أفادت إحدى الصحف البريطانية أن الملكة إليزابيت الثانية تبحث عن «ساعاتي» للعناية بأكثر من ساعة ملكية من ساعات الحائط والمكاتب والجيب واليد… وقالت الصحيفة إن صاحبة الجلالة ترغب في تعيين ساعاتي محترف لمراقبة وضبط وإصلاح وتنظيف وتلميع كل الساعات في مقرّها الملكي في قصر «باكنجهام» في لندن وفي قصورها الأخرى، وجعلها «تُتَكْتِك» على مدار الساعة من دون انقطاع، إلى جانب المبادرة بتقديم دورة عقارب كل ساعة أو تأخيرها بحسب التوقيت الشتوي والصيفي مرتين في السنة. واشترط هذا الإعلان الملكي على المتقدمين التمتع بالكفاءة اللازمة لإصلاح آلات قياس الضغط الجوي وموازين الحرارة، وحتى الساعات الشمسية والرملية، والعمل 37 ساعة في الأسبوع مقابل راتب سنوي مقداره 37 ألف جنيه إسترليني. يقال إن الإنسان خلال مسار حياته ينافس الوقت أو يسابق الزمن، وذلك بسبب أن العمر محدود، والزمن لا يتوقف، فكلما زادت السرعة قلّ الزمن. لكأنّ الملكة «إليزابيت» أرادت أن تختزل من خلال عديد وتنوّع ساعاتها كل رموز ودلالات الوقت، وكأنها بهذا العدد الكبير تود وتأمل تخزين الزمن واكتنازه ليطول العمر! وبالتأكيد فإن صاحبة الجلالة لا تعلم أن «يوم الساعة» في اللغة العربية يعني يوم القيامة، ولا يوجد «يوم الساعات»! إنها ساعة واحدة فقط، لذلك فإن كثرة الساعات لإثبات نظرية الحفاظ على الوقت، هي بحدّ ذاتها «مَضْيَعَة» للوقت! وتتعادل في الإشارة إلى الوقت ساعة يد صغيرة مع ساعة «بيج بن» الكبيرة! إن الإحساس بقيمة الوقت يشكِّل مرتبة عالية من مراتب الوعي وتحمُّل المسؤولية المرتبطة وثيقاً بجودة الإنجاز وإيجابياته في كل مناحي الحياة وعلى جميع الأصعدة والاختصاصات. والساعة بحدّ ذاتها هي أداة «تذكير» بالوقت وبقيمته، وإن امتلاك ساعة ثمينة بآلاف الدولارات لا يعني أن مالكها يقدِّر قيمة الوقت وأن وقته «ثمين»! فغالبية الناس «الجدّيين» على صعيد الإنتاج والإنجاز يحملون ساعات عادية جداً ومستوردة من «تايوان». وبما أن الشيء بالشيء يُذكر، فإنني أعرف «ساعاتياً» يبيع ويصلّح الساعات، لم يكن يوماً صادقاً في مواعيده مع أي زبون، ولا احترام، أو قيمة للوقت في قاموسه على الإطلاق. وَحَدَثَ مرّة أن كنّا –مجموعة من الفنَّانين والكتّاب– في ضيافة أحد محدثي الثقافة والنعمة! بهدف البحث في تشكيل منتدى يناقش شؤون الآداب والفنون والثقافة عموماً، على أساس أن يكون هذا «المضياف» هو المموِّل للمشروع الذي يتيح لنا استضافة مبدعين من أشقائنا العرب. حَضَرَ أخونا –ونحن في انتظاره في دارته الفخمة– متأخراً أكثر من ساعتين عن موعده معنا، أمضيناها من دونه بالأحاديث العامة المخلوطة بالطرائف والنوادر…. ثم دخل علينا هاشّاً باشّاً من دون أي اعتذار، ثم بادر فوراً إلى تكريمنا –ربما لإسكات تعليقاتنا فيما بعد– فأهدى كلاً منّا ساعة يد ثمينة! عند خروجنا من قصره علّقت على موضوع الهدية فقلت للزملاء: لأول مرة في حياتي أرى أحداً يقوم بإهداء ساعات، ولا قيمة أو احترام للوقت عنده!