هيئة تطوير المنطقة الشرقية تشارك في منتدى الاستثمار البيئي استعادة واستدامة    "آلات" تطلق وحدتَي أعمال للتحول الكهربائي والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي    تعليم الطائف ينظم اللقاء السنوي الأول لملاك ومالكات المدارس الأهلية والعالمية    إحباط تهريب أكثر من 27 كجم من الكوكايين في ميناء جدة الإسلامي    تقديم الإختبارات النهائية للفصل الدراسي الثالث بمنطقة مكة المكرمة.    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    إسرائيل تتأهب لاجتياح رفح    انطلاق "مهرجان الرياض للموهوبين 2024".. غداً    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يُنظم مؤتمرًا دوليًا في كوريا    ارتفاع أسعار الذهب    550 نباتاً تخلق بيئة نموذجية ب"محمية الملك"    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "المرويّة العربية".. مؤتمر يُعيد حضارة العرب للواجهة    أمطار ورياح مثيرة للأتربة على عدد من المناطق    80 شركة سعودية تستعرض منتجاتها في قطر    السعودية.. الجُرأة السياسية    مساعدات إيوائية لمتضرري سيول حضرموت    «كلاسيكو» تأكيد الانتصار أم رد الاعتبار ؟    اللذيذ: سددنا ديون الأندية ودعمناها بالنجوم    5 مشروبات تكبح الرغبة في تناول السكَّر    انطلاق بطولة كأس النخبة لكرة الطائرة غدا    محافظ الطائف يناقش إطلاق الملتقى العالمي الاول للورد والنباتات العطرية    سمو ولي العهد يهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير في بلاده    المجرشي يودع حياة العزوبية    «عكاظ» ترصد.. 205 ملايين ريال أرباح البنوك يومياً في 2024    تدخل عاجل ينقذ حياة سيدة تعرضت لحادث مروري    وصول التوءم السيامي الفلبيني إلى الرياض    فوضى المشهد السياسي العالمي اليوم    بدر بن عبد المحسن المبدع الساعي للخلود الأدبي    وزير الموارد البشرية يفتتح المؤتمر الدولي للسلامة والصحة المهنية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على بدر بن عبدالمحسن    فيصل بن نواف: جهود الجهات الأمنيّة محل تقدير الجميع    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    السعودية وأميركا.. صفحة علاقات مختلفة ولكنها جديدة    هدف لميسي وثلاثية لسواريس مع ميامي    القادسية لحسم الصعود أمام أحد.. الجبلين يواجه العين    فيصل بن مشعل: يشيد بالمنجزات الطبية في القصيم    البحث عن حمار هارب يشغل مواقع التواصل    تأملاّيه سياسية في الحالة العربية    يوفنتوس يتعادل مع روما في الدوري الإيطالي    "جاياردو" على رادار 3 أندية أوروبية    الدور الحضاري    رحيل «البدر» الفاجع.. «ما بقى لي قلب»    المعمر، وحمدان، وأبو السمح، والخياط !    عزل المجلس المؤقت    تقدير دعم المملكة ل "التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب"    مهرجان الحريد    «أكواليا» تستعرض جهودها في إدارة موارد المياه    وزير الدفاع يستعرض العلاقات الثنائية مع "كوليبالي"    "سلمان للإغاثة" يُدشِّن البرنامج الطبي التطوعي لجراحة القلب المفتوح والقسطرة بالجمهورية اليمنية    أمراء ومسؤولون وقيادات عسكرية يعزون آل العنقاوي في الفريق طلال    فلكية جدة : شمس منتصف الليل ظاهرة طبيعية    باسم يحتفل بعقد قرانه    إستشارية: الساعة البيولوجية تتعطَّل بعد الولادة    آل معمر يشكرون خادم الحرمين الشريفين وولي العهد    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة الاختلاف التي لا نجيدها (2 - 2)
نشر في الشرق يوم 08 - 04 - 2012

موضوع الأفكار وماهيتها والحوار حولها وتباين الرؤى في هذا الحوار، هو في الفترة الأخيرة الموضوع الأول والأخير في العالم العربي وفي المجتمع السعودي على وجه الخصوص. كل سؤال ينبع منه وكل جواب يطمح إلى أن يصب فيه. إنه في أساس ووعي الإنسان لدينا، ويكاد يستخدمه الرجل العادي أكثر من المثقف أو السياسي أو الطامح لأن يصبح واحدا منهم. إن الخطاب المشبع بالأفكار القديم منها والجديد يكاد يكون هو جوهر كل حديث لدينا. هذا الحديث الذي يبدأ في كل مرة بهدوء وبطرح رزين وينتهي في كل مرة أيضا بسيل من الشتائم وتبادل الاتهامات فيما بين أطرافه. بهذه الكيفية من الحوارات نجد أنفسنا نحن العوام في حرج من أمرنا، وقابعين في مواجهة حقيقية في الفهم الذي لا نملك أداوته. ليس فهم مضامين الحوارات المطروحة أمامنا ولكن فهم ماهية الحوار في أصله، وقيمة التباين ومعنى الاختلاف في الأفكار وتطابقها. لندرك في النهاية أنها كثيرة هي المفاهيم المغلوطة لدينا، والأكثر منها غلطا وتداخلاً وإثارة للجدل بيننا نحن العامّة هي المصطلحات التي لا نكاد نجيد التفريق بينها، ولم يتكرم علينا إلى الآن أحد مثقفينا العظام لتحديد جوانب الاختلاف والتشابه فيما بينها لنتمكن من استخدامها أو حتى فرزها بوضوح وبشكل جلي وبلا تباين يثير الكثير من الصخب واللغط فيما بيننا. من هنا كان من الحتمي أن نحاول نحن على قصور قدراتنا في البحث عن الفروق النوعية بين هذه المصطلحات ومدلولاتها. من ضمن هذه المصطلحات التي تتداخل في عقليتنا ولا نكاد نجد فوارق في المفاهيم التي تعنيها، مصطلحا الاختلاف والخلاف. الفارق الظاهري بينهما صغير ولا يكاد يشعر فيه، في حين أن الفارق في المعنى بينهما كبير وقاتل في أحايين كثيرة. فالاختلاف هو تباين الآراء وتعدّد وجهات النظر حول مسألة ما، أما الخلاف فهو الصراع فيما بين الأشخاص حول هذه الآراء ووجهات النظر التي تم الاختلاف حولها. الإشكالية أن هناك فرقا كبيرا فيما بين أن نختلف حول أمر أو مسألة ما، وما بين أن نتخالف ونتصارع فيها. ومن هنا كان الاختلاف مختلفا تماما عن الخلاف الذي نهى عنه الدين.
من خلال الطرح السابق يتعالى في الرأس سؤال ملح على العقل العربي: لماذا في الوقت الذي يفترض فيه أن لا نجد في اختلاف الرأي أو طريقة التفكير أو حتى الممارسة مع أي كان ومهما كان تباينها سوى زاوية رؤية مختلفة عنا، قد لا نحبها (وهذا طبيعي) وقد لا نستسيغها وأحيانا لا نستطيع التعايش معها إلا بتجاهلها لحديّة اختلافنا معها. ومع ذلك تبقى دائما هي الجانب الآخر لنا كبشر، الذين نحن بفطرتنا نبقى محدودي الرؤية ومحدودي القدرة على التفكير في الأشياء وفي كل ما يدور حولنا، إنها -أي زاوية الرؤية التي نختلف حولها- الضفة الأخرى من ممارسة الحياة وإنتاج الأفكار والرؤى والسلوكيات. نبقى نحن العرب غير قادرين على ممارستنا كسلوك في حياتنا اليومية مع أنه من المنطق ومن العدل أن نشعر بالامتنان لها وبالسعادة في وجودها بدلاً من الحقد عليها والكره لها وأحيانا الخوف الكبير منها على الرغم من كل سلميتها، وكل بوادر الأمل في مستقبل متنوع لمجتمع هو في أساس تركيبته مبني على التنوع، وليس التشابه كما يظن البعض ويروجون له؟!
برأيي أن الاختلاف هو ثقافة اجتماعية عامة تدخل ضمن تركيبة العقل ومنظومة التفكير التي يخلقها ومن ثم تعيد هي تأصيله، وليست مقتصرة على المعرفة. فكثيرة هي المعارف التي على الرغم من إدراكنا لها لا نستطيع تطبيقها، ومنها بالتأكيد القدرة على التعايش وحب الآخر على اختلافنا معه بالرأي أو طريقة الحياة. وبالنسبة لنا نحن العرب فنحن نعاني جانبين مهمين في هذه الإشكالية برأيي. أولهما هي عقليتنا القبلية الصدامية، والأخرى هي الطريقة التي سيستها هذه العقلية لجمع المكاسب الشخصية من خلال الحوار والنقاش والجدل الطوباوي القابع فيه. فالعقلية العربية هي قبلية تصادمية لا تؤمن سوى بهيمنة الفرد فكريا وجسديا ولا تؤمن بالاختلاف بين الأفراد حتى وإن ادعت العكس. في المقابل تبقى الطريقة العربية في الحوار هي محاولات للبحث عن القيمة الاجتماعية للمحاور وليست للبحث عن قيمة معرفية للحوار ذاته بالشكل الذي يأخذ معه هذا الحوار أبعاداً أسطورية ورمزية، ويصبح استعماله الرئيس على صعيد القيم والأخلاق لا على صعيد المفهوم التطبيقي والعلمي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.