قررت امرأة أن تذهب إلى السوق. أمامها عدة خيارات: - أن يقوم أحد أقاربها بإيصالها بسيارته. -أو تذهب بسيارة خاصة يقودها سائق خاص. - أو تستقل سيارة أجرة. في كل ما تقدم الغاية والوسيلة مباحة، ومُوافق عليها اجتماعياً، لكن عندما نضيف خياراً رابعاً: «تقود سيارتها بنفسها»، تحرم الغاية والوسيلة عند بعضهم، رغم أن كل ما تغيّر موقع المرأة في السيارة، الذي أصبح على المقعد الأمامي الأيسر! لست بصدد «مع أو ضد «قيادة المرأة السيارة»، لكنني أتساءل لماذا يعترض المعترض؟! المعترض يثق في نسائه، لكنه لا يثق فيمن سيقاسمونهن الشارع، لأنه لا يثق أساساً في القانون الذي ينظم العلاقة بينهم، إضافة إلى أن لدينا ثقافة اجتماعية أغرقت في تكريس صورة ذهنية عن المرأة أنها ضحية سهلة، والرجل وحش متربص، متأهب للانقضاض عليها متى سنحت له سانحة، وقيادتها السيارة أشبه بإفلات حمل وديع في «محمية ذئاب»! كل هذا أنتج واقعاً جعل المرأة الطرف الأضعف في أي ميدان يفرض عليها التعاطي مع الرجل، لأن القانون الذي يحميها غائب غالباً، وإن حضر فهو يحضر بشكله ومضمونه وتطبيقه الذكوري، لذا لا لوم على المعترض حتى يتغيّر الواقع.