كانت الرياض تعاني وصمها بالجفاف فيهجرها الناس صيفاً بسبب الحرارة وغياب المتنفسات. في الصيف والعيد يتسابق الناس (المهاجرون المحليون) إلى جدة والدمام وربما الطائف، بل إن القرى المحيطة بالرياض تشهد موجة تزاحم من ساكني الرياض الهاربين. كانت الرياض صيفاً مستقراً قسرياً لمن يرتبط بعمل أو تقصر يده دون نفقاته فتتشح بعباءة هدوء وسكون مفارقة طبيعتها المعتادة. منذ سنوات حملت الرياض رؤية ترفيهية مختلفة جعلتها مركز جذب سياحي حتى أنها أصبحت أكثر جاذبية من أخواتها المحليات اللاتي تربعن على عرش السياحة بسبب مقومات طبيعية فقط. عاشق الرياض الأول الأمير سلمان بن عبدالعزيز كان يبحث عن مساحات تتسع لحبه فسلم راية الإنعاش لرجل فريد من نوعه هو الدكتور عبدالعزيز العياف فاستعادت الرياض روح شبابها جمالاً وتنسيقها، وتحررت من شخصية ساكنة لتجعل العيد والصيف فرحة حقيقية ومتعاً شتى بقدر جاوز قدرتها المفترضة على الحركة. هي المدينة السعودية الوحيدة التي تزدهي بحدائقها وساحاتها؛ هي الوحيدة التي تتلمس حاجات ساكنيها فتنثر العيد مسرحاً وحفلاً ونشاطاً رغم المعارضات المتشددة التي كانت تسعى إلى تخريب المشروع إلا أن الصلابة والاستمرار أديا إلى شيوع البهجة وخفوت النقمة. كانت طاردة فأصبحت جاذبة؛ فيها المسرحيات والحفلات المختلفة والعروض الفنية والجمالية تغطي ساحاتها الكثر، إضافة إلى متع السياحة التقليدية في التسوق والمطاعم . إن كان في السعودية مدينة حضارية بمكوناتها المادية وعنادها الحضاري فهي الرياض لأن الحرب التي خاضتها لم تكن يسيرة ولم تواجهها مدينة أخرى ولعلها توقد غيرة المدن الأخرى فتنافسها خصوصاً أن قيودها أقل ومناخها الاجتماعي أكثر مرونة وقابلية. الرياض وحدها فهمت معنى العيد وعملت على أن يكون جميلاً!