذه الألغاز، وتنبني على أساس وجود مواد أصغر من الجزيء يطلق عليها \"سترينغ\" ومن هذه الكلمة تمت تسمية النظرية ب\"سوبرسترينغ.\" وحتى تكون هذه \"السترينغات\" قادرة على تشكيل كوننا، ينبغي عليها أن تقوم بذبذباتها في 11 بعدا. وبإمكان أي شخص أن يرى ثلاثة أبعاد فضائية وواحدا كلّ مرة، غير أنّ الأساليب النظرية تشير إلى أنّ هناك سبعة أبعاد أخرى لا نراها. ويرى نيما أنّ هذه الأبعاد أكبر مما كان العلماء يعتقدون، ويقول إنّ عرض البعد يبلغ مليمترا. وأضاف \"لا يمكننا رؤية هذه الأبعاد الضخمة لأنّ الجاذبية هي القوة الوحيدة التي تطوف بها. ووجّه علماء نقدا لنظرية \"سترينغ\" لأنّه لا يمكن، ببساطة، تجربتها. حيث أنّ \"السترينغات\" ستكون أصغر من أي شيء تمّ العثور عليه على مرّ الزمن وفي كلّ الأماكن في الكون. غير أن نيما يصرّ على أنّ المخبر الذي تمّ تجهيزه في سويسرا سيوفر رؤية السترينغات أو على الأقلّ دليلا غير مباشر على وجودها. ويقول \"إنّ ضرب الجزئيات ببعضها البعض، سيعثر المخبر على جزئيات تدخل وتخرج من الأبعاد التي عمل هو بنفسه على وصفها. وسيبدأ عمل المخبر في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول على أن النتائج ليست متوقعة قبل 2009