لا شيء يعلو فوق صوت رسائل الجوالات.. تيك… تاك… لا شيء يعادل معايدة الصوت للصوت وتعالي القهقهات وتداعي الذكريات لمن غابت صورهم عن ناظريك وأصواتهم عن ذاكرتك حيناً من الدهر ويتخللها السؤال عن الصغير والكبير وتذكر التفاصيل الجميلة وغير الجميلة، هذه التقنيات تحوّلنا إلى آلات تجردنا من إنسانيتنا فلا نسمع الصوت ولا نعد نتذكر الملامح فتغدو رسائل متشابهة مملة بلا روح ولا نكهة ونضحك على أنفسنا أننا أوصلنا مشاعر العيد أو استلمناها. الرسالة المرسلة للجميع من نفس الجوال (Mass Massege) تصل إليك وتصل إلى السباك والنجار ولغير الناطقين بالعربية وبنفس اللغة وبنفس الهوية وهنا فيها استهجان كبير للمشاعر التي لاكتها أفاعيل التقنية. أحياناً تصلك رسائل بلا اسم ربما كانت من قائمة جوال سابق فقد ذاكرته الرقمية أو رسالة طائشة تاهت طريقها. نضحك على أنفسنا حينما نبحث عن أجمل رسالة وصلتنا مملوءة بالسجع والكلام المنمق خالية من المشاعر الحقيقية نرسلها للجميع يتساوى فيها من نحب ومن لا نحب. نحن بحاجة إلى من يعيدنا إلى إنسانيتنا في هذه المناسبات التي لا تتكرر إلا في السنة مرة واحدة فنهاتف من نحب ويُهاتفنا من نحب في العيد لتتعانق الأصوات وتتعالى التهاني الحقيقية المملوءة بالإنسانية، عبث كبير يحدث لمشاعرنا حينما نثق في آلة تلوكها بهذه الصورة المجردة من الإنسانية. ضحكوا علينا حينما قالوا رسالة جوال واحدة تغنيك عن كل هذه المكالمات هذا وهم كبير من جملة الأوهام التي تعشش في رؤوسنا، أحياناً أطير غيظاً من صديق حميم يبعث برسالة جوال تافهة ليعايدني وأتمنى لو كان بجانبي لأصفعه.