عبدالعزيز السماعيل عبدالعزيز السماعيل - مدير عام الجمعية العربية للثقافة والفنون تغيرت بعض العادات والتقاليد في شهر رمضان الكريم، فأثرت على سلوكنا ومفهومنا لهذا الشهر، وأقصد بالذات من هم في عمر الأربعين سنة وما فوق، لأنهم عايشوا الفارق بين رمضان السابق، يوم كنا نصوم في بيوت الطين، أو البناء العربي القريب منها، ونسير في الأزقة والحواري الضيقة بلا سيارات، وبلا مكيفات، وبين رمضان الحالي، رمضان التليفزيون والفضائيات، والمكيفات، والشوارع الفارهة، والبيوت المسلحة، وزحمة السيارات، والوفرة الهائلة في المأكل والمشرب.. إلخ. أظن أنه من الظلم لزماننا الماضي مقارنته بهذا العصر، وما نحن فيه من سهولة العيش والتنقل والرفاهية، باستخدام مختلف وسائل التقنية الحديثة، ولكن أشياء مهمة فقدناها لا يمكن تعويضها، أو توفير بدائل لها في هذا الزمان الجديد. نحن الآن مثلاً غير قادرين على تحقيق التواصل الاجتماعي كما كنا سابقاً قريبين من الأهل والأصدقاء، ولم نعد نشعر بالشوق الكبير للسمبوسة، واللقيمات، والهريسة، والأطعمة الأخرى التي لا نذوقها طوال العام إلا في هذا الشهر الكريم، ولا نفرح باللباس، أو الثوب الجديد الذي نشتريه للعيد كما كنا نفرح سابقاً، لأنها كلها متوافرة ونحصل عليها طوال العام تقريباً. أما الأطفال في هذا الزمان بالذات، فلن يروا هذا الفارق، ولن يحسوا به، لأنهم في حالة سهر كل ليلة، بينما رمضان القديم هو الوقت الوحيد طوال العام الذي يسهر فيه الأطفال إلى منتصف الليل كحد أقصى. كما أنهم لن يخرجوا من المنزل حاملين صواني الأكل من بيوتهم للجيران كل مساء قبل الإفطار بقليل، بحيث تصبح الأزقة لو رأيتها من الأعلى أشبه بخلية نحل بين البيوت المتلاصقة. أشياء وأشياء كثيرة افتقدناها من رمضان القديم، ومن الصعب العودة إليها، أو حتى التفكير بإعادتها، لأنها بكل بساطة نتاج ظرف اجتماعي وإنساني محدد وبسيط هو الذي أنتجها وطورها لتكون مثله وتعبر عنه تماماً. ولا غرابة إذن أن يكون الناس الآن أبناء ما فرضه عليهم زمانهم الجديد، باردين في علاقاتهم بالأشياء كلها، وهو مثل الآلة تماماً، لا يشعرون بفارق كبير. وبالمختصر «رمضان اليوم لا يشبه رمضان أيام زمان سوى بالصوم، ولولا الصوم لأصبح رمضاننا بلا طعم، أو رائحة».