هناك العديد من المفارقات المستهجنة، التي غالباً ما تدعو إلى الابتسام أو حتى إلى الاستغراب، فقد وقَّعت بلدتان اسكوتلندية وأمريكية اتفاق توأمة بينهما لأنهما يحملان اسمين متقاربين في المعنى، ويعنيان باللغة العربية: الأولى «مُمِلَّة» والثانية «مُضْجِرة»!! وذلك في مسعى منهما لجذب أكبر عدد من الزوّار. وقالت صحيفة «دايلي إكسبرس» إن السلطات المحلية في البلدة الإسكوتلندية قرّرت إقامة صلات رسمية مع البلدة الأمريكية، في ولاية «أوريجون» وذلك لتطابق الاسمين اللافتين، وأوضحت أن بلدة «مُمِلّة» وبلدة «مُضْجَرة» تأملان بأن يساهم اتفاق التوأمة هذا في تحويلهما إلى مكان استقطاب للزوّار الراغبين في الهروب من المواقع السياحية المعروفة وإلى الخروج من كل مكان عادي وسائد ومستهلك. وقال رئيس مجلس البلدة الإسكوتلندية «تومي برينجلر»: إن الناس سيتوقفون لتصوير اللوحة التي تحمل اسم البلدة لحظة مشاهدتها، ويمكن تخيّل العدد الهائل منهم وهم يصوّبون كاميراتهم على العبارة المكتوبة: أهلاً بكم في بلدة «مُمِلَّة» وشقيقتها التوأم «مُضجَرة». وهناك مفاوضات تجري حالياً مع أحد المجالس البلدية الأمريكية لتوقيع اتفاق توأمة بين بلدة اسمها «تثاؤب» في ولاية «لويزيانا» مع بلدة تدعى «نعسانة»!! منذ أواخر القرن العشرين تكاثرت مبادرات التوأمة بين المدن والبلدات والقرى وذلك بهدف نسج علاقات ثقافية واقتصادية وتنظيم مؤتمرات وتنسيق زيارات وإقامة رحلات سياحية من شأنها إيجاد نوع من التقارب المرتكز على الحوار. وكان من شروط التوأمة وجود حدّ أدنى من القواسم المشتركة بين المدينتين أو البلدتين أو المكانين… إما تاريخياً أو جغرافياً أو إنتاجياً وما شابه. واستناداً إلى هذه الشروط أو أحدها تتوأمت أماكن عدة بين الشرق والغرب. إلا أن الغرابة التي تطالعنا اليوم في عملية التوأمة هي أنها بدأت تأخذ باجتهادات ترتكز فقط على تطابق «الاسم» أو معناه أو بعض اشتقاقاته أو حتى «التضاد» في معنى الاسم ودلالته. ومع أن العديد من البلدات والقرى التي تحمل منذ القديم أسماء غير مُحبّبة نرى أن أهلها قد عمدوا إلى إبدالها بأسماء أخرى أجمل من حيث المعنى، وهناك أمثلة كثيرة على ذلك في بلادنا العربية. ومن ناحية ثانية برز رأي آخر مغاير يقول بإبقاء الاسم كما هو مهما كان معناه سلبياً وغير مُحبَّب، والعمل على تأكيده ونشره والاستفادة منه إعلامياً وسياحياً إلى أبعد الحدود، وإلى درجة الافتخار بالانتماء إليه.