منذ زمن طويل وعلى المستويات كافة، كان الجَدَل ولايزال حول بعض الثنائيات وأولويّة وجود إحداها قبل الأخرى، وأشهر مثلٍ تداوله الناس عبر العصور هو: البيضة قبل الدجاجة؟ أم الدجاجة قبل البيضة؟ أي أيهما يشكّل الأصل للثاني؟ حتى أن هذا النقاش أصبح مزمناً ويُطلق على كل حوار عقيم لا جدوى منه ولا مُرتجى، كالحوار البيزنطي «الذي كان يبحث إذا كانت الملائكة ذكوراً أم إناثاً فيما جيوش الأعداء تحاصر عاصمة الإمبراطورية!!ونحن اليوم نستطيع القول إن حوار البيضة والدجاجة هو جَدَل بيزنطي بامتياز!ولكن يبدو أن دجاجة في «سريلانكا» قررت وضع حدّ للسؤال الأزلي الآنف الذكر: مَن أتى قبل، البيضة أم الدجاجة؟ وذلك بعد أن أنجبت «صوصاً» دون أن تضع بيضة!!!هذا الخبر جاء عبر الوسيلة الإعلامية «يو بي إي» وتناقلته وسائل الإعلام في العالم بكل أشكالها المقروءة والمرئية والمسموعة، ويقول الخبر: بدل أن تضع الدجاجة البيضة وتحضنها كما هو معروف كي «تفقِّس»، بقيت البيضة داخل جسمها لمدة 21 يوماً ثم «فقَّسَتْ» في داخلها!! بعد ذلك ومع الأسف الشديد نَفَقَت الدجاجة بعد عملية التفقيس الداخلي، إلاّ أن «الصوص» أتى مكتمل النمو وبصحة جيدة!! وأشار الأطباء البيطريون إلى أن الدجاجة نَفَقَت بعد إصابتها بجروح داخلية. بعد هذه الواقعة تحوّلت الدجاجة إلى نجمة، وتداولت قصتها عديد من المحطات الإذاعية من بينها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» التي قالت إن حالة الدجاجة هذه تضيف حبكة جديدة في مسألة البيضة والدجاجة وأيهما سبق الآخر.اعتقد اليوم أننا في زمن ينقسم فيه العالم بين جماهير «البيضة» وجماهير «الدجاجة». ومع اقتناعنا بأنه لا دجاجة دون بيضة بصفتها الأصل، النواة، الخليّة… ولا دجاجة دون أن تكون مولودة من بيضة… فإننا نصرّ على هذا الصراع الأزلي وربما الأبدي لنعيش في حالة مستدامة من «الحيرة» في كل شيء حتى أصابنا وباء «التردّد» في اتخاذ المواقف وحسم الأمور وتحديد المسؤولية.. وهذا ما أدّى بها إلى «الفلتان» في المسائل كافة. أقوال قهوجية: عجبتُ من بلد يتكاثر فيه وبنفس الوتيرة عدد الحُفاة وعدد ماسحي الأحذية!! عجبتُ من أحدهم كيف وبحماسة شديدة يناقش نصوص الكتب التي لم يقرأها!! قلتُ لأحد الكتّاب: هل قرأتَ مقالة «فلان»؟ أجابني: أعوذ بالله! قلت: وهل قرأت له من قبل؟ قال: أبداً… أبداً فإنني لا أطيقُهُ! قلت: أليس من الأفضل أن تقرأ له وبعد ذلك تُدلي برأيك فيه؟ قال: للحقيقة… أخاف أن أقرأ له ويعجبني.!