حذر مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة عرفة أمس بمسجد نمرة، من طائفة من هذه الأمة، تريد بالمسلمين الهلاك وانعدام الأمن والإيمان والاستقرار، داعياً قادة المسلمين إلى المحافظة على مكتسبات ووحدة الأمة وصفها وإجماع كلمتها. داعياً إلى تكوين اتحاد إسلامي قوي بكل كيانه لنواجه به التحديات التي تهدده. جاء ذلك خلال خطبة صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً، في مسجد نمرة الذي امتلأ عن آخره بالمصلين يتقدمهم أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز. وقال المفتي في خطبته إن الطائفة التي تريد بالمسلمين الهلاك ارتوت تقليد أعدائها في أخلاقهم وعاداتهم وأفكارهم وتركوا مناهجهم التعليمية ومبادئهم الفقهية ظانين أن التقدم والحضارة مرهون بذلك من غير التأكد من الغث والسمين والنافع والضار، وما يوافق الشريعة وما يخالفها. كما حذر طائفة أخرجوا المناهج والنظم من الإسلام وأدخلوها في شيوعية وليبرالية وعلمانية يظنون أنها رقي وتقدم وسار الأمر عكس ذلك. مشيراً إلى أن هذا ليس حال الأمة كلها، بل حال كثير منها، وإلا فلا يزال من الأمة مَنْ هو ظاهر بالحق ومحافظ على الدين ومتمسك بالثوابت والمبادئ يدعو إلى التوحيد وينهى عن الشرك ويحافظ على الأصالة ويرفض التقليد والتبعية. ولفت إلى ما يمر به الإسلام من ظروف حرجة وما يواجه من حيثيات ومصائب تهدد وحدته، وأن تفرق أبناء المسلمين واختباءهم وتشتتهم وتكالب الأعداء المتربصين بهم وانتشار الحروب والفتن الداخلية، أصابهم بالضعف والوهن والذل والهوان فأصبح بأسهم بينهم شديداً يعلمه القريب والبعيد، مرجعاً ذلك إلى تخليهم عن تعاليم دينهم وعن العقيدة الصحيحة واتجاه كثير منهم إلى ما حرم الله ورسوله فنالوا الضعف والهلاك. وطالب المفتي أمة الإسلام أن تفيق من غفلتها بعد تلك المصائب التي حلت بها، وأن تعود إلى الكتاب والسنة بعد وأن نتحد جميعاً في بناء مستقل بأيدينا نستعين بالله ثم بقدراتنا وخبرتنا وعقول مفكرينا وعلمائنا، وأن نصنع اتحاداً إسلامياً قوياً بكل كيانه.. اقتصادياً نكتفي بما لدينا.. قوة عسكرية نواجه بها قوى أعدائنا.. ثقافة متميزة وذات حضارة أخلاقية نزيهة تأخذ بيد العالم ونكون مثل القافلة، ندعو الناس إلى الخير، مشاعل من نور نمشي على صراط الله المستقيم إلى الفلاح والسعادة على نهج الكتاب والسنة. وخاطب قادة المسلمين قائلاً: إن عليكم مسؤولية المحافظة على مكتسبات بلادكم ووحدة صفها وإجماع كلمتها وترك الأخطاء المحدقة بها والاهتمام بمصالحها العليا في رعاياكم بالرفق واللين والسعي في تحقيق الحياة الكريمة لهم، واحذروا أن تضيقوا عليهم أو تسوموهم سوء العذاب أو تهينوا كرامتهم، فإن ذلك بينكم وبينهم، وابنوا جسوراً من المحبة بينكم وبين شعوبكم فيما يحقق المصلحة العامة في الحاضر والمستقبل.. ليكن لكم موقف شجاعة في المحافل الدولية في الدفاع عن القضايا الإسلامية وكف الظلم عنهم وعدم السماح لعدوهم ليستولى عليهم فكونوا معهم، كذلك في الخير والتعاون على البر والتقوى. كما خاطب علماء الأمة بقوله: إن لكم دوراً فاعلاً في توعية الأمة وإخضاع شأنها وفك الخصام بينها وإطفاء العداوة والحرب والفتن بين أبنائها.. يا علماء الإسلام تحلوا بالشجاعة والإخلاص والموضوعية والصراحة فيما تعاني منه الأمة ونزع فتيل النزاع بينها.. وإن أهملتم ذلك وضيعتموه استحكم الخلاف.. داعياً أرباب الأقلام النزيهة وذوي الأخلاق الإسلامية القويمة لتسخير أفكارهم فيما ينفع الأمة وينهض بها. ودعا المفتي المسلمين إلى توحيد الله في العبادة والإخلاص له بالدعاء والتضرع في طلب الغوث والمدد منه جل شأنه في الشدة والرخاء والسر والعلانية. وحثهم على أن يكونوا صادقي الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم بأنه عبد الله ورسوله وخاتم أنبيائه، وخاتم الأنبياء والمرسلين. كما خاطب المخططين لهذه الأمة بقوله «اتقوا الله في أنفسكم وفي مسؤوليتكم وفيما تخططون لأمتكم من إخراجها من الذلة والتبعية والهوان، الزموا الصدق والإخلاص فيما تخططون للأمة من أمور اقتصادية أو عسكرية أو صحية أو سياسية ولتكن مراعية للشرع وعند تخطيطكم انظروا إلى ما يتفق مع الدين ومبادئه واحذروا ما يخالف ذلك». ودعا إلى البعد عن أسلحة الدمار والخراب التي تدمر البلاد والعباد وتقضي على الحرث والنسل، واصفاً إياها بالقوة الشريرة التي تضر بالأمة ومستقبلها، وأنه يجب على ملاكها أن يتقوا الله في أنفسهم، والعلم بأن هذه القوة إن لم تستعمل فيما تنفع البشرية استعملت فيما تضر البشرية، وأن هذا ظلم وعدوان على بني الإنسان، محذراً من العواقب الوخيمة للظلم. حشود من الحجاج تحيط بمسجد نمرة أمس (واس)